- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3775
التوترات الحدودية بين إسرائيل ولبنان: استفزازات "حزب الله"، ورد "جيش الدفاع الإسرائيلي"، واحتمال اندلاع نزاعٍ بينهما
يناقش ثلاثة خبراء الوضع المتدهور على الأرض ويقيّمون احتمال نشوب حربٍ جديدة على المدى القريب.
"في 22 آب/أغسطس، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع حنين غدار، والعميد الاحتياط أساف أوريون ("جيش الدفاع الإسرائيلي")، وماثيو ليفيت. وغدار هي "زميلة فريدمان" الأقدم في المعهد وشاركت في تأليف بحثه الأخير بعنوان "عصابات «الكاش»: كيف يستفيد "حزب الله" من الأزمة المالية في لبنان". وأوريون هو "زميل ريؤفين الدولي" في المعهد والرئيس السابق لـ "القسم الاستراتيجي في مديرية التخطيط" التابعة لـ "هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي". وليفيت هو "زميل فرومر-ويكسلر" في المعهد ومبتكر خريطته التفاعلية حول أنشطة "حزب الله" حول العالم. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم".
حنين غدار
يهدف تصعيد "حزب الله" على الحدود مع إسرائيل إلى استعادة صورته التي كانت ذات شعبيةٍ كبيرة كمنظمة "مقاومة". فقدْ فَقَدَ الحزب جزءاً كبيراً من مصداقيته على المستوى المحلي على مدى العقد والنصف الماضيين بسبب سلسلةٍ من الإخفاقات، بدءً من استخدام العنف ضد اللبنانيين في أيار/مايو 2008 وإلى التدخل في الحرب السورية، وحماية النخبة السياسية في بيروت خلال احتجاجات عام 2019، وعرقلة التحقيق القضائي في انفجار مرفأ بيروت عام 2020. وأدّت هذه الإجراءات وغيرها إلى خسارة "حزب الله" وحلفائه الغالبية في مجلس النواب في انتخابات أيار/مايو 2022. ولتجنب تكبُّد المزيد من الخسائر، يحاول الحزب وحلفائه اليوم إعادة إحياء سردية المقاومة.
وينظر الأمين العام للحزب حسن نصر الله إلى الأزمة الداخلية الأخيرة في إسرائيل كفرصةً لاستفزاز "جيش الدفاع الإسرائيلي" من دون المخاطرة بنشوب نزاع أكبر. ولا يملك "حزب الله" القدرة على خوض حربٍ أخرى في الوقت الحالي بسبب القيود المتعلقة بميزانيته وقوّته القتالية المستنزفة. ومع ذلك، يعتقد نصر الله أن لديه معرفة كافية بعملية صنع القرار الإسرائيلية لتصعيد التوترات بشكلٍ مدروس يؤدي إلى تحسين موقف "حزب الله" في لبنان. وفي غضون ذلك، تستغل إيران هذه الفرصة لتحذير إسرائيل من أن "حزب الله" لا يزال موجوداً وقوياً على طول حدودها، ويمكن استخدامه لمهاجمة إسرائيل إذا قرر "جيش الدفاع الإسرائيلي" ضرب البنية التحتية الإيرانية (على سبيل المثال، بسبب المخاوف المتزايدة بشأن برنامج طهران النووي).
وقد أدى الفراغ الحالي في مؤسسات الدولة اللبنانية إلى تمكين "حزب الله" بشكلٍ أساسي من اتخاذ قرارات أمنية على الحدود من دون استشارة الحكومة. وبناءً على ذلك، يعمل الحزب بشكلٍ وثيق مع الفصائل الفلسطينية المتواجدة في لبنان لتسهيل العمليات المعادية لإسرائيل، من بينها الهجمات الصاروخية الأخيرة المرتبطة بخلايا "حماس"، والجهود الرامية إلى استبدال السيطرة التقليدية لحركة "فتح" على مخيم عين الحلوة للاجئين، والاستيلاء على مدارس "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" ("الأونروا").
وقد شجع الدعم الإيراني الإضافي نصر الله على تحمل مخاطر أكبر قد تؤدي إلى اندلاع حرب، ويبدو أن طهران تثق بالقرارات التي يتخذها في الداخل اللبناني. ومع ذلك، لا تزال إيران تتحكم بقدرة "حزب الله" على خوض حربٍ من هذا النوع، ولا تزال تصعيدات الحزب مدروسةً على ما يبدو. وقد يحدّد أسلوب الرد الإسرائيلي المحتمل وحدّته الخطوات التالية التي قد يتخذها الحزب.
أساف أوريون
أصبح "جيش الدفاع الإسرائيلي" حالياً أقرب إلى الدخول في حرب مع "حزب الله" منذ عام 2006. فإيران تدفع وكلاءها ليكونوا أكثر عدوانيةً في إطار استراتيجيةٍ أوسع لتعبئة "محور المقاومة" وتفعيل مسارح متعددة ضد إسرائيل. وفي هذا السياق، تُعدّ التصرفات الأخيرة لـ "حزب الله" محاولةً من جانب طهران لتوجيه رسالة إلى إسرائيل. وقد أدت هذه الاستفزازات، التي تشمل إطلاق صواريخ مضادة للدبابات على جنود "جيش الدفاع الإسرائيلي"، وتخريب الحاجز الأمني على طول الحدود، وإرسال مهاجم عبر الحدود، إلى زيادة حدة التوترات بشكلٍ كبير. ويدّعي "حزب الله" عدم معرفته ببعض هذه الحوادث، مشيراً إلى أن أطراف مستقلة هي المسؤولة عنها. ولم يصدر من إسرائيل أي ردٍ يُذكر حتى الآن.
