- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
الغاز البحري الإسرائيلي يجتذب عمالقة شركات الطاقة الأجنبية
يعكس عرض الاستحواذ المشترك بين شركة "بي پي" والإمارات العربية المتحدة على شركة "نيوميد إنرجي" الإسرائيلية زيادة الطلب على غاز شرق البحر المتوسط والثقة بأن هناك المزيد الذي يمكن العثور عليه.
ربما يكون أفضل من لخَّص الاهتمام المتجدد بالاستثمار في موارد الطاقة البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط هو الرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون"، مايك ويرث، عندما قال للمستثمرين الشهر الماضي: "إنه مكسب رائع". وفي هذا الأسبوع، أقدمت الشركتان المنافستان لشركة "شيفرون"، شركة "بي پي" (BP) و"شركة بترول أبوظبي الوطنية" ("أدنوك")، على تقديم عرض للاستحواذ على 50 في المائة من شركة "نيوميد إنرجي" الإسرائيلية، غير أن شركة "ويرث" ستشارك عن كثب إذا تمت الصفقة.
في عام 2020، اشترت شركة "شيفرون" شركة "نوبل إنرجي" ومقرّها هيوستن، وبذلك استحوذت على حصة في حقل "ليفياثان" الإسرائيلي للغاز الطبيعي. وتمتلك شركة "نيوميد إنرجي" (المعروفة سابقاً باسم "ديليك دريلنغ") نسبة 45.3 في المائة من هذا الحقل - وهي الحصة الأكبر - في حين أصبحت حصة "شيفرون" 39.7 في المائة عندما تولت العمل كشركة مشغّلة.
عندما اشترت شركة "شيفرون" شركة "نوبل" لأول مرة، يُعتقد أنها تلقت رسالة سرية مفادها "لا اعتراض" من كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مالكة شركة "أدنوك". وكانت شركة "شيفرون، بالإضافة إلى شركة "بي پي" والشركات الكبرى الأخرى، تتجنب في الماضي التعامل مع إسرائيل خوفاً من تعريض أنشطتها في العالم العربي للخطر. ولكن في السنوات التي أعقبت صفقة "نوبل" مارست دول الخليج العربي مثل هذه الأعمال بنفسها - فقد استحوذ صندوق الاستثمار السيادي الإماراتي "مبادلة" على حصة 22 بالمائة في حقل "تمار"، حقل الغاز البحري الإسرائيلي الرئيسي الآخر، في حين زادت روابط إسرائيل مع المملكة العربية السعودية أيضاً (على الرغم من أنها لم تصبح بعد رسمية ومفتوحة).
إذا تم قبول عرض "نيوميد"، ستأتي شركة "بي پي" بخبرتها الاستكشافية الهائلة إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، الذي يُعتقد أنه يحتوي على المزيد من الاحتياطيات التي تنتظر اكتشافها. وخفّضت مؤخراً شركة "بي پي" من أهدافها المناخية وأعلنت التركيز من جديد على النفط والغاز. وتملك أبوظبي بعضاً من أكبر احتياطيات النفط في العالم وتعمل على التوسّع في إنتاج الغاز، الذي تملك منه احتياطيات تفوق بأضعاف الاحتياطي المصري وما تم اكتشافه في إسرئيل على حد سواء.
وتدور المحادثات حول الصفقة منذ شهور. ووفقاً لشركة "بلومبرغ"، تعرض الإعلان عن العرض للتهديد بالتأجيل بسبب الأزمة السياسية في إسرائيل، "إلا أن الشركات قررت المضي قدماً". وقدّر العرض قيمة أسهم "نيوميد" بسعر 12.05 شيكل، في حين بلغ سعر الإغلاق في اليوم السابق للإعلان 7 شيكل.
وفي غضون ذلك، أعلن الشركاء في حقل "ليفياثان" في وقت سابق من هذا الشهر أنهم سيعملون على زيادة الإنتاج والصادرات بحلول عام 2025، بطرق شملت مد خط أنابيب ثالث تحت سطح البحر من الحقل (يقع على بعد 128.7 كيلومتر غرب حيفا) إلى منصة الإنتاج حيث تتم معالجة الغاز (على بعد كيلومترات قليلة من ساحل إسرائيل). وبذلك، سيتم تصدير جزء من هذا الغاز إلى الأردن ومصر، وسيتم استخدام الجزء الآخر محلياً في إسرائيل. وتهدف الخطة على المدى الطويل إلى زيادة حجم حقل "ليفياثان" إلى الضعف تقريباً بحلول نهاية العقد.
وتتعرض الصادرات الإسرائيلية المتزايدة حالياً إلى العرقلة لأن مصر تستخدم الغاز الإسرائيلي محلياً فقط بدلاً من إعادة تصديره إلى الخارج. وتفضل القاهرة تسييل فائض الغاز المصري لتصديره عبر الناقلات، حيث اجتذبت هذه الشحنات أسعاراً عالية خلال الأزمة الأوكرانية. ويناقش الشركاء في حقل "ليفياثان" كيفية التغلب على هذا العائق. وتتمثل إحدى الأفكار في الاستثمار في سفينة تسييل عائمة باهظة الثمن ترسو قبالة الساحل الإسرائيلي يمكنها بعد ذلك تحميل الغاز الطبيعي المسال في ناقلات لتصديره إلى أي مكان في العالم. أما الخيار الآخر فهو بناء خط أنابيب تحت البحر إلى أوروبا، وفي هذا الشأن ذكرت مجموعة الطاقة الإيطالية "إديسون" الأسبوع الماضي أنها ستتخذ قراراً استثمارياً نهائياً بشأن هذا المشروع بحلول نهاية العام، على الرغم من أن الحكومة الأمريكية شككت مراراً وتكراراً في جدواه.
وفي حين أن عرض شركة "بي پي" وشركة "أدنوك" لشراء "نيوميد" يوحي بالثقة في مستقبل الطاقة في المنطقة، يجب على صانعي السياسات والمراقبين الآخرين أن يضعوا في اعتبارهم أن أفق الاستثمار النموذجي في مشاريع الطاقة - خاصة تلك الباهظة الثمن في أعماق البحار - سيمتد على مدى الأعوام العشرين القادمة، ولذلك يصعب توقع الطلب في المستقبل البعيد. وبالفعل، كان الكثيرون قبل الأزمة الأوكرانية متشككين بشأن الدور الذي سيؤديه الغاز في مجال إمدادات الطاقة العالمية حتى قبل عشر سنوات. وتمت إعادة تقييم هذه المهلة الزمنية، إلا أن الطلب سيبقى حتماً رهينة الثروات السياسية والاقتصادية. وفي النهاية، توضح هذه الشكوك والتحديات سبب توجه شركات الطاقة مثل شركة "بي پي" وشركة "أدنوك" إلى تقاسم المخاطر - ولماذا يجب أن تكون حكومة إسرائيل حذرة فيما يتعلق بقوانين الاستثمار الخاصة بها.
سايمون هندرسون هو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.