- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3904
العمليات الخارجية التي ينفذها تنظيم "الدولة الإسلامية" لا تقتصر على فرعه في ولاية خراسان
مع أن التركيز مؤخرًا على المؤامرات التي ينفذها "تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" والمنبثقة من أفغانستان هو أمرٌ يمكن تفهّمه، تعمل فروع هذا التنظيم في "ولاياتٍ" أخرى أيضًا على تسريع عملياتها الخارجية وتنسيقها.
منذ بداية العام، ركزت جهود مكافحة الإرهاب وإنفاذ القانون على "تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان". وهذا الأمر ليس مفاجئًا بما أن الحكومات ربطت هذا الفرع بالهجمات والمخططات التي نٌفّذت مؤخرًا على نطاقٍ واسعٍ في إيران وتركيا وروسيا وأوروبا. إلا أن ولاياتٍ أخرى في الشبكة العالمية التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" متورطة أيضًا في التخطيط للعمليات الخارجية – ولو أنها لم تنجح في تنفيذها إلى أن وقعت حادثة إطلاق النار الجماعي في 15 تموز/يوليو على المصلين الشيعة في عُمان، وهو الهجوم الجهادي الأول الذي حدث في تاريخ ذلك البلد. ولهذا السبب، من المهم أكثر من أي وقتٍ مضى أن يفهم المرء أن تنظيم "الدولة الإسلامية" يتبع اليوم استراتيجية متعددة الجوانب لاستهداف أعدائه، وأن هذه الاستراتيجية يتم تنسيقها من خلال "المديرية العامة للولايات" - فلا تتبع "الولايات" الفردية أي استراتيجيات مستقلة.
في النصف الأول من عام 2024، نفّذ تنظيم "الدولة الإسلامية" ثماني مؤامرات وهجمات خارجية غير مرتبطة بفرعه في ولاية خراسان، وسبع عشرة عملية خارجية مرتبطة بهذا الفرع. وفي ما يتعلق بالهجمات الناجحة في إيران وتركيا وروسيا، كشفت الحكومات عن ارتباط "تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" بها، لكن تنظيم "الدولة الإسلامية" نفسه لم يعلن مسؤولية هذا الفرع عن أيٍ منها. فقد تم تصنيف الحادث التركي على أنه هجومٌ نفذه فرع "ولاية" تركيا. ومن بين المؤامرات غير المرتبطة بفرع ولاية خراسان، كانت ثلاثٌ منها مرتبطة بولاية تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق (وقد تم تنفيذ اثنتين منها في ألمانيا وواحدة في الكويت)، وكانت اثنتان من هذه المؤامرات مرتبطتين بولاية سوريا (في إسرائيل وفرنسا)، وكانت المؤامرات الأخرى مرتبطة بولايتَي الصومال وباكستان (في السويد والهند على التوالي). فنظرًا إلى تواتر تنفيذ هذه المؤامرات منذ كانون الثاني/يناير، يمكن توقع تنفيذ المزيد بحلول نهاية العام.
بالنسبة إلى هجوم عُمان، ما زال من المبكر جدًا معرفة كيف حدث أو كيف تم التخطيط له. لكنه كان مرتبطًا على الأرجح بـ"تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية اليمن". فمن عام 2017 إلى عام 2019، طلب قادة تنظيم "الدولة اإسلامية" في العراق وسوريا من فرع ولاية اليمن التخطيط لتنفيذ هجماتٍ في عُمان تستهدف سفارات الدول التي شاركت في التحالف العالمي المعني بمحاربة التنظيم في العراق وسوريا. ونأمل أن تكون الحكومة العُمانية شفافة في تحقيقاتها، وأن تتيح إمكانية الفهم الأفضل للشبكة الكامنة خلف الحادث، بينما تقدّم واشنطن أي مساعدة ضرورية بناءً على قدراتها القوية في مجال استخبارات الإشارات. وعلى أي حال، يمكن أن تساعد المؤامرات الفاشلة غير المرتبطة بـ"تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان" في تسليط الضوء على الخطط العالمية التي ينفذها تنظيم "الدولة الإسلامية".
العمليات الخارجية التي نفّذها "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق"
أحبطت السلطات الكويتية أولى هذه المؤامرات في أواخر كانون الثاني/يناير عندما عاد مواطنان من التدريب في العراق، حيث كلّفهما عميل كويتي تابع لتنظيم "الدولة الإسلامية" ويُدعى الشطري بتنفيذ هجومٍ داخل الوطن. فما إن وصلا إلى الكويت، قاما بتجنيد صديقين وبقيا على اتصالٍ بالشطري. وبعد استجواب الحكومة العراقية لأحد العناصر المعتقلين من تنظيم "الدولة الإسلامية"، تم إبلاغ الأجهزة الأمنية الكويتية بوجود هذا الرابط، فتمكنت من إحباط المؤامرة.
