الخيارات الجديدة للجهات الفاعلة في محور المقاومة في العراق (الجزء الأول): الهجمات على إسرائيل
تشير "حركة النجباء" إلى أنها كانت الجهة الفاعلة الرئيسية في شن ما يقارب من عشرين غارة على إسرائيل بعد أن أوقفت "المقاومة" هجماتها على القواعد الأمريكية في شباط/فبراير.
لقد تم إيلاء الكثير من الاهتمام للضربات المناهضة للتحالف التي نفذتها الميليشيات العراقية المدعومة من إيران في العراق وفي الدولتين المجاورتين سوريا والأردن. لكن هذه الجماعات شنت أيضاً حملة ضربات موازية ضد إسرائيل منذ اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
لقد كان التحقق من هذه الحوادث أكثر صعوبة بكثير، سواء عند الإطلاق أو عند الارتطام في إسرائيل أو في الطريق إليها. ووفقاً لإحصائيات "الأضواء الكاشفة للميليشيات"، أعلنت جماعات منضوية تحت راية "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن 40 هجوماً على إسرائيل منذ الحادث الأول من هذا القبيل، أي الضربة التي شنتها في 2 تشرين الثاني/نوفمبر ضد هدف غير محدد "في البحر الميت". وفي اليوم نفسه، تم تصوير صاروخ "كروز" إيراني الصنع من طراز "القدس" في الصحراء الأردنية بعد تحطمه أو اعتراضه. وفي واحدة من أحدث الهجمات، في الأول من نيسان/أبريل، تم إطلاق صاروخ "كروز" على ما يبدو من العراق باتجاه قاعدة بحرية في إيلات تحتفظ فيها إسرائيل بغواصاتها النووية.
T
الأهداف والأسلحة
تشكّل ضربات "المقاومة الإسلامية في العراق" على إسرائيل مجموعة فرعية خاصة في أداة تعقب الهجمات التابعة لـ"الأضواء الكاشفة للميليشيات" منذ البداية. فأهدافها غير محددة بشكل واضح في الكثير من الأحيان وتوصف بعبارات مثل "هدف عسكري"، أو "هدف حاسم"، أو "هدف استخباراتي". وفي المجمل، شملت الهجمات التي تبنتها جماعات المقاومة ستة عشر موقعاً، علماً أن المواقع التي تَكرر استهدافها هي إيلات (9 هجمات)، والجولان (7)، وحيفا (6)، ومطار بن غوريون (2). وفي شهر آذار/مارس، أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن هجمات على مجموعة واسعة جداً من الأهداف، بما في ذلك ما لا يقل عن سبعة مطارات صغيرة وقواعد جوية عسكرية في إسرائيل.
وكانت اللغة المستخدمة لوصف أنظمة الأسلحة أكثر غموضاً أيضاً من تلك المستخدمة في الضربات في العراق وسوريا، حيث ظهرت عبارة "أسلحة مناسبة (أو ملائمة)" في حوالي ربع الهجمات على إسرائيل. ففي حالة الضربات في العراق/سوريا، تزامنت هذه العبارة في الكثير من الأحيان مع استخدام أسلحة خاصة مثل صواريخ "الأقصى 1" الباليستية قصيرة المدى، أو الصواريخ المضادة للطائرات، أو صواريخ "كروز" من سلسلة "القدس". وفي مناسبتين، في 7 و 16 كانون الثاني/يناير، زعمت "المقاومة الإسلامية في العراق" أنها استخدمت صواريخ "كروز" "الأرقب" (من سلسلة "القدس") ضد إسرائيل (الشكل 1). واستُخدمت في حوالي ثلاثة أرباع الهجمات المزعومة ضد إسرائيل طائرات بدون طيار غير محددة. وظهرت الطائرات المسيّرة الهجومية أحادية الاتجاه "شاهد-101" "أكس تايل" في الصور المصاحبة، والتي تُظهر مزيجاً من عمليات الإطلاق الليلية والنهارية التي لا يمكن ربطها بشكل مؤكد بالضربات المزعومة.
