- تحليل السياسات
- شهادة أمام الكونغرس
التبعات الإقليمية المحتملة للاتفاق النووي مع إيران
فيما يلي مقتطفات من الشهادة المُعدة سلفاً التي أدلى بها مايكل سينغ أمام "لجنة الخدمات المسلحة" في "مجلس النواب الأمريكي"؛ لقراءة الشهادة بأكملها، ، بإمكانك تحميل ملف الـ "پي.دي.إف" باللغة الانكليزية.
من بين إحدى نقاط الدفاع الرئيسية عن الاتفاق النووي مع إيران هو أنه أفضل من البدائل الأخرى، مهما كانت عيوبه. ولكن القول إن التوصل إلى اتفاق ما عبر التفاوض أفضل من البدائل الأخرى - كالصراع العسكري أو الإذعان - هو شيء، والادعاء بأن هذا الاتفاق هو أفضل صفقة يمكن التوصل إليها هو شيء آخر تماماً. ليس لديّ شك بأنه لو تم الاعتماد على تكتيكات مختلفة، لكان من الممكن التوصل إلى اتفاق أفضل بكثير. وفي الواقع، أعتقد بأن تشويه الخيارات الأمريكية الأخرى والعجز عن التصوّر بثقة ما هي العواقب المترتبة على إيران، سواء كان ذلك عبر العقوبات أو التدخل العسكري، بسبب عدم التزام طهران بالقيود الصارمة على أنشطتها النووية، هما في رأيي العاملان اللذان أديا أكثر من سواهما إلى ضعف هذا الاتفاق. إن الفكرة القائلة بأن إيران كانت ستتقدم لا محالة نحو صنع سلاح نووي لو لم يتم التوصل إلى هذا الاتفاق، تتجاهل الرادع الكبير الذي كانت ستشكله العقوبات الإضافية والتهديد العسكري الحقيقي على عملية صنع القرار في إيران.
ومع ذلك، فمثل هذه التأكيدات من قبل كلا الطرفين قد أصبحت الآن مسألة نقاش تاريخي إلى حد كبير. والسؤال الأكثر أهمية في الوقت الحالي هو ما إذا كان يجب تطبيق الاتفاق أم لا. فإذا لم يحظَ الاتفاق بدعم محلي كافٍ، يجب إعادة التفاوض حوله، مثله مثل أي صفقة أخرى يتم رفضها. وليس هناك سبب فعلي يمنع إعادة التفاوض، إلا أنه من المرجح أن تعارض الأطراف الأخرى ذلك. ومن الطبيعي أن يطلب هؤلاء الأطراف مشاركة الولايات المتحدة لإنهاء العقوبات الدولية. إلا أن جزءاً من القرار الأخير الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي والقاضي بتبني الاتفاق ووضع جدول زمني لرفع العقوبات يطرح إمكانية تطبيق الاتفاق حتى من دون أن تفي الولايات المتحدة بالتزاماتها، حيث أن نص الاتفاق غير واضح حول هذا الموضوع.
ومن الممكن أيضاً أن ترفض إيران تطبيق التزاماتها إذا رفضت الولايات المتحدة الاتفاق، وستجد طهران تعاطفاً من قبل شركاء مثل الصين وروسيا. ولكن بسبب التزام حلفاء الولايات المتحدة بمنع إيران من تطوير سلاح نووي [حتى في حالة مماثلة]، فهم لن يستسلموا أمام عدم التزام طهران بالاتفاق، بل سيؤدي ذلك إلى استئناف الجهود السابقة لحل الأزمة عبر السبل الدبلوماسية والضغوط. وبالطبع إن جميع هذه السيناريوهات صعبة [جداً]، كما أن السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة حتى الآن لن تكون دون عواقب.
إذا تم تطبيق الاتفاق النووي، يجب على صانعي السياسة الأمريكيين أن يقارعوا الواقع الجديد الذي سيفرضه الاتفاق. وسيضطر الرئيس الأمريكي القادم إلى إيجاد طرق لتعزيز مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتقوية حلفائها الإقليميين، لاستعادة مصداقية الردع العسكري الأمريكي، ولمواجهة تحركات إيران الإقليمية، والرد بسرعة على خرق إيران لالتزاماتها النووية وعلى أنشطة مثل التجارب الصاروخية الاستفزازية التي لا يشملها الاتفاق. وفي الحقيقة، كان يجب على الولايات المتحدة أن تسعى إلى تحقيق هذه الأهداف منذ سنوات - وليس كنتيجة للاتفاق النووي فحسب - ولكنها تجاهلتها. أما الصعوبة الأكبر التي سيواجهها الرئيس الأمريكي القادم فهي أنه سيجد أن القيود النووية المفروضة على إيران من خلال هذا الاتفاق غير مرضية، إن لم يكن لسبب آخر سوى أن مدتها ستبدأ بالانتهاء لدى انقضاء فترة ولاية الرئيس إذا أعيد انتخابه لفترة ولاية ثانية. وبالتالي، سيضطر الرئيس إلى إعادة حشد الدعم الدولي لتعزيز هذه القيود بعدد أقل من الأدوات المتاحة له، وفي ظل مناخ دولي أقل ملاءمة من السابق.
وكما أشرتُ في البداية، إن السياسة الخارجية الرشيدة تخدم بوضوح المصالح الأمريكية بأقل كلفة من الفوائد المتوقعة منها. وليس من الواضح إن كان الاتفاق النووي مع إيران يلبي هذه المعايير، فهو لا يحقق تماماً هدفه المعلن - أي منع إيران من امتلاك سلاح نووي - ولا يكمّل استراتيجية الولايات المتحدة الأوسع في الشرق الأوسط واستراتيجيتها لمنع انتشار الأسلحة النووية في العالم. وبدلاً من ذلك، ينطوي هذا الاتفاق على تكاليف كبيرة يتم تبريرها بشكل أساسي عبر استحضار شبح حرب أكثر تكلفة، لم يعتقد أي محلل أنها وشيكة.
مايكل سينغ هو زميل أقدم في زمالة "لين- سويغ" والمدير الإداري في معهد واشنطن.
"لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي"