- تحليل السياسات
- شهادة أمام الكونغرس
التعاون الروسي الإيراني والتهديدات للمصالح الأمريكية
Also published in "لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي"
تُقيّم مسؤولة كبيرة سابقة في وزارة الدفاع الأمريكية كيف يمكن للتحالف المتنامي بين النظامين الروسي والإيراني أن يخلق مشاكل على جبهات متعددة، بدءً من تبادل المعرفة حول تكنولوجيا الدفاع الأمريكية وإلى تسهيل الانتشار النووي، والتهرب من العقوبات، والقمع الداخلي.
«فيما يلي ملاحظات تم إعدادها وتقديمها إلى "لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي" لجلسة استماع مشتركة "للجنة الفرعية المعنية بأوروبا" و"اللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى"».
الرئيسان ويلسون وكين، وكبيرا الأعضاء فيليبس وكيتنغ، والأعضاء المحترمون في "اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى" و"اللجنة الفرعية المعنية بأوروبا". يشرفني أن أشهد أمامكم بشأن المسألة الحساسة المتعلقة بالتعاون الاستراتيجي الروسي الإيراني. على الرغم من العداء التاريخي طويل الأمد والاختلافات الأيديولوجية بين موسكو وطهران، إلّا أن البيئة الاستراتيجية الحالية، والتي تُعتبر فيها روسيا خصماً في المسرح الأوروبي وإيران خصماً في مسرح الشرق الأوسط، تحفز الحكومتين على التعاون بشكل أوثق بما يهدد أهداف الولايات المتحدة ومصالحها وشبكة حلفائها وشركائها. وفي نظر الولايات المتحدة إن جمهورية الصين الشعبية هي المنافس الاستراتيجي الراغب في إعادة تشكيل النظام العالمي الحالي والقادر على ذلك، وأن التعاون بين إيران وروسيا يتطور ويتحول بسرعة إلى تعاون بين إيران وروسيا والصين. إن خطر بروز محور تعديلي يجمع بين روسيا وإيران والصين ويهدد أمن وسيادة شبكة حلفاء الولايات المتحدة وشركائها هو أحد الأولويات الأمنية الأكثر إلحاحاً في هذا القرن.
كان التعاون بين إيران وروسيا قائماً قبل قرار موسكو الحاسم في عام 2015 بالتنسيق عسكرياً مع طهران والتدخل في سوريا نيابة عن نظام الأسد. لكنه تطور الآن من تعاون تكتيكي إلى شراكة دفاعية كاملة. ولطالما افترض الذين يركزون على الشرق الأوسط أن روسيا هي الجهة الفاعلة المهيمنة في العلاقة الثنائية، وبالتالي يمكن الاعتماد عليها للتأثير على أعمال إيران المزعزعة للاستقرار والتخفيف منها، بدءاً من برنامجها غير المشروع للأسلحة النووية ووصولاً إلى نشرها الأسلحة المتقدمة ونقلها إلى الجهات الفاعلة غير الحكومية. ولم يعد هذا الافتراض صالحاً في أعقاب هجوم روسيا غير المبرر على أوكرانيا واعتمادها المتزايد على إيران للحصول على الأسلحة وأشكال أخرى من الدعم. ومن أجل تطوير استراتيجية تحد من التهديد المتمثل بالتعاون الروسي الإيراني وتنفيذ هذه الاستراتيجية، يجب على من يسعى إلى دعم النظام العالمي الحالي وتعزيزه تحديث افتراضاته فيما يتعلق بتوازن النفوذ والتأثير في هذه العلاقة. ومن الضروري أيضاً أن يعترف واضعو السياسات بأن هذه الشراكة ليست تكتيكية أو مؤقتة أو انتهازية. فهي تعكس تقارباً بين الحكومتين في وجهة نظرهما العالمية وإجراءاتهما المخطط لها بتأن لمواجهة جهود الولايات المتحدة وشركائها الرامية إلى عزل ومعاقبة الأعمال الخبيثة للحكومتين.