وكما يشير "الجدول 1"، تأرجح عدد الهجمات، إلا أنه آخذ في الارتفاع بشكل عام. ففي النصف الثاني من شباط/فبراير، في أعقاب الضربات الرادعة الأمريكية الفعالة في العراق، أوقفت جماعات "المقاومة الإسلامية في العراق" على ما يبدو معظم عملياتها، لتعود وتستأنف هجماتها في آذار/مارس، ولكن ضد إسرائيل فقط.
هجوم 1 نيسان/أبريل على إيلات
يبدو أن ضربة الأول من نيسان/أبريل قد انطلقت من وسط أو جنوب العراق، وربما استُخدم فيها صاروخ "كروز" آخر من سلسلة "القدس"، الذي لوحظ مراراً وتكراراً إطلاقه من وسط العراق في الأشهر الأخيرة. ويجدر بالذكر أن "المقاومة الإسلامية في العراق" استخدمت عبارة "الأسلحة المناسبة" لهذه الضربة. ومن المرجح أن يكون الصاروخ قد اقترب من إسرائيل عبر مسار غير معروف جيداً، ربما على طول الحدود العراقية السعودية وعبر جنوب الأردن، مقترباً من إيلات من الشرق. ويبدو أن الهدف المحدد كان منشأة تابعة للبحرية الإسرائيلية حيث ترسو الطرادات وتتم صيانة الغواصات وفقاً لبعض التقارير.
وتفيد رسائل وسائل التواصل الاجتماعي أن ميليشيا "حركة حزب الله النجباء" تشير إلى مسؤوليتها عن هجوم إيلات وهجمات أخرى مماثلة. فغالباً ما يكون لدى "فريق إخوة جهاد"، وهو قناة على تلغرام تابعة لـ"حركة النجباء"، معلومات مسبقة و/أو حصرية حول هذه الهجمات. ومن المثير للاهتمام أن "صابرين نيوز"، التي تخضع بشكل متزايد لنفوذ ميليشيا "كتائب حزب الله"، توقفت عن النشر بشأن الهجمات بعد أن أعلن الأمين العام لـ"كتائب حزب الله" أبو حسين الحميداوي تعليق هجمات "المقاومة" في أواخر كانون الثاني/يناير.
بالإضافة إلى ذلك، فإن شخصيات نافذة مرتبطة بـ"المقاومة" حددت "حركة النجباء" على أنها الجماعة التي شنت هجوم إيلات. على سبيل المثال، نشر عباس شمس الدين، وهو مؤرخ وإعلامي مرتبط بـ"المقاومة"، على حسابه على موقع "إكس/تويتر" ما يلي: "(النجباء) أحرقوا إيلات بـ 3 طائرات مسيرة متطورة تجاوزت الرادارات والدفاعات الجوية الأردنية-الإسرائيلية ووصلت [إلى] الأهداف المحددة" (الشكل 2).
وبنظر "الأضواء الكاشفة للميليشيات"، فإن "حركة النجباء" و"كتائب سيد الشهداء" المصنفتان على قائمة الإرهاب الأمريكية، هما العضوان الأساسيان أو الوحيدان في "المقاومة الإسلامية في العراق" اللذان ما زالا يطلقان طائرات بدون طيار على إسرائيل منذ شباط/فبراير. ويؤكد هذا الترتيب مدى التزام "كتائب سيد الشهداء" بشكل رئيسي بأنشطة "المقاومة" العابرة للحدود الوطنية بدلاً من مراكمة السلطة المحلية في العراق، ومدى ارتباطها الوثيق بـ"الحرس الثوري الإسلامي الإيراني" الذي قدم منظومات للضربات بعيدة المدى. وفي 24 كانون الثاني/يناير، نشر زعيم "كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي (اسمه الحقيقي هاشم بنيان السراجي) بياناً أعلن فيه عن بدء المرحلة الثانية من عمليات "المقاومة" العراقية تضامناً مع حرب غزة. وأشارت عباراته إلى أن هذه العمليات ستركز على ضرب الموانئ الإسرائيلية والمرافق الاستراتيجية الأخرى عن بعد.