تم الكشف عن المؤامرتين الألمانيتين في منتصف أيار/مايو ومنتصف حزيران/يونيو. ففي الحالة الأولى، اعتُقل مواطن عراقي يُدعى نجم أ. م. في بلدة كاوفبويرن البافارية بتهمة الانتماء إلى تنظيم "الدولة الإسلامية". وكان قد انضم إلى التنظيم في العراق قبل كانون الأول/ديسمبر 2016 وعمل في "قوات الشرطة" التابعة له عندما كانت تسيطر على الأراضي هناك. وبعد دخوله ألمانيا في أوائل عام 2023، حافظ على علاقاته مع "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق" وكان مستعدًا لتنفيذ العمليات نيابةً عنه. ففي ذلك الخريف، تلقّى 2,500 دولار من المجموعة، وهو مبلغٌ مرتبطٌ على الأرجح بمؤامرة الهجوم الذي أحبطته في النهاية أجهزة الأمن الألمانية.
في الحالة الثانية، تم القبض على عراقيٍ اسمه "محمود أ." في بلدة إسلينغن جنوب شرق شتوتغارت بتهمة التخطيط لتنفيذ هجمات تنظيم "الدولة الإسلامية" في ألمانيا. فقد انضم إلى التنظيم في العراق في أيار/مايو 2016 بينما كان هذا التنظيم يسيطر على الأراضي هناك، كما أنه قاتل نيابةً عنه. ووصل إلى ألمانيا في تشرين الأول/أكتوبر 2022 حيث انتظر الأوامر لتنفيذ الهجمات، لكن السلطات المحلية ألقت القبض عليه قبل أن يتمكن من تطبيق أي خطط.
العمليات الخارجية التي نفّذها "تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا"
تم الكشف في أواخر شباط/فبراير عن أول عملية فاشلة مرتبطة بولاية تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا هذا العام، عندما اعتقلت أجهزة الأمن الإسرائيلية أربعة فلسطينيين بتهمة تصنيع نحو مئة عبوة ناسفة. فقد قام مراد مرقطان، الذي كان يترأس الخلية، بتصنيع المتفجرات باستخدام الإرشادات عبر الإنترنت بالإضافة إلى التعليمات التي تلقّاها من عملاء تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا. كما كانت الخلية تمتلك بنادق هجومية ومدافع رشاشة، وكانت تخطط لمهاجمة القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
في أواخر شهر أيار/مايو، أُلقي القبض على مواطن روسي يبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا من الشيشان بتهمة التخطيط لمهاجمة ملعبٍ في مدينة سانت إتيان الفرنسية أثناء الألعاب الأولمبية. وكان قد تواصل عبر الإنترنت مع عميل شيشاني من تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا وراقب الملعب قبل اعتقاله.
العمليات الخارجية التي نفّذها "تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال وباكستان"
تم الكشف عن مؤامرتين إضافيتين لتنظيم "الدولة الإسلامية" هذا العام في السويد والهند. ففي أوائل آذار/مارس، أُلقي القبض على أربعة أشخاصٍ في ستوكهولم بسبب حيازة الأسلحة، وتم اتهامهم بالتحضير لتنفيذ هجومٍ إرهابيٍ غير محدد. ووفقًا للشرطة السويدية، كان المشتبه بهم على اتصالٍ بولاية تنظيم "الدولة الإسلامية" في الصومال.
في أواخر شهر أيار/مايو، أُلقي القبض على أربعة مواطنين سريلانكيين في "مطار سردار فالابهبهاي باتل الدولي" في مدينة أحمد آباد الهندية، بعد سفرهم إلى هناك من كولومبو. ووفقًا للمحققين المحليين، كانوا على اتصالٍ بموجّهي تنظيم "الدولة الإسلامية" من باكستان الذين دفعوهم إلى استهداف المواقع اليهودية والزعماء الهندوس في الهند؛ كما أنهم تلقّوا تعليماتٍ باستعادة ثلاثة مسدسات مخبأة في حي نانا شيلودا في أحمد آباد.
مستقبل العمليات الخارجية التي ينفّذها تنظيم "الدولة الإسلامية"
توضح كل هذه الحالات والهجوم الذي وقع في عُمان أن العمليات الخارجية التي ينفّذها تنظيم "الدولة الإسلامية" يجب أن تُفهَم بمعناها العالمي الذي يعبر مختلف ولايات التنظيم، وليس بشكلٍ منفصلٍ كما كان يحدث في السابق. فقد ولّت الأيام التي كان فيها تنظيم "الدولة الإسلامية" يخطط للعمليات الخارجية من العراق وسوريا فحسب (ومن ليبيا بدرجة أدنى). وفي الواقع، تساعد "المديرية العامة للولايات" التابعة له في تنسيق حملة العمليات الخارجية هذه عبر مختلف فروعه؛ لذلك، يبدو الآن أن المؤامرات تحدث على مستوًى يشمل الولايات كلها. وتوفر هذه الاستراتيجية بدورها المزيد من المرونة لتنظيم "الدولة الإسلامية" ككل، لأنه قادر على مواصلة العمل في الخارج حتى لو واجهت فروعه الفردية تحدياتٍ منفصلةٍ تتعلق بإنفاذ القانون أو المجال العسكري.