وتشمل الدوافع ووجهات النظر العالمية التي تزيد من التعاون الإيراني الروسي ما يلي:
• العداء تجاه الانخراط العالمي القائم على القيم "الغربية" (بما في ذلك الحكم التمثيلي والأجندات القائمة على الحقوق)، والذي يُعتبر أنه يهدد استمرارية النظام.
• التركيز على المرونة الداخلية في مواجهة الضغوط الدولية من خلال العقوبات والفصل الاقتصادي.
• الاستياء من النظام العالمي الحالي القائم على القواعد والرغبة المشتركة في تحديه وإعادة تشكيله، لا سيما من خلال الانخراط الاستباقي في أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، ومع الصين.
ويدفع هذا التوجه الاستراتيجي لـ"المقاومة" إلى التعاون في المجالات التالية:
• التنسيق العسكري: عمليات النقل العسكرية المتبادلة وتبادل التكنولوجيا الدفاعية التي تهدد أمن شركاء الولايات المتحدة في أوروبا والشرق الأوسط. فالمواطنون في أوكرانيا وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط يعانون من نفس الطائرات الهجومية بدون طيار الإيرانية المنشأ.
• منع الانتشار النووي: من غير المرجح أن تعارض روسيا زحف إيران المستمر نحو عتبة الأسلحة النووية، بل ستعمل على تسهيله على الأرجح.
• العقوبات: تنخرط إيران وروسيا، الدولتان الأكثر خضوعاً للعقوبات في العالم، بشكل نشط في أنشطة للتحايل على العقوبات الغربية وإضعاف فعاليتها.
• الدبلوماسية: تستخدم روسيا مقعدها في مجلس الأمن لحماية إيران من المساءلة عن أعمالها المزعزعة للاستقرار وانتهاكاتها للقانون الدولي.
• القمع الداخلي: تتبادل إيران وروسيا أفضل الممارسات لسحق الاحتجاجات، وتقويض جهود تنظيم المواطنين، والحفاظ على برامج المراقبة الجماعية ضد شعبيهما.
لقد وقعت روسيا وإيران اتفاقية استراتيجية أمدها عشرين عاماً في عام 2001، قبل وقت طويل من غزو أوكرانيا. ومؤخراً، وقع الجانبان مذكرة تفاهم لتحديث هذه الاتفاقية. واليوم، بدأت الجوانب غير العسكرية لهذه العلاقة تؤتي ثمارها. فروسيا هي أكبر مستثمر أجنبي في إيران، وتستخدم موسكو الجمهورية الإسلامية لتخزين النفط الروسي، وتجمع روابط مباشرة بين النظامَين المصرفيَين الروسي والإيراني، كما تبرم شركات الطاقة المملوكة للدولة اتفاقيات لتطوير حقول النفط والغاز الطبيعي في إيران، ويعمل البلدان على تحديث البنية التحتية وزيادة التجارة. ويكمن الخطر في أن تؤدي هذه العلاقات العميقة في مجال الطاقة والتجارة والبنية التحتية والدفاع إلى تعزيز قدرة إيران وروسيا والصين وغيرها، بشكل أحادي أو متعدد الأطراف، على تحدي وإعادة تشكيل النظام العالمي القائم على القواعد. وتستفيد الولايات المتحدة من هذا النظام. ويكفي النظر إلى حماس إيران للانضمام إلى دول "البريكس" (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) للحصول على مثال واضح: لدى هذه المجموعة القدرة على الاضطلاع بدور جيوستراتيجي مهم يتجاوز التعاون الاقتصادي.
