
- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 4012
انتهاء المرحلة الانتقالية في سوريا بعد سلسلة من المجازر وحملات التضليل الإعلامية

مع تزايد أعداد القتلى المدنيين وانتشار المعلومات المضللة، قد يؤدي عمل لجنة تقصي الحقائق في سوريا إما إلى تعزيز شرعية الحكومة الانتقالية وتمهيد الطريق لانتقال مستقر، أو إلى تقويضها.
مع انهيار نظام الأسد، كان يخشى الكثير من الناس أن يتبع ذلك انتقام طائفي وتطهير عرقي جماعي. وحتى الأسبوع الماضي، كانت مثل هذه الانتهاكات تقتصر على موجات صغيرة من الاقتصاص العشوائي بدلاً من العنف المنظم واسع النطاق. لكن في السادس من آذار/مارس، نصب متمردو تابعين للنظام السابق كمينًا لقوات الأمن التابعة للحكومة الانتقالية في بلدة جبلة الساحلية في غرب سوريا، مما أسفر عن مقتل 30 منهم (حيث تم العثور على العديد منهم لاحقاً وقد تعرضوا للحرق حتى الموت أو دُفنوا في مقابر جماعية سطحي). ورداً على ذلك، قامت القوات الحكومية والعناصر التابعة لها بقتل 396 مدنياً ونزع سلاح المسلحين وفقا لتقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في وقت سابق اليوم. كما ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن فلول نظام الأسد قتلت 383 شخصاً خلال هذه الجولة من القتال - منهم 172جندياً و211 مدنياً. إجمالاً، قُتل 779 شخصاً، حيث تضاعف العدد الإجمالي للقتلى منذ 8 آذار /مارس. وتعتقد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن هذا الرقم سيرتفع أكثر مع الكشف عن أدلة جديدة في الأيام المقبلة.
وكان معظم المدنيين الذين قُتلوا على يد القوات الحكومية من الطائفة العلوية، مع تسجيل حالات قتل محدودة لمسيحيين أيضًا. في المقابل، قتل متمردو النظام السابق أفرادًا من الطوائف السنية والعلوية والمسيحية.
وزاد الأمر تعقيدًا أن البيئة المعلوماتية قد امتلأت بروايات كاذبة و"أدلة" مضللة حول ما حدث بالفعل، مما جعل من الصعب التمييز بين الحقيقة والزيف. وقد كان رد وزارة الخارجية الأمريكية في 9 مارس/آذار دقيقًًا من الناحية الواقعية؛ إذ أدان بشكل صحيح استهداف الأقليات ودعا إلى محاسبة الجناة. لكن حتى هذا البيان أغفل تفصيلًا محوريًا في تسلسل الأحداث، وهو أن فلول النظام كانت هي من بدأت عملية القتل، مما أدى لاحقًًا إلى المجازر التي ارتكبتها القوات الحكومية وأتباعها . ومع الكشف عن المزيد من المعلومات في الأسابيع المقبلة – بما في ذلك التحقيقات التي تجريها لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها الحكومة الجديدة بصورة عاجلة- سيكتسب المسؤولون فهمًا أوضح للصورة الكاملة. ومع ذلك، يظل من الضروري وضع الأحداث في سياقها الصحيح، وتفكيك المعلومات المضللة، وتقييم أفضل الطرق التي يمكن أن تتعامل بها السلطات الجديدة والمجتمع الدولي مع التداعيات المباشرة لتلك الأحداث .
العصيان المتصاعد يخرج عن السيطرة
في 10 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت السلطات الانتقالية عفوًا عامًا عن جميع العسكريين الذين تم تجنيدهم في عهد نظام الأسد، وأنشأت "مراكز تسوية" في جميع المحافظات التي تسيطر عليها لإتاحة الفرصة أمام الجنود السابقين لتسليم أسلحتهم والحصول على بطاقات هوية مؤقتة وتسوية أوضاعهم مع الدولة الجديدة. وبموجب هذا العفو، سُمح لهم بالعودة إلى الحياة المدنية، شريطة ألا يكونوا قد تورطوا في جرائم حرب أو مجازر خلال الحرب الأهلية. وقد شهدت هذه العملية مشاركة عشرات الآلاف من العناصر العسكرية السابقة.
لم يوافق جميع أعضاء التحالف الحاكم الجديد على هذا النهج، مشيرين إلى احتمالية تسببه في تصاعد العنف. ومع ذلك، لم ترغب القيادة الجديدة في تكرار أخطاء عملية اجتثاث البعث في العراق بعد عام 2003، والتي تحولت إلى حملة تطهير واسعة ضد عناصر النظام السابق، مما فاقم نزعات التطرف في أنحاء البلاد.
إدراكًا منهم بأنهم لن يكونوا مشمولين بهذا العفو بسبب جرائمهم السابقة، تجنّب كبار المسؤولين العسكريين ورجال المخابرات في نظام الأسد مراكز التسوية، وبدلًا من ذلك، بدأوا في التخطيط لاستعادة السيطرة على الدولة. وكجزء من هذا المسعى، قاموا سريعاً بتشكيل جماعات وشبكات جديدة تهدف إلى شن تمرد مسلح . ومن بين قادة هذه الجماعات، برز عدد من الضباط السابقين في الجيش، خصوصًا من الفرقة الرابعة الموالية لإيران، والتي تمتلك سجلًا حافلًا بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك الإعدامات الجماعية، وحرق المدنيين، وتنسيق عمليات حصار وتجويع استمرت لشهور. وتشمل التشكيلات الجديدة ما يلي :
- "المقاومة الشعبية السورية"، التي تضم وحدة تُعرف بـ"قوات درع الساحل"، وتتخذ من محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة مقرًا لها. وقد هدّد قائد درع الساحل، العقيد السابق في الحرس الجمهوري مقداد فتيحة، بمواصلة استهداف الحكومة الجديدة، خاصة بعد الكمين الذي وقع في 6 آذار/مارس.
