- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
«الحرس الثوري» الإيراني يُجري مناورات عسكرية "هجينة" مع تأرجُح المحادثات النووية
يكشف توقيت المناورات وأنواع الأنظمة والتكتيكات المعروضة لـ «الحرس الثوري» الإيراني الكثير عن رد إيران المحتمل على أي زيادة في الضغط الخارجي.
في 20 كانون الأول/ديسمبر، أعلن «الحرس الثوري» الإيراني عن بدء مناورة عسكرية "هجينة" مفاجئة مدتها خمسة أيام تُدعى "الرسول الأعظم 17"، مع قيام القوات الجوية والبرية والبحرية بمناورات على الشواطئ الشمالية للخليج العربي بدعم من "المنظمة الإلكترونية السيبرانية" الجديدة. فبعد مضي وقت قصير على مغادرة مجموعة "أي آر جي" (Amphibious Ready Group) التابعة لسفينة "يو أس أس أسكس" (USS Essex) المنطقة إلى خليج عدن، يبدو أن المناورة قد تم توقيتها للتأثير على المفاوضات النووية المتوقفة في فيينا والتحضير لتعطيلها المحتمل. وبهذا المعنى، ومن الناحية التكتيكية، تشبه المناورة مناورات "الرسول الأعظم 14" التي جرت في تموز/يوليو 2020 (والتي أُطلقت على نطاق واسع رداً على الأنشطة التخريبية في جميع أنحاء إيران) ومناورات "الرسول الأعظم 12 (التي تم إطلاقها في كانون الأول/ديسمبر 2018 بعد أن هددت إدارة ترامب بإيصال صادرات النفط الإيرانية إلى طريق مسدود)".
تجدر الإشارة إلى أن البيان الافتتاحي للمناورة ألقاه قائد "مقر خاتم الأنبياء المركزي"، اللواء غلام علي رشيد، بدلاً من الشخص الذي يتولى عادةً الافتتاح، وهو رئيس "هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة" اللواء محمد باقري. وقد يعني هذا التغيير أن إيران بدأت تأخذ احتمال نشوب نزاع مسلح على محمل الجد بما يكفي للمضي قدماً في الدخول في حرب، مع تولي "مقر خاتم الأنبياء المركزي" المتخصص بزمن الحرب المسؤوليات المتعلقة بالعمليات بدلاً من "هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة".
ومهما كان الأمر، تألفت أهداف مناورات "الرسول الأعظم 17" التي أعلن عنها رشيد من ثلاثة أجزاء هي: زيادة الاستعداد القتالي من خلال اختبار أسلحة وتكتيكات جديدة؛ ومحاكاة أحد "السيناريوهات الهجومية الأكثر تطوراً" لـ «الحرس الثوري» الإيراني ضمن إطار حربي هجين باستخدام أساليب حركية وغير حركية متداخلة؛ وتحسين "قوة الردع الذكية" الخاصة بإيران (أي من خلال الجدل بأن إسرائيل لن تهاجم إيران دون أن يتم إعطاءها ضوء أخضر من الولايات المتحدة، فقد ألمح إلى أن طهران ستحاسب واشنطن على أي عمل عسكري ضدها). وحتى الآن، أفادت بعض التقارير أن المناورة شملت هجمات منسقة متنوعة بالذخيرة الحية على أهداف بحرية وبرية باستخدام طائرات مسلحة بدون طيار، وصواريخ جوالة مضادة للسفن، وصواريخ باليستية أرض-أرض قصيرة المدى، وغواصين مسلحين بألغام ملتصقة مغناطيسية، وخليط من هجمات المركبات المدرعة والمروحيات، وجميعها مدعومة بشبكة متكاملة من الدفاع الجوي.
وتأتي المناورات على خلفية الخطاب الذي يزداد سوءاً بين إيران وإسرائيل، فضلاً عن الإدراك المتزايد بين الحكومات الغربية بأنه يتعين عليها فعل المزيد للتأثير على موقف طهران المتشدد على طاولة المفاوضات - بشكل أساسي من خلال إنشاء تهديد موثوق باستخدام القوة. ورداً على ذلك، يمكن توقُّع استفادة طهران من كافة أدواتها لردع دول المنطقة عن المشاركة في أي سيناريو عسكري محتمل، ورفع تكلفة أي ضربة عسكرية يمكن نسبها إلى مصدر ما ضد مواقعها النووية. وبالفعل، هدد خطاب رشيد بـ"تنفيذ هجمات مدمرة فورية ضد كافة المراكز والقواعد والطرق والمجالات الجوية المستخدَمة لشن غارات جوية وتنفيذها [ضد إيران]".