ويشبه الهجوم الإيراني المعقد والمباشر على إسرائيل في 13 نيسان/أبريل إلى حد كبير الهجمات التي شنتها روسيا على أوكرانيا، حيث استُخدمت طائرات بدون طيار هجومية أحادية الاتجاه، بالإضافة إلى صواريخ "كروز" وصواريخ باليستية. ومن الضروري أن تعالج الولايات المتحدة وشركاؤها ذوي التوجه المماثل بشكل عاجل مسألة نقل التكتيكات والتقنيات من المسرح الأوروبي إلى مسرح الشرق الأوسط، حيث تستخلص إيران من روسيا دروساً في حزم الضربات المشتركة وتحصل منها على معلومات حول نقاط القوة والضعف في المنظومات الغربية للدفاع الجوي والصاروخي. كما تعمل إيران أيضاً على تمكين روسيا بشكل مباشر من مواصلة حربها في أوكرانيا، بما في ذلك الاستهداف المتعمد للمدنيين الأوكرانيين والبنية التحتية المدنية. وعلى الرغم من فشل الهجوم الإيراني على إسرائيل كهجوم دولة على دولة، ثمة ما يكفي من الأسباب للاعتقاد بأن موسكو وطهران ستتبادلان الدروس المستفادة وتطبقان هذه المعلومات لتحسين العمليات العسكرية ضد أوكرانيا وإسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط في المستقبل.
ويوفّر ما تبقى من هذه الشهادة تقييمات إضافية للمجالات الأكثر إثارة للمشاكل في التعاون الروسي الإيراني ويقدم توصيات حول كيفية مواجهة الولايات المتحدة لهذا التعاون بأكبر قدر من الفعالية.
إن التعاون العسكري بين روسيا وإيران وتبادل التكنولوجيا الدفاعية يفرض تحديات على أمن المعدات الدفاعية الأمريكية المنقولة إلى الشركاء حول العالم، وسيتطلب النظر من جديد في الخطط العسكرية الأمريكية الحالية لمختلف حالات الطوارئ. وفي الوقت الحالي، تزود إيران روسيا بطائرات بدون طيار وذخائر جو-أرض وذخائر مدفعية لاستخدامها في أوكرانيا، وتقوم ببناء مصنع لإنتاج الطائرات المسيّرة داخل الأراضي الروسية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2023، كشفت الحكومة الأمريكية عن معلومات استخباراتية رُفعت عنها السرية، تفيد بأن إيران كانت تفكر في تزويد روسيا بصواريخ باليستية. وفي المقابل، يبدو أن موسكو مستعدة لتقديم طائرات مقاتلة من طراز "سو-35" وتحديث منظومات الدفاع الجوي الإيرانية. كما تشير دلائل إلى أن تبادل التكنولوجيا العسكرية يشمل الإلكترونيات ورادارات أخرى والمروحيات الهجومية.
وعلى المدى المتوسط إلى الطويل، سيكون لهذا المستوى من التبادل العسكري تداعيات على أمن المعدات الدفاعية الأمريكية التي يتم نقلها إلى الشركاء في مسارح متعددة، وعلى التوازن العالمي للقوة العسكرية، وسيتطلب من المخططين العسكريين إعادة تقييم خطط الحرب الحالية. على سبيل المثال، قد تتطلب التحديثات الروسية لرادارات الدفاع الجوي الإيرانية من الولايات المتحدة وإسرائيل تحديث خططهما إذا تجاوزت إيران عتبة الأسلحة النووية. وعلى نحو مماثل، تملك الولايات المتحدة وشركاؤها العرب خططاً دفاعية للرد على أي هجوم خارجي، وسيكون تحديثها ضرورياً إذا حصلت طهران على معدات عسكرية أكثر تطوراً. ينبغي أن تؤدي التحديثات الروسية للقدرات العسكرية التقليدية الإيرانية إلى تحفيز إعادة النظر في الافتراضات وتشكيل المعركة بالنسبة إلى الخطط العسكرية الأمريكية والإسرائيلية. وينبغي لها أيضاً أن تحث على التخطيط على المدى الطويل مع الشركاء بشأن المبيعات العسكرية الأجنبية. فالمخاطر طويلة المدى المرتبطة بهذا التعاون كبيرة، إذ تستخدم روسيا وإيران معاً أوكرانيا والشرق الأوسط كمختبرات في ساحة المعركة لتحسين أسلحتهما وتطوير تقنيات للتغلب على المنظومات الدفاعية للولايات المتحدة وحلفائها وهزيمة قدراتهم الهجومية. ومع استمرار دعم حلف "الناتو" لأوكرانيا، يبرز خطر نقل منظومات الحلف التي استولت عليها روسيا إلى إيران لاستغلالها.