بناءً على ذلك، يتعيّن على الحكومة الأمريكية زيادة الميزانيات والعناصر التي توفرها للذين يتعقبون الأهداف العالمية الخاصة بتنظيم "الدولة الإسلامية" ويحاولون إحباطها. فمن الأفضل أن تزيد استثماراتها الآن بدلًا من أن تنتظر حدوث أزمة مستقبلية ستتطلب القيام بالمزيد من الاستثمارات. وسيسمح التحرك السريع للحكومة بتحقيق التوازن مع الأولويات الأخرى المتعلقة بالأمن القومي مثل الصين وروسيا والصراع بين "حماس" وإسرائيل. كما يتعيّن على المسؤولين أن يبحثوا عن سبلٍ تتيح تحسين إدارة موارد الوكالات اللازمة لتحقيق هذه المساعي أو زيادتها، وذلك عبر تحقيق توازنٍ أكثر فعالية بين نقص الموارد في حقبة ما قبل الحادي عشر من أيلول/سبتمبر وزيادة الموارد في حقبة ما بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. وينبغي أن تستند هذه العملية إلى الدروس المستفادة حول ما هو ضروري، من دون التسبب في تدهور القدرات.
أما بالنسبة إلى سلطنة عُمان، فقد يكون الهجوم الذي وقع هذا الشهر حالة شاذة، وبالتالي لا ينبغي أن يغير الطريقة التي تنظر بها الولايات المتحدة إلى سياساتها الحالية تجاه تنظيم "الدولة الإسلامية". فلا تكثر الحالات الماضية التي تورطت فيها عُمان في الأعمال الجهادية على مدى العقود الثلاثة الماضية، وربما لا ينذر هذا الهجوم بحدوث المزيد من الهجمات في المستقبل. إلا أن هذا الحادث يسلط الضوء على الجهود المستمرة التي يبذلها التنظيم لتدبير المؤامرات في أماكن تبدو خارج مناطق عمله الطبيعية، وبالتالي لمفاجأة السلطات عندما ينجح في تنفيذ الهجمات هناك (مثل تفجيرات سريلانكا قبل بضع سنوات).
بالنسبة إلى الحكومة الأمريكية، يوضح هجوم عُمان أنه على الرغم من أهمية التهديد الناتج عن العمليات الخارجية التي ينفّذها "تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان"، ينبغي تكريس المزيد من الاهتمام للمؤامرات التي تدبرها كامل الشبكة العالمية التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية"، بما في ذلك كيفية ترابط هذه المؤامرات. فإذا ركزت واشنطن على ولاية واحدة فحسب على حساب الولايات الأخرى - أو لم تأخذ في الاعتبار التنسيق بينها من خلال "المديرية العامة للولايات" - سوف تفوتها عدة إشارات رئيسية.
نظرًا إلى الطريقة التي أعاد بها تنظيم "الدولة الإسلامية" تنظيم عملياته الخارجية على مدى السنوات الخمس الماضية، يشكل اجتماع "التحالف الدولي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية" هذا الخريف مكانًا مثاليًا لمعالجة هذه القضية، حتى تتمكن دول التحالف من تنسيق جهودها بشكلٍ أفضل مع واشنطن وسد أي فجوات استخباراتية. فيساعد ذلك على توسيع نطاق تركيز التحالف ليتجاوز مستقبل "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا" (الذي ما زال مهمًا)، ويتناول التهديدات الأحدث والأكثر إلحاحًا التي تنشأ من "ولاياتٍ" أبعد. كما توفر اجتماعات التحالف فرصةً لواشنطن من أجل الضغط على دولٍ أخرى حتى تحذو حذو وزارة الخزانة الأمريكية في إدراج عملاء تنظيم "الدولة الإسلامية" وميسّريه حول العالم على لائحة الإرهاب.
من المهم اتخاذ إجراءاتٍ فوريةٍ لأن التحدي يزداد صعوبةً. فاليوم، لا تستطيع الولايات المتحدة وشركاؤها في التحالف ممارسة القدر نفسه من النفوذ في بعض الساحات مثلما تمارسه في العراق وسوريا، وذلك بسبب الخصوم الذين يسيطرون على مجال مكافحة الإرهاب، مثل روسيا في منطقة الساحل أو حركة "طالبان" في أفغانستان. لذلك، على واضعي السياسات أن يدركوا أن المخاطر الأكبر سوف تنشأ بسبب المنافسة مع تلك الجهات وغيرها في مرحلة العمليات المقبلة المنفّذة لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية".
الدكتور هارون ي. زيلين هو زميل أقدم في برنامج الزمالة "غلوريا وكين ليفي" في "برنامج جانيت وايلي راينهارد لمكافحة الإرهاب والاستخبارات" في معهد واشنطن، حيث يتركز بحثه على الجماعات الجهادية العربية السنية في شمال أفريقيا وسوريا، وعلى نزعة المقاتلين الأجانب والجهادية الإلكترونية عبر الإنترنت.