الناطقون باسم المقاومة يتحدثون عن الدعوة التي وجهها السوداني للقوات الأمريكية للبقاء
تشير «عصائب أهل الحق» إلى انتهاج تفكير عملي، في حين تغيّر «كتائب حزب الله» حججها وتكيّفها لمسايرتها، وإن كان ذلك دون قبول صريح للوجود العسكري الأمريكي.
في 13 كانون الثاني/يناير 2023، صرّح رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لإذاعة "دويتشه فيله" الألمانية قائلاً إن "التوجه العام للحكومة [المدعومة] من قبل القوى السياسية، [هو] تحديد مهام [القوات الأمريكية] وأعدادها وأماكنها لفترة زمنية محددة..."، وكرر هذا الموقف في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال". و"القوى السياسية" التي أشار إليها السوداني هي "الإطار التنسيقي" الذي تُعد «عصائب أهل الحق» من أكثر أعضائه نفوذاً. وبالفعل، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، أظهر زعيم «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، أقدميته السياسية بالإشارة علناً إلى السوداني كـ "مدير عام" للحكومة التابعة لـ "الإطار التنسيقي".
ويبدو أن تعليقات السوداني في 13 كانون الثاني/يناير حظيت بتأييد "الإطار التنسيقي"، علماً أن «عصائب أهل الحق» كانت أكبر قوة خطابية في المطالبة بإقامة علاقات براغماتية مع الولايات المتحدة (تجدر الإشارة إلى أن قيس الخزعلي سعى إلى الضغط على الولايات المتحدة مراراً وتكراراً منذ عام 2018 عن طريق السياسيين العراقيين، قبل أن يتوقف منذ تصنيفه كـ "إرهابي عالمي محدد بصفة خاصة" بموجب "الأمر التنفيذي رقم 13224" الذي دخل حيّز التنفيذ اعتباراً من 3 كانون الثاني/يناير 2020).
وفي 10 كانون الثاني/يناير 2023، حضر وزير التعليم العالي، نعيم العبودي، المؤتمر الدولي للتطورات في هندسة النُظم الإلكترونية في "الجامعة الأمريكية في العراق" في بغداد، وألقى خلاله كلمة، وتم اصطحابه في جولة في أرجاء الحرم الجامعي (الشكل 1). والعبودي هو نائب سابق في مجلس النواب ومسؤول رفيع المستوى في «عصائب أهل الحق». وحصل على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية من "الجامعة الإسلامية في لبنان"، علماً أن "وزارة التعليم العالي" العراقية لا تعترف بها قانوناً.
وبالمثل، نقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية اليومية عن علي تركي، النائب الحالي والمقاتل المخضرم والمتمرس في «عصائب أهل الحق»، علي تركي في 10 كانون الثاني/ يناير 2023، قوله "أن الجلوس مع أميركا لغرض تبادل المصالح هذا لا ضير فيه''. وأضاف، "القوات الأمريكية الموجودة في العراق اليوم هي لتدريب القوات الأمنية ... (أنّنا) نسعى إلى جعل العلاقة مع أميركا علاقة شراكة ومصالح". (الشكل 2). وفي المقابلة نفسها، وصف علي تركي الحكومة العراقية الحالية بأنها "حكومة مقاومة".
ومن بين الحركات التي تصنفها الولايات المتحدة إرهابية، كانت «عصائب أهل الحق» أول حركة تنخرط بشكل كامل في السياسة البرلمانية ولكن هناك منظمة أخرى مماثلة في "الإطار التنسيقي"، هي "كتائب حزب الله" التي تمثلها حركة "حقوق" بـ (بستة مقاعد). وفي 13 كانون الثاني/يناير 2023، صرّح سعيد السراي، أمين عام حركة "حقوق"، لموقع "شفق نيوز" العراقي إن "عدم تنفيذ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لقرار إخراج القوات الامريكية ... سيدفعنا لاتخاذ مواقف سياسية. ولهذا يجب تنفيذ القرار وفق الأطر القانونية والدبلوماسية".. وكان سعيد السراي يشير إلى قرار مجلس النواب العراقي في كانون الثاني/يناير 2020 والذي يدعو الحكومة إلى طرد القوات الأجنبية من البلاد.
(وفي هذا السياق)، قد يندرج هذان الموقفان المتناقضان ضمن إطار تقسيم المهام الناشئ بين فصائل المقاومة للتعامل مع الولايات المتحدة في العراق. فقد استُخدم على ما يبدو المتحدث السابق باسم حركة "حقوق"، علي فضل الله، للتعبير عن آراء «كتائب حزب الله» بشأن المسألة الحساسة المتعلقة بالانتماء إلى تحالف سياسي يشير إلى (تأييد) إمكانية بقاء القوات الأمريكية في العراق، على الأقل في الوقت الحالي. ففي 16 كانون الثاني/يناير 2023، أفاد فضل الله خلال نقاش حول العلاقة بين العراق والولايات المتحدة على قناة "النجباء" الفضائية التابعة لـ «حركة حزب الله النجباء»، قائلاً، "أرى نضجاً كبيراً في [الطريقة] التي يتصرف بها قادة «الإطار التنسيقي» والمقاومة ويبدو أن هناك تنسيقاً في الرؤية [فيما يتعلق بالولايات المتحدة]. محور [المقاومة] يحث على طرد القوات الأمريكية، والحكومة العراقية تحاول التفاوض [مع الأمريكيين]. ولكن عندما تحدث المفاوضات تحت ضغط هائل، قد يضعف الطرف الآخر... ولتحقيق المزيد من الفوائد في الفترة الحالية... لا يتعارض محور المقاومة مع رؤية «الإطار التنسيقي». ويبدو أن [سياسة] العصا والجزرة هي المعتمدة [في التعامل] مع الجانب الأمريكي" (الشكل 3). وبمرور الوقت قد يتضح ما إذا كان ذلك هو الهدف الفعلي للمقاومة - أي انسحاب الولايات المتحدة على المدى القريب - أو مجرد سبيل للتغطية على عدم ارتياح «كتائب حزب الله» من موقف "الإطار التنسيقي".