"المقاومة" العراقية تركز مزاعم هجماتها على قواعد أمريكية في سوريا
في الأسابيع الستة الماضية، أبلغت "المقاومة" العراقية عن هجمات مزعومة على قواعد أمريكية في سوريا وحقول نفط في محيط دير الزور. وبينما أفادت قنوات الميليشيات سابقاً عن وقوع هجمات عرضية على مواقع سورية، إلا أن مثل هذه التقارير كانت نادرة نسبياً قبل تموز/يوليو 2010.
شهدت الأسابيع الأخيرة اهتماماً متزايداً في أوساط المجال الإعلامي التابعة لـ "المقاومة" بالقواعد العسكرية الأمريكية في شرق سوريا. فقد بدأت قنوات "تلغرام" وحسابات على موقع "تويتر" مرتبطة بجماعات الميليشيات في الإبلاغ عن هجمات مزعومة على قواعد قرب الحسكة وحقول نفطية في محيط دير الزور. وغالباً ما يكون التقرير مصحوباً بصور ومقاطع فيديو (يتم التقاطها بشكل عام من بعيد ومن المحتمل أنه قد تم إرسالها من قبل المتعاطفين مع الميليشيات).
كما أن القنوات التابعة للميليشيات نسبت لنفسها [بعض] الهجمات بصراحة أكبر. وتم إدراج الهجمات المزعومة على مواقع أمريكية في "الشدادي"، وحقول النفط "عمر"، وحقول النفط "كونوكو" في مواقع "التجميع"، والتي تلخص كافة هجمات "المقاومة" العراقية المنفذة في تموز/يوليو، إلى جانب المزيد من الهجمات النموذجية على "قاعدة الأسد الجوية" ومواقع في بغداد (22 تموز/يوليو 2021).
وبينما أفادت قنوات الميليشيات سابقاً عن وقوع هجمات عرضية على مواقع سورية، إلا أن مثل هذه التقارير كانت نادرة نسبياً قبل تموز/يوليو 2010. ولكن منذ منتصف حزيران/يونيو، أبلغ المروّجون عن ستة أحداث منفصلة على الأقل (جميعها في عام 2021):
21 حزيران/يونيو: هجوم صاروخي على "قاعدة الشدادي"، خبر تناقلته القنوات التابعة لجميع الفصائل الرئيسية لـ "المقاومة".
28 حزيران/يونيو: هجوم صاروخي على دير الزور. خبر تناقلته القنوات التابعة لكافة الفصائل الرئيسية لـ "المقاومة". كما نشرت "صابرين نيوز" وقنوات رئيسية أخرى صوراً ومقاطع فيديو تزعم أنها تظهر لحظة إطلاق الصاروخ. (الشكل 1)
4 تموز/يوليو: هجوم صاروخي على قاعدة أمريكية في دير الزور.
7 تموز/يوليو: هجوم بطائرة بدون طيار على قاعدة أمريكية في دير الزور. خبر نقلته "صابرين نيوز" عند الساعة 12.56 بعد الظهر (بتوقيت العراق).
11 تموز/يوليو: هجوم صاروخي على حقل نفط "كونوكو" في دير الزور. (الشكل 2) أصدرت قناة واحدة على الأقل من قنوات "المقاومة" بياناً تبنت فيه الهجوم على أنه هجوم خاص بها.
- 13 تموز/يوليو: هجوم صاروخي على حقل "العمر" النفطي. خبر نقلته "صابرين نيوز" أولاً عند الساعة 15.14 بعد الظهر (بتوقيت العراق).
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت بعض القنوات اهتماماً متزايداً بدخول مركبات نقل البضائع الثقيلة وخروجها من وإلى مواقع حددتها "المقاومة" على أنها تابعة للقوات الأمريكية في شمال شرق سوريا. أما المنشورات المتعلقة بالهجمات على سوريا فتقوم بنشرها قنوات وحسابات تابعة لكافة ميليشيات "المقاومة" العراقية الرئيسية، بما فيها "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" و«منظمة بدر» و"حركة حزب الله النجباء". ومن بين هذه الحسابات، تُعتبر تلك التي تبدو مرتبطة بـ «حركة النجباء» الأكثر نشاطاً بشكل خاص في الإبلاغ عن الهجمات على مواقع سورية.