مع نمو العلاقات العسكرية، تصبح روسيا بشكل متزايد درعاً دبلوماسياً لإيران في مجلس الأمن والمنتديات الدولية الأخرى. في عام 2018، على سبيل المثال، رفضت روسيا مشروع قرار كان من شأنه أن يسلط الضوء على دور إيران في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على اليمن من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة الفتاكة. كما استخدمت باستمرار حق النقض ("الفيتو") ضد القرارات التي تدعو إلى إنشاء معابر إضافية إلى سوريا لتوصيل المساعدات الإنسانية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن مثل هذه الإجراءات كانت ستقوّض خطط نظام الأسد وداعميه الإيرانيين والروس لإعادة فرض السيطرة على جميع الأراضي السورية وإرغام المجتمع الدولي على إعادة الترحيب ببشار الأسد دون أي تغييرات في السلوك أو المساءلة من جانبه. بالإضافة إلى ذلك، قامت روسيا منذ عام 2022 بحماية إيران من مطالب "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" بالسماح للمفتشين بالوصول إلى المواقع النووية المشتبه بها. كما منعت روسيا التصويت في عام 2023 على محاسبة إيران لقيامها بتزويد طائرات بدون طيار هجومية لاستخدامها في أوكرانيا.
على الرغم من أن روسيا لعبت دوراً مفيداً في الجهود الدولية السابقة لتقييد طموحات إيران النووية، إلّا أن اعتمادها على الدعم العسكري الإيراني من شأنه أن يؤدي إلى الحد من استعدادها لفرض المعايير العالمية لمنع الانتشار النووي. لا ينبغي استبعاد موسكو كمحاور مفيد فيما يتعلق ببرنامج الأسلحة النووية الإيراني فحسب، بل من المرجح أيضاً أن تلعب دور المفسد في أي جهود يقودها الغرب لمحاسبة طهران على انتهاكها "قرار مجلس الأمن رقم 2231" أو التزاماتها تجاه "الوكالة الدولية للطاقة الذرية". فخلال الفترة التي سبقت تنفيذ "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وخلال مفاوضات عامَي 2021 و2022 للعودة المتبادلة إلى الاتفاقية، قدمت روسيا القوة الدبلوماسية لجعل المفاوضين الإيرانيين أكثر ليونة وعرضت مساعدة فنية أساسية من أجل التنفيذ. وانتهى هذا النهج التعاوني بغزو أوكرانيا. ولا تزال محطة بوشهر للطاقة في إيران تمنح روسيا نفوذاً على مسار برنامج طهران النووي، مما يحتم على النظام الإيراني الاستمرار في الاعتماد على موسكو للحصول على بعض التكنولوجيا والخبرة والمعدات النووية. كما أفادت التقارير أن روسيا ستبني مفاعلين إضافيين للطاقة الذرية لإيران. وفي المرحلة المقبلة، يجب على سياسة منع الانتشار النووي أن تأخذ في الاعتبار الاحتمال المتزايد بأن تقوم روسيا بعرقلة الجهود الأمريكية والأوروبية لتقييد خطوات إيران نحو بلوغ العتبة النووية وعكس مسارها.
