- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
الجملة التي أُغفل الاهتمام بها أكثر من غيرها في خطاب نتنياهو
منذ أن وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلمته أمام الكونغرس الأمريكي في الثالث من آذار/مارس، ناقش النقاد والمؤيدون كل ما شمله الخطاب من استعارات وجناس وصولاً إلى مدى ملاءمة الإشارة إلى الناجي من المحرقة ("الهولوكوست") إيلي ويزل في الملاحظات الختامية لرئيس الوزراء. إلا أن الغالبية أغفلت ما قد يكون الكلمات الأربع (باللغة الإنكليزية) الأكثر أهمية التي أوردها نتنياهو.
السياق
لم يدِن نتنياهو استراتيجية التفاوض الأمريكية حول التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران فحسب، بل أنه هاجم أيضاً وبشدة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بشكل عام. فبعد الإشادة بالرئيس الأمريكي أوباما لاستجابته السريعة والفعّالة لسلسلة من نداءات المساعدة التي أطلقتها إسرائيل، تركز حديثه على تعليق مفصّل انتقد فيه إعطاء الولايات المتحدة الأولوية بشكل واضح للتهديد الذي يطرحه تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») وليس للتحدي الإيراني، وأيد الرأي السائد على نطاق واسع في المنطقة والقائل بأن واشنطن تركز على إيجاد أرضية مشتركة مع الخصوم أكثر من تركيزها على تشجيع الحلفاء التقليديين. وبالتالي، فقد كان هذا الخطاب، من قبل زعيم أجنبي من على منبر الكونغرس، حدثاً غير مسبوق.
وعندما تطرق أخيراً إلى المفاوضات مع إيران، عرض نتنياهو قضيته بشكل منهجي وبحماس. وفي أغلب الأحوال، أثار تساؤلات كان قد طرحها من قبل: لماذا تحولت السياسة الأمريكية من منع التخصيب الإيراني إلى إدارة البرنامج؟ وكيف يمكن للالتزامات الأمريكية بضمان تفكيك المنشآت الرئيسية أن تتحول إلى التزامات إيرانية بالحد من عملها فقط؟ وما الذي حدث لقضية تطوير الصواريخ الباليستية الإيرانية؟ هذه الأسئلة وغيرها لا تزال مهمة، وإلى حد كبير تبقى دون إجابات من قبل مؤيدي الاتفاق الناشئ.
حول التحذير من تجاوز العتبة النووية
خلال تطرقه إلى إحدى القضايا الرئيسية، ألمح نتنياهو، مع ذلك، إلى معركة تحليلية متفجرة قد تتطور قريباً بين أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية. وفي هذا الإطار، كانت الجملة الرئيسية: "لأن البرنامج النووي الإيراني سيُترك على ما هو عليه إلى حد كبير، فإن فترة تجاوز إيران للعتبة النووية ستكون قصيرة جداً، أي حوالي سنة وفق التقييم الأمريكي، وحتى أقصر من ذلك من وجهة نظر إسرائيل".
إن الحصول على فترة إنذار أمدها عام واحد حول جهود إيران لتجاوز العتبة النووية يُشكل محور الفكرة التي تقدمها إدارة أوباما في الدفاع عن الصفقة الناشئة. لكن إذا وضعنا جانباً التهديدات ("البديل هو الحرب") والتأكيدات ("هذا هو السبيل إلى نظام إيراني جديد تم إصلاحه وأكثر اعتدالاً) التي يقدمها مؤيدو الصفقة حتى الآن، نجد أن الادعاء بأن الاتفاق المحتمل يوفر فترة طويلة للولايات المتحدة والحلفاء للرد على تجاوز إيران للعتبة النووية يُشكل الفكرة الأكثر إقناعاً لصالح هذا الاتفاق.
تشير الكلمات الأربع الأخيرة (even shorter by Israel's أي - وحتى أقصر من ذلك من وجهة نظر إسرائيل) في جملة نتنياهو إلى أن وكالات الاستخبارات الإسرائيلية، وليس فقط رئيس الوزراء الإسرائيلي، تعارض هذا التقييم. وفي الواقع، في أعقاب الخطاب، أكدت محادثات مع مسؤولَين في شؤون الدفاع الإسرائيلية كانوا قد عملوا في هذه المؤسسات لفترة طويلة أن الاستخبارات الإسرائيلية تعارض بالفعل الادعاء القائل إن العناصر الجماعية للاتفاق المقترح ستوفر فترة إنذار لعام واحد، على الأقل وفقاً لما هو معروف حالياً عن هذه المفاوضات. وهي لم تتساءل فقط حول الكيفية التي يمكن بموجبها أن يتيقّن المحللون الأمريكيون من أن فترة الإنذار ستبقى على ما هي عليه في السنة الخامسة أو العاشرة للاتفاق، بل أنها اقترحت أيضاً أن إسرائيل تعتقد أن فترة الإنذار يمكن أن تكون أقل بكثير من تلك المزعومة حتى في بداية الاتفاق.
التداعيات
مما لا شك فيه أن جزءاً من هذا الخلاف قد يكمن في التعريفات، على سبيل المثال، عدم التوافق حول ما يشكل بالضبط تجاوزاً للعتبة النووية ومتى يبدأ احتساب الوقت بالضبط. إلا أن كلمات رئيس الوزراء الإسرائيلي تشير إلى أن خلافاً أكثر جوهرية قد يكون في مراحل النشوء بين الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية. وبالنسبة إلى إدارة أوباما، لن يكون هذا خبراً ساراً.
وبما أن المؤسسات الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل لم تظهر بصورة المشجع لسياسة رئيس الوزراء بشكل عام حول إيران، فلن يتم التغاضي بسهولة عن تحليلها لمسألة تجاوز العتبة النووية. وبدلاً من ذلك، من المرجح أن يُعطَى هذا التحليل مصداقية كبيرة في السياسة والأوساط السياسية الأمريكية. ومن وجهة نظر الإدارة الأمريكية، فإن نشوء نزاع مع الاستخبارات الإسرائيلية - إذا ما اختارت الخروج من الظل ولعب دور في هذا النقاش - يطرح مجموعة من التحديات تختلف جداً عن النزاع مع القادة السياسيين الإسرائيليين. وبالتالي، قد تشير هذه التطورات مجتمعة إلى أن فصلاً جديداً على وشك أن يُكتب في ملحمة الخلافات الأمريكية - الإسرائيلية حول الاتفاق النووي الناشىء مع إيران.
روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي لمعهد واشنطن.