- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3791
الجهاد الأفغاني التالي؟ جهود "طالبان" لاحتواء "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان"
يناقش ثلاثة خبراء كيف تطورت قدرة فرع تنظيم "الدولة الإسلامية" على العمل على الصعيد العالمي بطريقة مثيرة للقلق منذ انسحاب التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
"في 28 أيلول/سبتمبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع أميرة جدون وأندرو ماينز و هارون زيلين. وجدون هي أستاذة مساعدة في "جامعة كليمسون" ومؤلفة مشاركة (مع ماينز) للكتاب الذي صدر عام 2023 بعنوان "تنظيم «الدولة الإسلامية» في أفغانستان وباكستان: التحالفات والمنافسات الاستراتيجية". وماينز هو أخصائي برامج في "مركز آسيا" في "المعهد الأمريكي للسلام". وزيلين هو زميل "ريتشارد بورو" في معهد واشنطن ومبتكر الخريطة التفاعلية للأنشطة العالمية المختارة لتنظيم "الدولة الإسلامية". وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهم".
أميرة جدون
منذ سيطرة حركة "طالبان" على أفغانستان في عام 2021، غيّر "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" أولوياته على صعيد الاستهداف، والتكتيكات، والتركيز الجغرافي، والنشاط الإعلامي، وجهود التواصل التي يبذلها على نطاق أوسع. وتساعد هذه التغييرات على فهم الكيفية التي تطور فيها الفرع الأفغاني لـ"تنظيم الدولة الإسلامية" مع مرور الوقت وكيفية تكيفه مع بيئته الجديدة. وعلى الرغم من التحديات المختلفة، بقي التنظيم صامداً، واستمر في ممارسة العنف، واستهداف الجهات الحكومية والمدنية، وتهديد الأمن الدولي، وتجنيد الأفراد في جميع أنحاء المنطقة. وكان اختياره الاستراتيجي للتحالفات والخصومات مع الجماعات المحلية أساسياً لبروزه الأولي وقدرته على تجاوز الخسائر ومعاودة الظهور بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عام 2021.
لقد مرت العمليات الإعلامية لـ "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" وسردياته بثلاث مراحل منذ ظهور التنظيم للمرة الأولى في عام 2015، مما يعكس أولوياته وبيئته المتغيرة. وركزت المرحلة الأولى (2015-2019) على المشاعر المناهضة لـ"طالبان" والسرديات الوردية عن الحياة في ظل ما يسمى بـ"الخلافة" في محاولة لتجنيد أتباع. وركزت المرحلة الثانية (2020-2021) على بث الخوف والتأكيد على عزم التنظيم على البقاء والصمود وسط خسائر كبيرة في الأراضي. أما المرحلة الحالية فهي حملة الدعاية والتواصل الأكثر شراسةً وتطوراً التي يقوم بها التنظيم حتى الآن، ولم يسبق لها مثيل من حيث الشكل والكمية وعدد اللغات المستخدمة فيها - وهي علامة مثيرة للقلق حول نية التنظيم الوصول إلى المجندين والمتعاطفين خارج منطقته المباشرة..
وفي الجنوب، شهدت باكستان تصاعداً في الإرهاب قادته الجماعة الجامعة "حركة طالبان باكستان"، ومن غير الواضح كيف سيرد "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" على ذلك. وتاريخياً، لم يستهدف التنظيم "حركة طالبان باكستان" في دعاياته، إلا أنه انتقد الحركة على خلفية انخراطها في مفاوضات مع الحكومة الباكستانية. وإذا أبرمت "حركة طالبان باكستان" صفقة مع إسلام آباد في المستقبل، فقد ينشق بعض مقاتليها وينضموا إلى "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان". وهناك أيضاً إمكانات كبيرة للتعاون بين "حركة طالبان باكستان" و"تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" في المبادرات الفردية عندما يكون ذلك مناسباً.
أندرو ماينز
يعمل "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" كحركة تمردية وقد وسع نطاق عملياته العنيفة منذ سيطرة "طالبان" على السلطة. وتشمل هذه العمليات ما يلي:
- شن حرب اقتصادية والسعي إلى عرقلة الخدمات التي تقدمها الدولة من خلال أعمال مثل مهاجمة وسائل نقل النفط وتدمير أبراج الكهرباء التي تخدم المراكز الحضرية.
- زيادة الهجمات ضد الرعايا الأجانب والمنظمات غير الحكومية وغيرها من عناصر الوجود الدولي في أفغانستان وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان.
- زيادة عمليات الاغتيال البارزة التي تستهدف حكام المقاطعات وكبار المنظرين والأفراد الذين لديهم حراسة أمنية مشددة.
- المشاركة في حرب العصابات الريفية للتنافس على المعاقل والمناطق الحيوية التي كان يعتبرها ملكاً له خلال ذروة سيطرته على الأراضي.
- تصعيد حرب المدن ضد الأهداف السهلة والصعبة في كابول والمدن الأخرى، مع توسيع نطاق الاستهداف الذي يعزز الأجندة الطائفية للتنظيم.
وعندما كان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حاضراً، قيّد النمو الأولي لـ"تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" وقلّص من قدراته التنظيمية بين عامَي 2015 و 2017. ولكن منذ انسحاب التحالف عام 2021، عاود التنظيم الظهور في مناطق عملياته السابقة وفي مناطق جديدة أيضاً على طول الحدود الشمالية والشرقية لأفغانستان. ويسعى الآن إلى تعزيز مكانته في المناطق الحدودية الرئيسية من أجل الاستفادة من تحالفاته في البلدان المجاورة، والسيطرة على قنوات الهجرة المحلية، وتسهيل التجنيد. واستخدم غالبية المقاتلين الأجانب الأمريكيين والأوروبيين الذين توجهوا إلى المنطقة الممر الشمالي الشرقي بين أفغانستان وباكستان للوصول إلى المشغلين المحليين والتنسيق معهم، ثم دخلوا أفغانستان من هناك. وبعبارة أخرى، لا يمكن الفصل بين أفغانستان وباكستان عند مناقشة الزيادة المستقبلية المحتملة في عدد المقاتلين الأجانب.
