- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
التغيرات العسكرية السعودية تشير إلى تحولات في السياسة تجاه اليمن
في وقت متأخر من ليل 26 شباط/ فبراير، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان حزمة شملت حوالي أربعين أمراً ملكياً تضمنت إحداث تغييرات جذرية في الحكومة المركزية وفي الهيئات العليا لتطوير بعض المدن والمناطق في السعودية. وكان أبرزها متعلق بجيش المملكة.
ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية "أعفى الأمر الملكي لواءين بارزين، وقام بترقية ستة وتعيينهم في مناصب عليا". ووصف أحد المسؤولين السعوديين التغييرات بأنها جزءاً من عملية التناوب العادي، ولكن هناك تفسير معقول آخر يشير إلى أنّ الرياض ربما تُغيّر تكتيكاتها في اليمن تحت ستار تطوير وزارة الدفاع (فقد وافق الملك سلمان على خطة لإعادة تشكيل الوزارة من جملة إعلانات أخرى صدرت في السادس والعشرين من شباط/فبراير). وقد يحمل هذا التحوّل التكتيكي معنىً خاصاً نظراً لأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي هو أيضاً وزير الدفاع، سيزور واشنطن في الشهر المقبل لإجراء محادثات حول الصراع المتفاقم [في اليمن] والقضايا الأخرى في المنطقة.
منذ تدخُّلها في اليمن في عام 2015 لإعادة تنصيب الرئيس عبد ربه منصور هادي، لم تكن القوات السعودية ناجحة بشكل استثنائي في معركتها ضد المتمردين الحوثيين. ففي حين استولت الوحدات العسكرية المتحالفة من الإمارات العربية المتحدة على مدينة عدن الساحلية ومعظم الجنوب، تمكّن الحوثيون من الاحتفاظ بشمال غرب اليمن الذي يضم حوالي ثلاثة أرباع السكان. والأسوأ من ذلك من وجهة نظر الرياض هو أن المملكة خسرت جزءاً من أراضيها للقوات الحوثية. فوفقاً للدبلوماسيين، يسيطر الحوثيون أساساً على حوالي مائة ميل مربع (حوالي 259 كيلومتر مربع) من الأراضي السعودية على طول الحدود، إن لم يحتلوها فعلاً. ومما يفاقم من حدّة الوضع المحرج الذي تواجهه المملكة هو حقيقة أن إيران، وهي الخصم الأقدم للسعودية في المنطقة، قدمت مساعدةً سرية وافرة إلى الحوثيين، شملت صواريخ بعيدة المدى أُطلقت لمسافات بعيدة وصلت إلى حد ضرب الرياض فضلاً عن قارب سريع من دون سائق كان قد ألحق ضرراً بالغاً ببارجة سعودية.
وتريد واشنطن من السعوديين أن يسعوا إلى إيجاد حل دبلوماسي للحرب، من خلال إعادة فتحهم قناة اتصال خلفية عُمانية مع الحوثيين، ومن ثم تفريقهم عن رعاتهم الإيرانيين (الذين يبدون ممتنين من مدى تأثيرهم على الصراع بالحد الأدنى من المشاركة من جانبهم). ومن السابق لأوانه القول ما إذا كانت التغييرات الجديدة في صفوف المسؤولين السعوديين ستعكس تحولاً في هذا الاتجاه أو عزماً على إحراز انتصار عسكري. والجدير بالذكر أنّه تم "إنهاء" خدمة رئيس هيئة الأركان العامة إلى جانب قائد قوات الدفاع الجوي، اللذين شملت مسؤولياتهما حماية الرياض من الهجمات الصاروخية. وهو الأمر بالنسبة إلى قائد القوات البرية الذي "أعفي" من منصبه، وتم تعيين قائد جديد لـ "قوة الصواريخ الاستراتيجية" السعودية التي توجّه حالياً صواريخها بعيدة المدى التي زودتها بها الصين نحو إيران.
ومن حيث التقاليد السعودية، لا ينتمي هؤلاء الضباط الكبار إلى العائلة الملكية، ويتم اختيارهم لأنه من غير المرجح أن يخططوا للقيام بانقلابات عسكرية. أمّا الاستثناء الملكي الوحيد فهو قائد القوات الجوية الجديد اللواء طيار ركن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز آل سعود، الذي هو أيضاً أحد أقرباء ولي العهد. وقد تعرّضت القوات الجوية لانتقادات واسعة لأنها ضربت أهدافاً مدنية في اليمن سواء عمداً او بسبب إخفاقها في استخدام الذخائر الموجهة بدقة التي زودتها بها الولايات المتحدة وبريطانيا.
وترى الولايات المتحدة أنّ هذه الحرب لا يمكن الانتصار فيها، وأنّ تفشي المجاعة ووباء الكوليرا في اليمن ينعكسان سلباً على واشنطن والرياض على السواء. وعلى الرغم من أنّه من المتوقع أن يشدد ولي العهد على التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي سيجلبها إلى المملكة خلال زيارته إلى واشنطن، إلّا أن الضغط عليه لإنهاء الحرب سيكون من أولويات جدول الأعمال الأمريكي.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.