باعتبارهما الدولتين الأكثر خضوعاً للعقوبات في العالم، تتعاون إيران وروسيا لإضعاف أنظمة العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة. رداً على الضغوط الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة، تقدم إيران لروسيا نصائح مهمة للتهرب من العقوبات، مثل استخدام شركات واجهة ومكاتب الصرافة. بالإضافة إلى ذلك، يملك البلدان اقتصادات قائمة على المواد الهيدروكربونية، لذلك تتشارك إيران خبرتها في عمليات نقل النفط من سفينة إلى سفينة في البحر مع إيقاف تشغيل أجهزة تحديد الموقع. وتعمل الحكومتان أيضاً على إلغاء اعتماد تجارتهما على الدولار، وتوفر روسيا خدمات بطاقات الائتمان لإيران. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو الجهود المبذولة لربط نظامهما المصرفيان من خلال بدائل عن نظام المراسلات المالية الدولي "سويفت". وتُعتبر التداعيات المترتبة عن هذا التعاون الاقتصادي على المدى المتوسط والطويل مثيرة للقلق بشكل خاص. فبينما تستخدم الولايات المتحدة وحلفاؤها العقوبات كأداة قسرية غير عسكرية مفضلة لديهم، يتم دفع حكومات أخرى خاضعة للعقوبات، مثل الصين وسوريا وكوريا الشمالية وفنزويلا، إلى زيادة تعاونها مع روسيا وإيران من أجل تجنب هذا الضغط. وقد تكون النتيجة تقارب بين حكومات قادرة على تحمل الضغوط الغربية، وتراجع العقوبات كخيار أمريكي لفرض تكاليف على الخصوم على خلفية سلوكهم المزعزع للاستقرار.
يهدف التعاون الروسي الإيراني أيضاً إلى تحدي القيم والأعراف التي لطالما اعتبرتها الولايات المتحدة أساسية للاستقرار العالمي، وهي: حقوق الإنسان، والحكومات التمثيلية، والزعماء الذين يستجيبون لرغبات مواطنيهم، والشفافية. لا تتبادل موسكو وطهران تقنيات لقمع مواطنيهما في الداخل فحسب، بل تقومان أيضاً بتصدير نموذج الحكم الخاص بهما إلى مستبدين ومتسلطين آخرين. فضلاً عن ذلك، تعمل كلتاهما على تقويض العمليات الديمقراطية من خلال التدخل في الانتخابات والتضليل. وأبرز مثال متعلق بمصالح الولايات المتحدة هو، بالطبع، تدخلهما في الانتخابات الأمريكية لعام 2020. ومن جهة أخرى، أدى التدخل الإيراني في العمليات الانتخابية في العراق وباستمرار إلى تقويض قدرة المواطنين العراقيين على ممارسة حقوقهم. ينبغي على الولايات المتحدة مواجهة التعاون الإيراني الروسي المتزايد على هذه الجبهة من خلال (1) تنسيق نهج يشمل الحكومة بأكملها لصد الجهود وتقويضها وفرض التكاليف، بمساعدة الحلفاء والشركاء، (2) والتشديد على رؤية إيجابية للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة والذي لا يعتمد على الأنظمة التخريبية والإصلاحية.
وتعتمد الإجراءات الأمريكية الأكثر إلحاحاً على الكونغرس. فإقرار ملحق الأمن القومي لن يسمح فقط بتدفق الدعم الأمني والمعدات الدفاعية الأساسية إلى إسرائيل وأوكرانيا وتايوان، وهم الشركاء الأكثر عرضة لخطر الأعمال العدائية، بل سيدعم أيضاً الخبراء العسكريين والدبلوماسيين وخبراء المساعدة الأمريكيين العاملين في هذه المجالات. ومن شأن تمويل الملحق لتوسيع صناعة الدفاع الأمريكية أن يمكّن واشنطن من أن تكون مزوداً أكثر موثوقية وسرعة للمعدات الدفاعية للشركاء الذين سيواجهون حتماً تهديدات متزايدة من التعاون العسكري الروسي الإيراني.