وتشمل الجوانب البارزة الأخرى لمناورات "الرسول الأعظم 17" ما يلي:
- استخدام التدابير الإلكترونية السلبية لتحديد مواقع الأهداف البحرية للهجمات بالصواريخ أو الطائرات بدون طيار من اتجاهات متعددة.
- اعتراض الممرات البحرية عبر نيران الإخماد باستخدام المدفعية والقذائف البعيدة المدى والصواريخ الجوالة التي يتم إطلاقها من الجزر والقوارب السريعة.
- الاستخدام الأول المعروف لصواريخ "فاتح" شبه الباليستية، التي دخلت الخدمة مؤخراً مع "القوة البحرية لـ «الحرس الثوري» الإيراني". وصواريخ "فاتح" هي نسخة مصغرة من عائلة "فاتح" القوية من الصواريخ الباليستية القصيرة المدى، ويُقدَّر أن مداها يتراوح بين 100 و150 كيلومتراً. ويمكن إطلاقها من عبوات أنبوبية، كما يمكن حمل ما يصل إلى ستة منها على شاحنة معدّة خصيصاً. وبالنسبة إلى المدى المطول، اختبر «الحرس الثوري» الإيراني القدرة على إطلاق صاروخ "فاتح" واحد من طائرة "سوخوي سو-22" الهجومية.
- استخدام الصواريخ الخارقة للدروع والمضادة للدبابات (مثل "دهلاوية") لمهاجمة أهداف بحرية صغيرة من مسافة قريبة (تصل إلى 3.5 كم).
- استخدام صواريخ جو-أرض من طراز "الماس" مع طائرات "مهاجر-6" الهجومية بدون طيار، بالإضافة إلى قنابل "قائم" المصغرة التي تم اختبارها في المعارك واستُخدمت على نطاق واسع في سوريا. وتوفر هذه الأسلحة الصغيرة الموجهة بدقة نطاقاً مزعوماً يبلغ ثمانية كيلومترات ضد الأهداف غير المحصنة الثابتة والمتحركة.
- الاستخدام الأوسع نطاقاً للمروحيات الهجومية ضد أهداف برية، رغم أن الجناح الجوي الخاص بـ"القوة البرية لـ «الحرس الثوري» الإيراني" يملك أسطولاً محدوداً للغاية من هذه الطائرات (تم الحصول على عدد قليل من طائرات "Bell AH-1J Cobras" التي تم تجديدها من طيران الجيش).
- الاستخدام الأول المعروف لخدمة دبابات "كرار" القتالية الرئيسية المغطاة بأغلفة لعزل الحرارة.
- نقل قاذفات صواريخ بعيدة المدى إلى الجزر النائية باستخدام البوارج، بهدف منع العدو من الوصول إلى الممرات البحرية.
- تكتيكات التجمع المعروفة جداً باستخدام حتى عدد أكبر من القوارب السريعة المسلحة بالقذائف والطوربيدات.
ونظراً لاستمرار حالة عدم اليقين بشأن المفاوضات النووية والتهديد المتزايد بالقيام بعمل عسكري ضد إيران، يمكن توقع قيام «الحرس الثوري» الإيراني والقوات الوكيلة بزيادة وتيرة أنشطتها العسكرية وشبه العسكرية في المنطقة كوسيلة لتعزيز الردع. وقد يزيد ذلك من تأزم الوضع في الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عُمان في الأسابيع المقبلة، مما يذكّر بأحداث عام 2019. وكما قال اللواء حسين سلامي بعد أن قصفت إيران "قاعدة عين الأسد الجوية" بالصواريخ في كانون الثاني/يناير 2020، قد يختار «الحرس الثوري» الإيراني "شن حرب من أجل منع نشوب حرب أكبر بكثير".
فرزين نديمي هو زميل مشارك في معهد واشنطن، ومتخصص في شؤون الأمن والدفاع المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج.