الخيارات الجديدة للجهات الفاعلة في محور المقاومة في العراق (الجزء الثاني): فتح جبهة الأردن
بينما يبدو أن "حركة النجباء" تقود الضربات على إسرائيل، تشير "كتائب حزب الله" إلى قيادتها المقصودة للأنشطة المزعزعة للاستقرار في الأردن، وهي قاعدة ذات أهمية متزايدة للقوات الأمريكية.
في الأول من نيسان/أبريل، ادعى أبو علي العسكري، المسؤول الأمني في ميليشيا "كتائب حزب الله" العراقية المدعومة من إيران، أن جماعته "أعدت عدتها لتجهيز [...] المقاومة الإسلامية في الأردن". وعلى وجه التحديد، أعلن أن "كتائب حزب الله" مستعدة لتزويد "12 ألف مقاتل بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقاذفات ضد الدروع والصواريخ التكتيكية وملايين الذخائر وأطنان من المتفجرات، لنكون يداً واحدة للدفاع عن إخوتنا الفلسطينيين، والثأر لأعراض المسلمين التي انتهكها أبناء القردة والخنازير [في إشارة إلى اليهود الإسرائيليين]". ووفقاً للعسكري، فإن التزكية من "حماس" و"حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" هي كل ما يحتاجه المقاتلون الأردنيون للحصول على هذه الأسلحة حتى "نبدأ أولاً بقطع الطريق البري الذي يصل إلى الكيان الصهيوني" (الشكل 1).
وتتناسب فكرة عزل إسرائيل من خلال الهجمات على الموانئ والمطارات والحدود مع البيان السابق الذي أصدره قائد "كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي (اسمه الحقيقي هاشم بنيان السراجي)، الذي أعلن عن مرحلة جديدة من انخراط "المقاومة" في حرب غزة. ويبدو أن هذه المرحلة تتضمن تصعيداً للميليشيات العراقية على جبهات أخرى. وفي اليوم نفسه الذي وجه فيه العسكري نداءه للمسلحين الأردنيين، أسقطت القوات الأمريكية المتمركزة في حامية التنف في سوريا طائرة بدون طيار هجومية أحادية الاتجاه - وهي أول ضربة على الأصول الأمريكية في سوريا منذ 4 شباط/فبراير. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن هذا الهجوم الذي يشبه الهجمات الأخرى بالطائرات المسيّرة التي نفذتها ميليشيات منضوية تحت راية "المقاومة الإسلامية في العراق" منذ بدء حرب غزة. وفي 1 نيسان/أبريل أيضاً، أفاد الجيش الإسرائيلي أن "جسماً طائراً أُطلق من شرق إسرائيل أصاب مبنى في إيلات". وأعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن ذلك الهجوم (انظر الجزء الأول من هذا التحليل).
"كتائب حزب الله" تحتاج إلى معترك جديد من "المقاومة"
في 30 كانون الثاني/يناير، أوقفت "كتائب حزب الله" هجماتها على الأصول الأمريكية في سوريا والعراق بعد أن قادت على ما يبدو ضربة أدت إلى مقتل ثلاثة أمريكيين في قاعدة "البرج 22" في الأردن قبل يومين. ويُزعم أنها أعلنت هذا الوقف لإطلاق النار لتجنب إحراج الحكومة العراقية التي تُعد "كتائب حزب الله" شريكاً فيها من خلال كتلة "حركة حقوق" التابعة لها. وفي هذا الإعلان، وعد الأمين العام لـ"كتائب حزب الله" أبو حسين الحميداوي، بما يلي: "سنبقى ندافع عن أهلنا في غزة بطرق أخرى، ونوصي مجاهدي "كتائب حزب الله" الأحرار الشجعان والمخلصين بالدفاع السلبي (مؤقتاً)" (الشكل 2). وقد تسبب قرار وقف الهجمات بإلحاق أضرار جسيمة بسمعة "كتائب حزب الله"، مما سمح لجماعات مثل "حركة حزب الله النجباء" بنسب الفضل إليها في الهجمات اللاحقة على إسرائيل، وتفاخرها بالتالي بمؤهلاتها كـ"مقاومة حقيقية" (انظر الجزء الأول). كما تكبدت "كتائب حزب الله" المزيد من الأضرار الفعلية يومَي 3 و7 شباط/فبراير، حيث كانت أكثر من تضرر من جراء الضربات الأمريكية رداً على ذلك وفقدت كبير قادة عملياتها، أبو باقر الساعدي.
ومن خلال الإعلان عن خطة جديدة لتسليح المقاتلين في الأردن، تحاول "كتائب حزب الله" بلا شك إعادة فرض نفسها كجهة فاعلة رئيسية في حرب غزة وإعادة تأكيد تعهد الحميداوي بالدفاع عن الفلسطينيين "بطرق أخرى". وهذا ليس أول بيان يصدر عن "كتائب حزب الله" بشأن توسيع العمليات الإقليمية هذا العام. ففي 9 كانون الثاني/يناير، صرّح المتحدث باسم "كتائب حزب الله" جعفر الحسيني أن الجماعة ستعمل مع شركاء متشددين في البحرين والمملكة العربية السعودية، وأنه يمكنها ضرب "أي نقطة يتواجد فيها الأمريكيون في غرب آسيا". ويؤكد ذلك دور "كتائب حزب الله" المحتمل كوكيل واجهة رئيسي لإيران في العالم العربي ومقره في العراق، مع توليه مسؤولية تنفيذ العمليات ضد أهداف أمريكية في دول الخليج وفي الأردن حالياً.
الأردن والضفة الغربية كجبهتين جديدتين
نظراً للعواقب بعيدة المدى لهذا التوسع، من غير المرجح أن تقوم "كتائب حزب الله" بتسليح المقاتلين في الأردن دون الحصول على ضوء أخضر من قائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإسلامي الإيراني". وفي هذه الحالة، يمكن اعتبار هذا القرار جزءاً من طموح طهران طويل المدى لتسليح المقاتلين في الضفة الغربية. ففي تموز/يوليو 2014، قال المرشد الأعلى علي خامنئي: "نعتقد أن الضفة الغربية، مثل غزة، يجب أن تكون مسلحة". ومؤخراً، نشر الموقع الرسمي لخامنئي مقابلة أُجريت في آب/أغسطس الماضي قال فيها قائد "الحرس الثوري الإسلامي الإيراني" حسين سلامي ما يلي: "تماماً كما تم تسليح غزة... يمكن تسليح الضفة الغربية، وهذه العملية تحدث". هناك طريقة واحدة فعالة لتسليح المقاتلين في الضفة الغربية، وهي عن طريق الأردن. وتجدر الإشارة إلى أن "كتائب حزب الله" تتمتع ببعض الخبرة في تدريب النشطاء العرب، وإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، وتزويدهم بالأسلحة، لا سيما في البحرين.
ولا شك أن "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإسلامي الإيراني" و"كتائب حزب الله" يراقبان الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الأردن خلال حرب غزة، وتفيد التقارير أن السلطات في عمّان تخشى "استيلاء «حماس» على السلطة". ويبدو أن إيران ووكلائها يرون في هذه الاحتجاجات فرصة محتملة لتوسيع نطاق الاضطرابات في المنطقة. وعلى الأقل، يعتقدون على الأرجح أن مجرد إصدار تهديدات ضد الأردن سيدفع المسؤولين الأمريكيين المعنيين إلى ممارسة المزيد من الضغط على إسرائيل، من ناحية إلغاء أي حملة مخطط لها في رفح وحجب المزيد من الهجمات على مصالح إيران ووكلائها في لبنان وسوريا.