وفي المرحلة القادمة، بإمكان إسرائيل اتخاذ عدة خطوات استعداداً لمواجهة استفزازات "حزب الله" وردعها. ويجب على "جيش الدفاع الإسرائيلي" أن يواصل ضرب عمليات نقل الأسلحة التي ينفذها الحزب في سوريا وعبرها منعاً للحشد العسكري في لبنان. وتستخدم إسرائيل الدبلوماسية أكثر من القوة لتهدئة الوضع، بينما ترسل تعزيزاتٍ إلى شمال البلاد كإجراءٍ احترازي.
ويمكن للضغط من أجل إجراء تحسيناتٍ في "قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان" ("اليونيفيل") خلال مناقشات تجديد ولايتها في الشهر المقبل أن يكون مفيداً أيضاً. فقوات "اليونيفيل" ليست سوى جزء صغير من الحل، ويُعتبر تغيير تفويضها مهمة صعبة نظراً للإجراءات البيروقراطية في الأمم المتحدة والمناورات السياسية بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. ومع ذلك، تستمر قوات "اليونيفيل" في الحفاظ على السلام على الرغم من الصعوبات التي تواجهها في تنفيذ مهمتها في لبنان. على سبيل المثال، تؤدي دور ربطٍ بنّاء، وتسهّل الاتصالات، وتمنع الاشتباك بين القوات، وفي بعض الأحيان تتدخل كحاجز عزل بين القوات اللبنانية والإسرائيلية على طول الحدود.
ويعزي المنتقدون تراجع جهود الردع ضد "حزب الله" إلى عدة عوامل، بما فيها عدم الاستقرار الناجم عن الاضطرابات الداخلية الحالية في إسرائيل، والاعتقاد بأن "جيش الدفاع الإسرائيلي" أصبح أضعف بسبب التداعيات السياسية على احتياطياته، والنهج التصالحي الذي اتبعته الحكومة السابقة خلال المفاوضات المحيطة باتفاقية ترسيم الحدود البحرية في العام الماضي. ولا يزال "جيش الدفاع الإسرائيلي" يتمتع بقدرات عالية، إلا أن مصادر التشتيت في الداخل وفي الضفة الغربية يمكن أن تؤثر على تركيز إسرائيل على مواجهة عدوانية "حزب الله". وعلى الرغم من أن أياً من الطرفين لا يرغب في بدء حربٍ نظراً لتكاليفها الباهظة، إلّا أن احتمال تنفيذ أعمال تصعيد غير مدروسة آخذٌ في الارتفاع. فانتشار "حزب الله" بالقرب من الحدود يزيد من تقلّب الوضع، مما يؤدي إلى انحسار هامش الخطأ لدى إسرائيل إذا قررت اتخاذ إجراءاتٍ عسكرية.
ماثيو ليفيت
على مدى السنوات الثلاث الماضية، اتخذ "حزب الله" خطواتٍ لتغيير الخطوط الحمراء التي تحكم نزاعه مع إسرائيل. فقد هدد نصر الله بإسقاط الطائرات الإسرائيلية المسيّرة التي تدخل المجال الجوي اللبناني، واستهداف خطوط أنابيب الغاز الطبيعي البحرية الإسرائيلية إذا بدأت باستخراج الغاز من حقل "كاريش" قبل التوصل إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية. كما حذّر من أن مهاجمة أي شحنة نفط إيرانية ستُعتبر هجوماً على الأراضي اللبنانية، وهو تصريح محفوف بالمخاطر في خضمّ التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران ضد مصالح الشحن البحري لكل منهما. إن استعداد نصر الله للمخاطرة بنشوب نزاع مدفوع جزئياً بالضغوط الاقتصادية والسياسية المحلية. ولكن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية والتراجع التدريجي في الرقابة الإسرائيلية على جمع المعلومات الاستخبارية قد دفعاه إلى الاعتقاد بأنه قادر على التنبؤ بردّ إسرائيل وتغيير الوضع الراهن.
وهناك سبب للخوف من أن تكون التهديدات الأخيرة لـ "حزب الله" هي أكثر من مجرد كلمات. فجهود الحزب لتخزين الصواريخ استعداداً لاندلاع حربٍ ما حققت توازناً في جهود الردع بما يكفي لتقييد الرد الإسرائيلي على العدوان. ويعتقد نصر الله أيضاً أنه أصبح على درايةٍ جيدة بالدوافع الإسرائيلية بعد أن نجح في الاستفادة من رغبة "حزب الله" في استخدام ترسانته الصاروخية الدقيقة وأنظمة الدفاع الجوي الموسعة التي يملكها. وقد شجّعته حساباته الصحيحة خلال الأحداث التصعيدية الأخيرة على خوض مجازفاتٍ أكبر، ولكن احتمال أن يؤدي أي سوء تقدير إلى اندلاع حربٍ لا يرغب فيها أي من الطرفين يزداد يوماً بعد يوم.
تم إعداد هذا الملخص من قبل كايل روبرتسون.