أطلقت "المقاومة" حملة تضليل منسقة، ومخادعة عن عمد ضد الولايات المتحدة في محاولة لتخفيف الضغط الناجم عن الاضطرابات في إيران.
وسط الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق في إيران، التي أشعل فتيلها مقتل مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق الإيرانية، تستغل وسائل الإعلام العراقية التابعة لـ "المقاومة" مقتل مراهقة عراقية لتخفيف الضغط عن نفسها.
واستُشهدت الشابة زينب عصام الخزعلي برصاصة طائشة أُطلقت من ميدان رماية للجيش العراقي في منطقة أبو غريب في بغداد. وتدّعي "المقاومة" أن المراهقة قُتلت على يد القوات الأمريكية، رغم أن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي أكّد أن قوات الأمن العراقية هي المسؤولة عن مقتل زينب عصام عن طريق الخطأ وأن القوات الأمريكية لا تنشط في تلك المنطقة.
وكانت قناة "صابرين نيوز" القناة الرئيسية وراء حملة التضليل. ففي ١٩ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٢، نشرت منشوراً جاء فيه: "القوات الامريكية تقتل طفلة عراقية تُدعى زينب عصام ماجد الخزعلي بمنطقة أبو غريب قرية البو علوان بعد إطلاق نار عشوائي من قاعدة فكتوريا التي تشهد تدريبات بالرصاص الحي بين الحين والآخر" (الشكل 1).
ثم نشرت قناة "صابرين نيوز" ملاحظات لرجلين تم التعريف بهما على أنهما من أقارب الضحية. ورويا ما حدث قائلَيْن إن الرصاصة جاءت من "ميدان الرماية بالمطار التابع لقيادة العمليات المشتركة". وأضافا أن سكان منطقتهما كانوا يشكون من الممارسات الخطرة لأولئك الذين يديرون ميدان الرماية التي أثرت على سبل عيشهم أيضاً. لكنهما لم يذكرا القوات الأمريكية ولو مرةً واحدة. وعلى الرغم من ذلك، نشرت "صابرين نيوز" تعليقاً على الفيديو جاء فيه ما يلي: "ذوي الطفلة المغدورة برصاص القوات الأمريكية ... يؤكدون تعرض الطفلة إلى رصاص عشوائي من معسكر المطار ..." (الشكل 2).
وكانت هذه بداية حملة التضليل المنسّقة المناهضة للولايات المتحدة بقيادة كبار قادة "المقاومة". ففي اليوم التالي، الموافق ٢٠ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٢، أصدر أمين عام "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي بياناً قال فيه، "نطالب بإجراء تحقيق فوري وعاجل، بحادثة استشهاد الشابة (زينب عصام) ذات الخمسة عشر ربيعاً، والتي استٌشهدت برصاص القوات الأمريكية، ونطالب الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بتقديم تقرير مفصل يُعرض للشعب العراقي، يشرح تداعيات هذه الحاثة الجبانة، وكيف لقاعدة عسكرية أن تتواجد على الأرض العراقية في مخالفة صريحة للدستور العراقي، وخرق فاضح للسيادة العراقية، وكيف تقوم بإطلاق نار حي بحجة التدريب [تدريب القوات العراقية] وسط الأحياء السكنية .... " (الشكل 3).
وأصدر عددٌ من رموز "المقاومة" بياناتٍ مماثلة ساهمت في انتشار الأخبار الكاذبة. وهذه المرة، اضطلعت قنوات "المقاومة" بتغطية واسعة للحادث ووجّهت أصابع الاتهام نحو القوات الأمريكية في مقتل زينب عصام. وأجرت "قناة العهد التلفزيونية" التابعة لـ «عصائب أهل الحق» مقابلةً مع والد الفقيدة قال فيها إنهم يشكون من ميدان الرماية منذ سنوات. كما قدّم تفاصيل عن الحادث الذي أدى إلى وفاة ابنته، لكنه لم يذكر القوات الأمريكية قط. ومع ذلك، نشرت "قناة العهد" المقابلة على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقاً على المقابلة على النحو التالي: "والد الشهيدة زينب عصام: ناشدنا بإبعاد الإطلاق الناري الصادر عن قاعدة فيكتوريا التابعة للاحتلال الأمريكي عن منازل المدنيين" (الشكل 4). وتكرر هذا النمط عبر قنوات تلفزيونية أخرى تابعة لميليشيات "المقاومة".
وبعد بدء الحملة، تم نشر العديد من رسائل "المقاومة" على مواقع التواصل الاجتماعي تقارن وفاة زينب عصام بوفاة مهسا أميني. فعلى سبيل المثال، نشر المتحدث باسم "كتلة صادقون" (الجناح السياسي لعناصر «عصائب أهل الحق») محمود الرُبيعي صوراً للشابَتين المتوفيتين في تغريدة قال فيها: "زينب العراقية قتلتها القوات الأمريكية، فسكت الجبناء وعجزوا عن الادانة ومواساة [عائلة المتوفية]. وتوفيت مهسا الإيرانية بجلطة دماغية فانتفض الذين أخرستهم الجريمة الأمريكية" (الشكل 5).
وتتابع وسائل الإعلام العراقية التطورات في إيران عن كثب. وكانت مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للصدريين متعاطفةً بشكلٍ خاص مع المحتجين، وانتقدت بشدة النظام الإيراني. وشعرت "المقاومة" بالضغط فاستخدمت الموت المأساوي لزينب عصام للتخفيف من وطأة هذا الضغط.