- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
إلى الرئيس ترامب: عليك إدانة هذه الانتخابات المصرية المزيفة
بعد مرور أربع سنوات على الانقلاب الدموي الذي أنهى انتقال مصر الصعب إلى الديمقراطية، تتجه الدولة العربية الأكثر اكتظاظاً بالسكان إلى الانتخابات الرئاسية الرابعة. على إدارة ترامب تسمية هذه الممارسة بما هي عليه حقاً: انتخابات مزيفة ومشينة، نتيجة محاولة قذرة لترهيب وإثباط عزيمة كل معارض محتمل لكي يا يتحدّى الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
وقد بدأت الحملة الانتخابية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عندما عقد المحامي خالد علي مؤتمراً صحفياً أعلن فيه ترشحه. وأعقبه أحمد شفيق، أحد كبار القادة السابقين في سلاح الجو، ثم الفريق سامي عنان الذي أعلن ترشحه في أواخر الشهر الماضي. ولكن بحلول نهاية عملية التسجيل، تمّ إقصاء كافة أولئك المرشحين الجادين. بيد، برز مرشح صوري واحد فجأة: موسى مصطفى موسى، مهندس معماري ورئيس حزب "الغد". ومن غير المستغرب أن تكون في صفحته على موقع "فيسبوك" تعليقات وصور تدعم السيسي إلى أن سجل إسمه كمرشح قبل 15 دقيقة من الموعد النهائي.
ومعنى ذلك: إنه خصم وهمي، وليس حقيقي. إذاً كيف تمّ إخراج المرشحين الآخرين من السباق الرئاسي؟
أولاً، قام السيسي بإسكات شفيق. فبعد فترة وجيزة من إعلان نيته الترشح للانتخابات، جرى احتجازه قسراً في فندق من فئة الخمس نجوم لمدة أسبوعين إلى أن عدل عن قراره - وأصدر بياناً يمدح فيه العمل الرائع الذي قام به الديكتاتور المصري لبلاده. وبعد ذلك، حان دور عنان، حيث تم اعتقاله في سجن عسكري بتهم مشبوهة وملفقة فور إعلانه عن اعتزامه الترشح للانتخابات. وبعد ذلك، امتدت قبضة السيسي الصارمة إلى ابن شقيق الرئيس المصري السابق أنور السادات، وقد خضع لضغوط لعدم الترشح ولم يتمكن حتى من حجز قاعة في الفنادق لعقد مؤتمر صحفي يعلن فيه عن نيته في الترشح.
وأخيراً، اضطر الناشط اليساري منذ فترة طويلة والمحامي علي إلى الانسحاب بعد تعرضه لمضايقات مستمرة من قوات الأمن وأتباعها من المدنيين. وواجه دعوى قانونية سخيفة كادت أن تزج به في السجن بسبب حركة يد غير لائقة، فقرر في نهاية المطاف التخلي عن محاولته والانسحاب بعد أن قرأ الكتابة على الحائط، حيث رأى ما فعله النظام بالجنرالات العسكريين السابقين.
وينبع انعدام ثقة السيسي في إجراء انتخابات حرة ونزيهة من مخاوفه من سعي الشعب المصري إلى فصل جديد مع مرشح مختلف بعد أن تحمل وزر القرارات الاقتصادية الصعبة وضيق مساحة الحرية السياسية. ومن شأن إجراء انتخابات تنافسية حقيقية ضد جنرالات سابقين أو مرشح مدني جدير بالثقة أن يكشف هشاشة نظام السيسي وافتقاره إلى المهارات السياسية السليمة. فقلقه الأكبر واضح، ألا وهو التفاف المعارضة السياسية حول برنامج ومرشح قادرين على الاستمرار. وبالتالي، اعتقل خصومه الأقوياء سعياً منه لتحقيق فوز ساحق من شأنه أن يُمكّنه من تعديل الدستور للترشح لولاية ثالثة والبقاء في السلطة مدى الحياة.
وتثبت الأحداث التي شهدها الأسبوعان الأخيران أن الديكتاتور المصري لم يؤمن أبداً بالانتقال السلمي للسلطة ولا يعتزم التخلي عن الحكم فور انتهاء ولايته الثانية في عام 2022. وتهدد هذه التطورات مستقبل البلاد، وتثبت أن السيسي يسير نحو نقطة اللاعودة. وبالفعل، أن هذا النهج الديكتاتوري سيدفع بمصر إلى وضع كارثي سيجعل الفوضى التي أعقبت انتفاضة عام 2011 تبدو جيدة بالمقارنة مع المقاربة الحالية.
وقد أكّد السيسي مراراً وتكراراً استعداده لقمع أي معارضة لحكمه ولقبضة الجيش على السلطة بغض النظر عن أهدافها أو سلميتها. وقد يكون سيناريو أشبه بما يحصل في سوريا بانتظار مصر إذا خرجت الأحداث عن السيطرة بسبب غياب الحريات السياسية والقمع الشديد الذي يخضع له الشعب المصري في عهد السيسي.
ومن جانبه، أقام الرئيس ترامب علاقةً شخصية مع نظيره المصري. فقد أشاد بالرئيس المصري لأنه يقوم بـ "عمل مذهل في ظل ظروف صعبة". ولربما بإمكانه الاستفادة من هذه العلاقة لنقل المخاوف الأمريكية الأكبر إلى السيسي بالنسبة لمستقبل الاستقرار في مصر. ففشل دولة تضم 100 مليون نسمة يُعتبر كارثةً بإمكان المنطقة تجنبها - ولكن فقط إذا بدأت الولايات المتحدة بتسجيل اعتراضات قوية على سياسات السيسي الديكتاتورية. وفي غضون ذلك، لا يجدر بأي شخص في البيت الأبيض أو الكونغرس الأمريكي أخذ هذه الانتخابات على محمل الجدّ.
هيثم حسنين هو زميل "غليزر" في معهد واشنطن.
"نيويورك ديلي نيوز"