في الآونة الأخيرة، بدأ يتسع الانقسام بين المقاومة العراقية و«حشد العتبات» الموالي للسيستاني. فقد أعرب الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي عن مخاوفه من التهديدات التي تواجهها المقاومة وخاطب جماهير «الحشد الشعبي» وطلب منهم أن يكونوا مستعدين للدفاع عن «حشدهم» إذا تطورت الأمور وأصبح الوضع حرجاً.
تشعر المقاومة العراقية بالعزلة والتهديد على نحو متزايد. فالانقسام بين المقاومة و«حشد العتبات» الموالي للسيستاني آخذٌ في الاتساع. ففي 17 حزيران/يونيو، عقدت مؤسسة مرقد العباس، التي تشرف على "فرقة العباس القتالية"، مؤتمراً في كربلاء بمناسبة الذكرى السنوية للفتوى الصادرة عن السيستاني بمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية». وألقى ممثل السيستاني، أحمد الصافي، كلمةً في الحدث (الشكل 1)، لكنه لم يذكر في خطابه قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، الأمر الذي أغضب العناصر داخل المقاومة.
وقام حسابٌ مؤثر تابع للمقاومة على موقع "تويتر"، يدعى "ابن السكيت"، بانتقاد الصافي بشدة في منشور انتهى بهاشتاغ "الكراهية الرجعية" (الشكل 2). وفي حين حضر ممثلون عن "قوات الأمن العراقية"، ومن بينهم المتحدث باسم "قيادة العمليات المشتركة العراقية" تحسين الخفاجي، إلّا أنه لم يشاهَد أي عنصر من «هيئة الحشد الشعبي» في هذا الحدث. وفي اليوم التالي عقدت «الهيئة» حدثاً مماثلاً، ولم يكن أحدٌ من «حشد العتبات» حاضراً هذه المرة.
وتتدهور علاقة المقاومة بمؤسسات الأضرحة التابعة للسيستاني. ففي 19 حزيران/يونيو، انتقدت صابرين نيوز وزارة الزراعة على منح "مؤسسة العتبة العباسية" إذناً خاصاً لاستيراد لحوم الدواجن، في حين تمنع الحكومة رجال الأعمال العاملين في الصناعات الغذائية في سوق «جميلة» من استيراد الدواجن". وهذا في الواقع هجومٌ على "مؤسسة العتبة العباسية".
وتمتد الخلافات إلى أمور أكثر خطورة أيضاً. فقد كان من المفترض أن تنظّم «هيئة الحشد الشعبي» استعراضاً كبيراً في 14 حزيران/يونيو للاحتفال بالذكرى السنوية للفتوى. وعلى مدى أسابيع، روّجت حسابات المقاومة للحدث من خلال نشر عشرات المقاطع التي تظهر الاستعدادات لهذا الحدث الكبير (الشكل 3). لكن الاستعراض تأجّل ولم يتم بعد تحديد موعد آخر لإجرائه. وقالت مصادر مطّلعة على الأمر لـ "ميليشيا سبوتلايت" إن مكتب السيستاني غير راضٍ عن الاستعراض لأن «قوات الحشد الشعبي» لم تطلب الإذن من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي.
ويبدو أن ذلك أحد عواقب الأعمال السافرة الأخيرة التي أقدمت عليها المقاومة، مثل حصار "المنطقة الدولية" (المعروفة بـ "المنطقة الخضراء") في أيار/مايو 2021 بعد اعتقال قاسم مصلح، قائد محافظة الأنبار في «قوات الحشد الشعبي»، واستعراض «ربع الله» التابعة لـ «كتائب حزب الله» في آذار/مارس 2021 الذي اعتُبر استعراضاً للقوة لتقويض رئيس الوزراء الحالي.
ومن شأن هذه التحركات أن تعزل هذه الفصائل. وفي حالة قاسم مصلح، حاولت المقاومة جاهدةً تصوير نفسها على أنها المنتصر، لكن الميليشيات خرجت متضررة. وكان حصار المحيط الخارجي لـ "المنطقة الدولية" علامة ظاهرة وواضحة أخرى على الامتداد المفرط في نطاق سيطرة المقاومة. وهذا بدوره جعل من الصعب على السيستاني التزام الصمت بشأن أعمال «قوات الحشد الشعبي» التي لا تحترم تسلسل القيادة في العراق. وتخشى المقاومة من الرفض الصريح للسيستاني، وهذا النوع من الأفعال الوقحة سيقرّبهم أكثر من هذا الرفض العلني.
وفي الواقع، تشعر المقاومة بأنها تتعرض للتهديد باستمرار. فقد لجأ الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي إلى قناة العهد الفضائية في 15 حزيران/يونيو 2021 للإعراب عن مخاوفه من التهديدات التي تواجهها المقاومة. وقال: "أما بالنسبة لمشروع استهداف «الحشد» ... ليس هناك ما يشير إلى أن أولئك الذين يقفون وراءه ينوون التوقف - أخاطب جماهير «الحشد» ليكونوا مستعدين للدفاع عن «حشدهم»... إذا تطورت الأمور أكثر وأصبح الوضع حرجاً، سنطلب منكم... النزول إلى الشوارع."
وهذه هي المرة الأولى منذ إنشاء «قوات الحشد الشعبي» التي يلجأ فيها أحد قادتها البارزين إلى أنصارها لحماية التنظيم العسكري، من الحكومة العراقية على ما يبدو.