وتزامن التصعيد المزعوم في الهجمات على مواقع أمريكية في سوريا مع تصعيد "المقاومة" العراقية لهجماتها على نقاط تواجد القوات الأمريكية في العراق. وجاء هذا التصعيد رداً على الضربات الجوية الأمريكية على مواقع «كتائب حزب الله» و«كتائب سيد الشهداء» في 28 حزيران/يونيو. ومن الواضح من أسلوب تغطية هذه الهجمات أن دعاة "المقاومة" يعتقدون أن الهجمات في سوريا هي من عمليات ميليشيات "المقاومة".
ومن الممكن أن تمثل هذه الزيادة في الهجمات أكثر من تصعيد مؤقت لـ "المقاومة" العراقية ضد التحالف التي تقوده الولايات المتحدة والذي يمتد ببساطة عبر الحدود إلى سوريا. ففي 28 حزيران/يونيو، وفي أعقاب الضربات الجوية الأمريكية في العراق وسوريا، نشر المسؤول الأمني في «كتائب حزب الله» أبو علي العسكري بياناً أدان فيه الضربة الأمريكية. وقال في البيان:
"ليعلم الاحتلال أن العراق لديه رجال أولو باس شديد وهو أوليا دم كل عراقي مظلوم. على الإخوة المجاهدين المقاومين الشجعان العمل على كسر شوكة هذا الطاغي المتكبر وتمريغ أنفه بالتراب، وذلك بزيادة وتيرة العمليات الجهادية ورفع عيار الضربات باستمرار وتركيز على المفاصل الخفية في قواعد ومقرات العدو."
ويبدو أن هذا البيان كان نذير توسّع نطاق (حتى لو كان مؤقتاً) ووتيرة هجمات "المقاومة". وتشير الزيادة في عدد الهجمات - والتركيز الإعلامي - على شرق سوريا إلى أن هذا التوسّع شمل جهوداً أكبر استهدفت الولايات المتحدة خارج حدود العراق.
وفي 27 تموز/يوليو، ذهبت «كتائب حزب الله» أبعد من ذلك في إظهار دور لها في الهجمات في سوريا. ففي مقابلة مع قناة "بي بي سي"، أكّد جعفر الحسيني - متحدث آخر باسم «الكتائب» - أن الميليشيات العراقية هاجمت قواعد أمريكية في حقل "العمر" النفطي و"التنف". وصرّح قائلاً:
"جهد وتركيز الفصائل لا ينصب على ما موجود في الأراضي العراقية. إننا ننظر إلى مسألة مهمة جداً [وهي] إخراج كامل القوات الأمريكية من منطقة غرب آسيا... أي قاعدة [عسكرية] في أي بلد كان، عربي أو غير عربي، يمكن أن يستخدمها الأمريكيون... لتنفيذ ضربات داخل العراق يمكن استهدافها [من قبلنا]".
وإذا ما تُرجمت هذه الأقوال إلى أفعال، فهذا يعني أن الميليشيات العراقية - التي هي رسمياً جزء من الدولة العراقية من خلال «قوات الحشد الشعبي» - تواصل السفر إلى سوريا دون إذن من سلسلة القيادة القانونية، وما أن تصل إلى هناك، تنفذ هجمات على قوات دولة شريكة.
وبالطبع، يتمتع «الحرس الثوري الإسلامي الإيراني» بحرية أكبر في التحرك في شرق سوريا مما يتمتع به في العراق، ويبدو أنه ملتزم بالحفاظ على تواجده في "مخيم الإمام علي" على الجانب السوري من الحدود العراقية - السورية، عبر نهر الفرات مباشرة قبالة العديد من المواقع الأمريكية المستهدفة. وقد تؤدي زيادة الضغط على الوجود الأمريكي في سوريا إما من خلال ميليشياتها العراقية الوكيلة - أو استخدام وكلائها كواجهة لنشاط «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإيراني» - إلى خدمة المصالح الاستراتيجية لجمهورية إيران الإسلامية في هذا الوقت.