وتشمل خطوط الجهد الإضافية ما يلي:
• الاستمرار في تنفيذ العقوبات. من غير المرجح أن تبقى روسيا قادرة على الاستمرار في التزاماتها تجاه إيران مع حفاظها في الوقت نفسه على جداول السداد وتزويدها طهران وغيرها من أصحاب المعدات العسكرية الروسية بقطع الغيار. وقد استهدفت العقوبات الأمريكية في السنوات الأخيرة الوزارات والشركات الروسية والإيرانية الضالعة في نقل الطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة.
• إشراك القطاع الخاص. فيما يتخطى الامتثال للعقوبات، لا يدرك الكثير من المنتجين في القطاع الخاص والمنتجين الصناعيين ببساطة طبيعة الاستخدام المزدوج لبعض المنتجات، أو أن القطع الأمريكية والغربية ينتهي بها الأمر في الطائرات بدون طيار الهجومية الإيرانية الصنع. وسيساعد المزيد من التثقيف والتواصل من قبل واشنطن وشركائها على ضمان الامتثال للعقوبات وتوعية العملاء الذين يسعون للحصول على منتجات تجارية جاهزة لأغراض فتاكة. وقد وجه هذا التواصل قرار البيت الأبيض لعام 2022 بتشكيل فريق عمل مشترك بين الوكالات لتنظيم جهود الحكومة لتعيين مستشارين والتنسيق على المستوى الدولي. وينبغي أن يستمر هذا العمل.
• مواصلة التخفيض الانتقائي للمعلومات الاستخباراتية. إن النهج الذي تتبعه إدارة بايدن لخفض مستوى المعلومات الاستخباراتية من أجل فضح التعاون الروسي الإيراني، وخاصة كوسيلة لتوفير إنذار مبكر عن عدوانهما، يؤكد قيمة الولايات المتحدة كجهة فاعلة موثوقة ملتزمة بالدفاع عن سيادة شركائها وأمنهم. ويثبت خفض مستوى المعلومات الاستخباراتية فعاليته بشكل خاص في تسليط الضوء على إمدادات إيران للطائرات بدون طيار هجومية لروسيا، وفي الكشف عن أن طهران تدرس إمكانية نقل الصواريخ الباليستية.
• تأكيد فوائد الشراكة والتحالفات الأمريكية. يشكل أداء الشركاء الأوروبيين والعرب الذين عملوا معاً لإحباط الهجوم الإيراني على إسرائيل في 13 نيسان/أبريل أوضَحْ دليل على مفهوم مفاده أن الولايات المتحدة يجب أن تبقى الشريك المفضل للدول المستفيدة من النظام الحالي القائم على القواعد. فالجيش الأمريكي قادر على تأمين التكامل بينه وبين شركائه من الناحية العملياتية، على ضوء المعلومات الاستخباراتية والتكنولوجيا المنقطعة النظير، للدفاع عن أمن المواطنين والأراضي في وجه العدوان الروسي والإيراني.
• تكثيف الدبلوماسية العامة. تتخلف الولايات المتحدة وشركاؤها في الجهود المبذولة لمواجهة التضليل والدعاية الإيرانية والروسية.
• الحفاظ على البرامج التي تسعى إلى الوصول إلى المجتمع المدني في إيران وروسيا. من الضروري أن تميز الولايات المتحدة بين الأعمال المزعزعة للاستقرار التي يمارسها النظامان في موسكو وطهران من جهة وشعبَي البلدين من جهة أخرى. وعلى الصعيد الإيجابي، يدرك المسؤولون الأوروبيون التقاطع بين معاداة السامية والإرهاب في أوروبا. أما على الصعيد السلبي، فستواجه أوروبا والعالم تهديداً كبيراً من الأنشطة المعادية للسامية والأنشطة الإرهابية في الأسابيع والأشهر المقبلة.