ومن جانبها، مرت حركة "طالبان" في البداية بفترة تكيف مع "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" بعد توليها السلطة في عام 2021. وفي أوائل عام 2023، كثفت عملياتها التي تستهدف القادة الرئيسيين في التنظيم، بما في ذلك كبار الأيديولوجيين والقيادة ذات المستوى الأدنى للخلايا المشاركة في الهجمات في المناطق الحضرية. ومع ذلك، تباطأ معدل هذه العمليات ضد تنظيم "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" منذ ذلك الحين، مما أثار الشكوك الدولية حول رغبة "طالبان" الحقيقية وقدرتها على إضعاف التنظيم.
والآن بعد أن أصبحت الخيارات الحركية للمجتمع الدولي ضد "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" مقيدة بعد انسحاب التحالف، ستتطلب مواجهة التنظيم دعم الشركاء والتنسيق على المستوى الإقليمي. وينبغي على السلطات أيضاً أن تكشف عن الفجوة بين خطاب التنظيم وأفعاله، واستغلال تغير قيادته في الوقت نفسه من خلال الاتصالات الاستراتيجية. وأخيراً، من الضروري التعامل مع المساعدات الإنسانية بحذر شديد، ليس كوسيلة لفرض عمليات مكافحة التنظيم، بل كوسيلة محتملة لحث السلطات المحلية على التصدي للنشاط الدولي الذي يمارسه التنظيم والتنافس على دعم السكان الرئيسيين المقصيين تحت حكم "طالبان".
هارون زيلين
يتبع "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" قائمة طويلة من التنظيمات الجهادية المنخرطة في أنشطة إرهابية، بما في ذلك "الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر"، وتنظيم "القاعدة"، وتنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، و"حركة الشباب"، وتنظيم "الدولة الإسلامية". ولكن على عكس الجماعات التي اعتمدت على ملاذات آمنة مستقرة لكسب الوقت والمجال للتدريب والتخطيط، أصبح "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" أكثر ضعفاً في أفغانستان خلال العام الماضي - بينما قام، وللمفارقة، بتوسيع قدرته على العمليات الخارجية. وفي الواقع، تبقى أفغانستان تحت حكم طالبان بكونها الناقل الرئيسي للعمليات الجهادية في الخارج.
واتبع "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" نهجاً ذا شقين على الصعيد العالمي: (1) مواصلة حملته الدعائية الواسعة النطاق، و (2) تشكيل مصدر إلهام لشن هجمات في الخارج و/أو التخطيط لها و/أو توجيهها و/أو تنفيذها. وأنتجت بنيته الإعلامية المستقلة من خلال مؤسسة "العظيم" الإعلامية التابعة له، محتوى متعدد اللغات، بما في ذلك مواد تنتقد "طالبان" والدول المجاورة، وحكومات الشرق الأوسط، وروسيا، والصين، وأوروبا، والولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، زاد التنظيم من معدل هجماته الخارجية في ظل حكم طالبان، بما في ذلك الهجمات المستمرة عبر الحدود إلى داخل باكستان، والهجمات الصاروخية على طاجيكستان وأوزبكستان، وادعاءات المسؤولية عن الهجمات في جزر المالديف وإيران.
ومنذ عام 2015، أحبطت سلطات إنفاذ القانون الأجنبية ما لا يقل عن ستة عشر مخططاً لـ"تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان": ثلاثة في الهند، وأربعة في إيران، وثلاثة في ألمانيا، وواحدة في جزر المالديف، وواحدة في باكستان، وواحدة في قطر، وثلاثة في تركيا. وكان 12 مخططاً منها بعد استيلاء "طالبان" على السلطة: خمسة في عام 2022 وسبعة حتى الآن في عام 2023. وتشير هذه البيانات إلى أن جهود طالبان التي تصنفها هذه الحركة كـ "مكافحة الإرهاب" تقتصر على الاحتياجات الأمنية المحلية ولا تشمل مساعدة البلدان الأخرى التي يستهدفها "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان". ولو لم تحبط السلطات الأجنبية هذا العدد الكبير من المؤامرات، لكان المجتمع الدولي على الأرجح سيمارس المزيد من الضغوط على حركة "طالبان" على خلفية سماحها للتنظيم بتنفيذ عمليات إرهابية واسعة النطاق أو التحريض عليها انطلاقاً من أراضيها.
والجدير بالذكر أن المواطنين الطاجيكيين شاركوا في العديد من الهجمات الخارجية التي قام بها "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" وعمليات أخرى في ألمانيا، وإيران، وتركيا. ويشبه هذا الوضع الحركة الجهادية في تونس قبل ثورة عام 2011 في ذلك البلد، وهي حركة لم تتضمن سوى القليل جداً من النشاط المحلي، ولكنها شملت تجنيد واسع النطاق لمناطق الحرب الجهادية في الشرق الأوسط والخلايا اللوجستية في أوروبا. ينبغي أن يكون ذلك بمثابة تحذير لطاجيكستان، خاصة إذا تغيرت ظروفها السياسية في المستقبل.
تم إعداد هذا الملخص بواسطة كميل جابلونسكي.