- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
انقلاب تركيا بارقة أمل للإسلاميين المصريين في المنفى
"هذه المقالة هي جزء من حلقة المائدة المستديرة التي أقامتها صحيفة "نيويورك تايمز" بعنوان "غرفة للنقاش" حول تداعيات محاولة الإنقلاب في تركيا. إقرأ مساهمات أخرى لهذه السلسلة باللغة الانكليزية".
بالنسبة إلى مجتمع الإسلاميين المصريين المنفيين في اسطنبول، لم تكن محاولة الإنقلاب بالأمر الجديد. فقبل ثلاث سنوات فقط، في تموز/ يوليو 2013، هربوا إلى تركيا من حملة القمع الشديدة التي أعقبت الإطاحة بأول رئيس مصري منتخب، زعيم «الإخوان المسلمين» محمد مرسي، حيث سمحت لهم الحكومة الإسلامية في ظل حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعقد مؤتمرات وإنشاء برلمان في المنفى، وتشغيل خمس شبكات تلفزيونية فضائية. لذلك عندما أعلن فصيل داخل الجيش التركي عن الإطاحة بأردوغان يوم الجمعة، خشي الإسلاميون المصريون في تركيا من حدوث الأسوأ.
وفي النهاية، أخذت الأحداث في تركيا منحى مختلفاً: فقد فشلت محاولة الإنقلاب بشكل مدهش، وهلل «الإخوان» لبقاء أردوغان كعلامة على أنه يمكن للإسلاميين في الواقع التغلب على الانقلاب العسكري. ويعتبر «الإخوان المسلمون» وحلفاؤهم الرئيس التركي الآن نموذجاً للتخطيط لعودتهم غير المرجحة إلى السلطة في مصر.
ويدرك الإسلاميون المصريون إلى حد ما أن ظروفهم تختلف عن ظروف أردوغان. إذ أشار «الإخوان المسلمون» على وسائل التواصل الاجتماعي خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم، إلى أن رئيس الاستخبارات التركية ومسؤولين عسكريين بارزين وكافة أحزاب المعارضة الرئيسية، عارضوا كلهم الانقلاب. وفي المقابل، دعمت جميع مؤسسات الدولة وغالبية الأحزاب السياسية تقريباً بقوة الإطاحة بمرسي قبل ثلاث سنوات. بالإضافة إلى ذلك، فيما كانت قاعدة دعم أردوغان موحدة بقوة وراءه، انقسمت القوى المناهضة للانقلاب في مصر حول المسائل الأيديولوجية والاستراتيجية وغالباً ما كانت لا تثق ببعضها البعض.
ومع ذلك، يعتقد الإسلاميون أنه يمكن لانتصار أردوغان أن يكون مصدر إلهام لحركات المعارضة المختلفة في مصر لتعمل مع بعضها البعض. وفي هذا الإطار، قال زعيم «الإخوان المسلمين» جمال حشمت في مقابلة مع وكالة أنباء وام تايمز "لعل هذا سيدفع بالثوار داخل مصر وخارجها إلى التوحد حول هدف إنهاء هذا الانقلاب". وقد رأى قادة آخرون من «الجماعة» أن نجاح أردوغان يشير إلى أنه لا يمكن لأي انقلاب أن يستمر إلى الأبد. وكلما تعثر النظام المصري الحالي، تعتزم جماعة «الإخوان المسلمين» الاقتداء بأردوغان في استهداف الأعداء بسرعة داخل الدولة.
وفي الوقت نفسه، يتشارك الإسلاميون في مصر أحلام الانتقام حول ما سيفعلونه بخصومهم عند استعادة «الإخوان» السيطرة. إذ كتب بدر محمد بدر، زعيم «الجماعة» في الجيزة: "أتمنى أن أرى جثث المشاركين في انقلاب تركيا معلقة في أكبر الميادين حتى تنتهي الانقلابات للأبد، وبإذن الله يحدث هذا مع العصابة العسكرية في مصر". من جهته، كان عمرو فراج، مؤسس موقع "رصد" الإخباري التابع لـ جماعة «الإخوان المسلمين»، أكثر وضوحاً حين كتب: "يا رب أعيش لليوم اللي أشوف فيه مخ صدقي صبحي (وزير الدفاع المصري) في الاسفلت"، مذكراً بصور مماثلة من الحملات التي شُنت ضد «الجماعة».
وبعبارة أخرى، فبينما أظهر انتصار أردوغان لإسلاميي مصر أنه يمكنهم التغلب على الانقلاب، فإنه يشكل سبباً آخر يدفع بالقيادة المصرية الحالية إلى بذل كل ما في وسعها لمنع حدوث ذلك.
إريك تراجر هو زميل "استير ك. واغنر" في معهد واشنطن ومؤلف الكتاب الذي سيصدر قريباً "الخريف العربي: كيف ربح «الإخوان المسلمون» مصر وخسروها في 891 يوم".
"نيويورك تايمز"