الميليشيات المدعومة من إيران تشوّه سمعة "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" بعد مقتل مواطن أمريكي بالرصاص في بغداد
بررت أجهزة "المقاومة" العراقية على الفور مقتل مواطن أمريكي في بغداد من خلال الادعاء بأنه جاسوس.
في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، قُتل ستيفن ترويل (ترول)، مواطن أمريكي وعامل إغاثة، بالرصاص أثناء قيادته لسيارته في بغداد.
وقال أحد كبار المسؤولين في شرطة بغداد لـ"العربي" بأن "سيارة المهاجمين كانت تتنقل في المنطقة بدون لوحات تسجيل، وبأفراد يحملون أسلحة، اجتازوا عدة نقاط تفتيش قبل الوصول إلى مكان الحادث، مما يعزز النظرية بأنهم ينتمون إلى جماعة مسلّحة... [مما يسمح لهم] بالتنقل بحرية بأسلحة وسيارة بدون لوحات تسجيل".
وعرّفت وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ "المقاومة" العراقية الضحية بأنه موظف في "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" )«الوكالة»)، وهي معلومة غير صحيحة على ما يبدو. وزعمت قناة "الغدير" الفضائية التابعة لـ «منظمة بدر» أن ترول كان "يعمل في منظمة إنمائية أمريكية تعمل لصالح «الوكالة»" (الشكل 1). كما أفادت "صابرين نيوز" أنه كان يعمل لصالح "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية".
تجدر الملاحظة أن محور "المقاومة" يعتبر «الوكالة» عدواً له. كما أفادت قناة "نصر مديا"، وهي قناة تلغرام إيرانية ناطقة بالفارسية تابعة لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني، أن ترول كان يعمل لصالح "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية". ثم أوضحت أن "«الوكالة» تساعد ظاهرياً البلدان غير المتطورة... فقد تأسست في إطار «خطة مارشال» بعد الحرب العالمية الثانية، وبدأت بتنفيذ مهمتها المتمثلة بزيادة نفوذ الولايات المتحدة في أوروبا. في البداية، كانت أحد فروع "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية، ولكن في عام 1961 أصبحت منظمة مستقلة ظاهرياً". وبذلك تشير القناة إلى أن «الوكالة» هي غطاء لأنشطة "وكالة المخابرات المركزية" (الشكل 2).
وعلى نحو مماثل، وصف حازم أحمد فضالة، وهو خبير استراتيجي مؤثر ينتمي إلى "المقاومة" ويدير قناة "كتابة وتحليل" على تلغرام، ترول بأنه "ضابط مخابرات أمريكي" يعمل في "منظمة التجسس الأمريكية (USAID)" (الشكل 3).
وفي وقت سابق، وتحديداً في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2022، نشرت قناة "كتابة وتحليل" لقطة من الشاشة لتغريدة كتبتها سفيرة الولايات المتحدة في بغداد إلينا رومانوسكي أعلنت فيها عن زيادة التمويل إلى العراق عبر "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية". ثم علق فضالة على التغريدة قائلاً "إذا قالت السفارة الأمريكية (منحة للعراق)، فهذا يعني الدعم لمؤسسات التجسس والاختراق والفاحشة ونشر الليبرالية، أي: (منظمات المجتمع المدني) لأنَّ الغطاء المناسب لهذا التمويل هو (منحة)" (الشكل 4).
وتُظهر هذه الحادثة عدداً من الجوانب المثيرة للاهتمام لحملة "المقاومة" الدعائية ومعتقداتها الشائعة. أولاً، إن [مزاعمها] بشأن علاقة "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" خاطئة بالكامل، لكن هذه النقطة لا تكتسي أهمية كبيرة، وهي تُعتبر دون التمحيص فيها نقطة بداية فعلية. ثانياً، تتبنى "المقاومة" فطرياً عملية القتل، وتقدم مبررات لقتل رجل غير مسلح، بدلاً من انتقاد عمليات القتل غير المشروعة. ثالثاً، قد تبدأ الميليشيات بتطبيق مقاربة "حظر دخول المناطق" لجعل تحركات الدبلوماسيين والمواطنين الغربيين في العراق أكثر صعوبة. ويتم تحديد نشاط المنظمات غير الحكومية كهدف مشروع لهجمات الميليشيات. فمنذ استلام حكومة السوداني الجديدة الحكم، عادت نقاط التفتيش التابعة للمليشيات إلى الظهور في بعض مناطق بغداد مثل الكرادة وشارع فلسطين، وقد تُنذر عملية القتل هذه بهجمات أوسع نطاقاً على المعارضين العراقيين والغربيين حيث تستعيد الميليشيات حرية التنقل الكامل التي لم تتمتع بها منذ أوائل عام 2020.