- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
القضايا النووية تزيد من شدة التركيز على العلاقات الأمريكية -السعودية
هناك "تصعيد محتمل للصراع" بين الكونغرس الأمريكي وإدارة ترامب حول الأسلحة النووية [لدولة ثالثة]. فالتوتر مرتفع، والمناوشات قد بدأت. لكن المعركة السياسية لا يتم خوضها من خلال تصعيد الصراع. فهي تتعلق بالأسلحة النووية السعودية.
تظهر كلمة "سعودي" في العديد من العناوين الرئيسية هذه الأيام. ربما الكثير جداً. ومن المحتمل أن يؤدي السعوديون دوراً في "صفقة القرن" - أي خطة الشرق الأوسط التي لم يتم الإعلان عنها بعد - يكون فيها لوزنهم المالي، ومكانتهم في المنطقة وأهميتهم الدينية أمراً حاسماً للدبلوماسية الأمريكية.
إلّا أن هذا الدور يتماشى مع التحدي المتمثل في التعامل مع السمعة السيئة التي اكتسبتها عملية سَجْن النساء الناشطات السياسيات السعوديات وإساءة معاملتهن كما يُدّعى والسبب في الاستياء من مقتل الصحفي السعودي المنشق جمال خاشقجي وتقطيع أوصاله.
المسألة النووية تسد الفجوات بين الإيجابيات والسلبيات - بين ما تريد الولايات المتحدة أن يقوم السعوديون بفعله، وما تأمل أن يتوقفوا عن القيام به.
إن ما تريده الرياض هو مفاعلات للطاقة النووية، لتوليد الكهرباء وتحلية المياه. ومن أجل الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية، تحتاج الرياض إلى توقيع ما يسمى بـ "اتفاقية المادة 123"، والتي من شأنها أن تحدد معايير التعاون النووي. ويجدر بالذكر أنه عندما وقعت الولايات المتحدة مثل هذه الاتفاقية مع الإمارات العربية المتحدة في عام 2009، تعهدت أبو ظبي بعدم تخصيب الوقود الخاص بها أو إعادة معالجة الوقود المستهلك. (التخصيب هو الأسلوب الذي يمكن أن يؤدي إلى إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب، التي هي مادة متفجرة نووية. وإعادة المعالجة تُنتج البلوتونيوم، الذي يمكن استخدامه أيضاً في القنابل الذرية.)
وتُعلن الرياض أن برنامجها النووي الناشئ مخصص بالكامل للأغراض السلمية ولكنها تريد الاحتفاظ بحق التخصيب وإعادة المعالجة. وهناك جدل إضافي قدمه أفراد سعوديين مفاده أنه إذا سُمِح لإيران بتخصيب اليورانيوم وفقاً للاتفاق النووي لـ «خطة العمل الشاملة المشتركة» لعام 2015 - الذي لا يزال قائماً على الرغم من قيام الرئيس ترامب بسحب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق في العام الماضي - فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا لا تستطيع الرياض القيام بذلك؟
وبالنسبة إلى المتشككين، هناك حجج اقتصادية قوية حول سبب احتياج الدول الغنية بالنفط والغاز، مثل السعودية والإمارات وإيران، إلى الطاقة النووية - الأمر الذي ربما ينافي الأمور البديهية. أولاً، أن هذه الطاقة تمكنهم من توليد الكهرباء بتكلفة ثابتة، بدلاً من التكلفة المتقلّبة مع أسعار الطاقة. ثانياً، تُمكّن هذه الدول من زيادة عائداتها من النفط والغاز إلى أقصى حد.
ويريد البيت الأبيض تأمين أي مشتريات سعودية للتكنولوجيا النووية، تصل قيمتها إلى 80 مليار دولار، لصالح الأعمال التجارية الأمريكية بدلاً من الروسية أو الصينية أو الفرنسية أو الكورية الجنوبية. وهناك اعتقاد من قبل كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأمريكي، والذي من المرجح أن تُعززه إحاطات إعلامية عن وفاة خاشقجي، بأنه لا يمكن الاعتماد على ولي العهد السعودي المتقلب الأمير محمد بن سلمان. ويشعر السياسيون والجمهور الأمريكي على حد سواء بالقلق من تعليقه في مقابلة أُجريت معه في البرنامج الأمريكي "60 دقيقة" قبل عام، عندما قال: "... إذا طوّرت إيران قنبلة نووية، فسوف نحذو حذوها في أقرب وقت ممكن".
أما في الشرق الأوسط، فيقال أن دولة الإمارات ترغب في إعادة النظر في "اتفاقية المادة 123" الخاصة بها إذا كانت مثل هذه الاتفاقية الخاصة بالرياض أقل تقييداً. وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن جارة السعودية، قطر، قد أُزعجت من التقارير الإخبارية في العام الماضي والتي أفادت بأنه لن يتم حفر قناة لفصلها عن المملكة فحسب، بل سيتم استخدام المنطقة الواقعة بين البلدين كمستودع للنفايات النووية.
وحتى إسرائيل، التي يُعتقد أنها إحدى أفضل المدافعين عن محمد بن سلمان في واشنطن، وإن بصورة غير بارزة، يُقال إنها قلقة بشأن تواجد تكنولوجيا نووية في أيدي السعوديين. وقد أثارت الزيارة الأخيرة الرفيعة المستوى التي قام بها محمد بن سلمان إلى إسلام آباد القلق من استعداد باكستان لتزويد الصواريخ ذات الرؤوس النووية إلى السعودية أو إقراضها لها في وقت التوتر الإقليمي. (وتبدو منشأة جديدة لتصنيع الصواريخ في الصحراء السعودية متشابهة إلى حد كبير في التصميم لإحدى المنشآت التي زودتها الصين إلى باكستان في التسعينيات).
لقد شملت الجولة الأخيرة من الجدل في الكونغرس الأمريكي في 28 آذار/مارس عدم تذكُّر وزير الطاقة الأمريكي ريك بيري ما إذا كان قد تم التوقيع على أي من الأعمال الورقية التي أذن بها - والتي تسمح للشركات الأمريكية بإجراء مناقشات نووية أوّلية مع السعوديين - بعد 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018، يوم مقتل خاشقجي. ولم يوضّح البيان اللاحق لوزارة الطاقة الأمريكية ماهية الجدول الزمني. وفي اليوم نفسه، ناقش الأمير السعودي خالد بن سلمان، السفير السابق في واشنطن البالغ من العمر 31 عاماً والشقيق الأصغر لمحمد بن سلمان، "القضايا الثنائية" مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بوميو في وزارة الخارجية الأمريكية.
وفي الوقت الحالي، ربما تمثل الأحداث مسرحاً نووياً وليس حرباً نووية. ولكن حان الوقت بالتأكيد لأكل الفُشار (أي الارتياح ومشاهدة العرض السينمائي على غرار ما يقوم به المشاهدون في دور السينما الأمريكية).
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.