- جبهة المقاومة الإسلامية السورية (المعروفة أيضاً باسم "أولي البأس")، وتتخذ من محافظتي درعا والقنيطرة مقرًا لها، ويُرجّح أنها تعمل كوكيل مباشر لإيران و"حزب الله". وإلى جانب حملها الشعار التقليدي – "قبضة في الهواء مع كلاشينكوف" – الذي تستخدمه تنظيمات مماثلة، جرى الترويج لهذا الفصيل الجديد لأول مرة باعتباره جماعة "مقاومة" في وسائل إعلام النظام الإيراني، وذلك قبل يوم واحد فقط من وقوع المجازر الأسبوع الماضي، رغم أن تأسيسها الرسمي يعود إلى شهرين قبل ذلك.
- بقايا "قوات الدفاع الوطني"، وهي تشكيل يضم الوحدات غير النظامية التي كانت نشطة خلال حكم نظام الأسد. وقد بدأت هذه القوات بإعادة تنظيم صفوفها في محافظة دير الزور، حيث اعتقلت الحكومة الجديدة عددًا من أفرادها.
- "المجلس العسكري لتحرير سوريا"، الذي أعلن عن تأسيسه العميد غيث دلا صباح يوم كمين 6 آذار/مارس. وخلافًا مقداد فتيحة، دعا دلا إلى الدخول في مفاوضات مباشرة عقب ذلك الهجوم.
ومن اللافت أن فلول الأسد المرتبطة بإيران نفذت ستة وأربعين هجومًا في عدة محافظات منذ منتصف كانون الثاني/ يناير، وذلك في الفترة التي سبقت كمين المتمردين الذي عجّل بسلسلة المجازر. وهذا يساعد في تفسير سبب ملاحقة قوات الحكومة الجديدة للعناصر المتمردة في هذه المناطق، واعتقالها، وخوض مواجهات عنيفة ضدها على مدى أسابيع، مما أدى في النهاية إلى تفاقم الأزمة الحالية.
أزمة القيادة والسيطرة
مباشرة بعد كمين 6 أذار/مارس – الذي شكل أكبر موجة عنف منذ سقوط النظام – دعت قوات الأمن السورية إلى تعبئة عامة تجاوزت نطاق الوحدات المنتشرة أصلًا في المنطقة الساحلية. وقد شملت هذه التعبئة، التي كانت مهمتها استئصال متمردي النظام السابق، ثلاثة فصائل ميليشياوية تابعة للجيش الوطني السوري المدعوم من الولايات المتحدة: جيش الشرقية، وفصيل السلطان سليمان شاه، وفرقة الحمزة. وقد وُجهت إلى هذه الفصائل في السابق اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بحق الأكراد في شمال غرب سوريا. كما شارك في الاشتباكات مقاتلون جهاديون أجانب من جماعة "أنصار التوحيد"، التي تصنفها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، إلى جانب مدنيين سوريين محليين يسعون للانتقام من جرائم الحرب التي ارتكبها النظام.
وتشير معظم التقارير المحلية إلى أن العدد الكبير من القتلى المدنيين الذين سقطوا على يد القوات الحكومية كان مزيجًا من مقاتلي هذه الفصائل التابعة للجيش الوطني السوري، والمقاتلين الأجانب، ومدنيين تم استهدافهم بشكل عشوائي . ومن المعروف أن القوات الأساسية للفصيل الذي يقود الحكومة الجديدة، "هيئة تحرير الشام"، تتمتع بانضباط أكبر بكثير مقارنة الفصائل الأخرى، وذلك استنادًا إلى سنوات من مراقبة أنشطتها في محافظة إدلب وخلال عملية الإطاحة بالأسد. ومع ذلك، فقد تورط بعض عناصر "هيئة تحرير الشام" في المجازر أيضًا، ويجب محاسبتهم على ذلك.
وعلاوة على ذلك، لا تزال الحكومة الجديدة تتحمل المسؤولية عن جميع عمليات القتل التي نفذتها الجماعات الخاضعة رسميًا لقيادتها، بما في ذلك الجيش الوطني السوري. ومن ثم، يكشف عجز الحكومة عن منع هذه الجرائم عن ضعف قيادتها وقصور سيطرتها على المناطق والفصائل الواقعة خارج نطاق نفوذها التقليدي. وبعد ورود تقارير عن وقوع مجازر، أصدرت وزارة الداخلية بيانًا ذا شقين: (1) دعوة المدنيين إلى الامتناع عن التورط وترك الرد للحكومة، و(2) توجيه جميع القوات الموالية للحكومة إلى الالتزام بالإجراءات التي طُبقت خلال الهجوم الذي أطاح بنظام الأسد، والتي تنص على عدم استهداف المدنيين. ومع ذلك، وقعت العديد من عمليات القتل بالفعل بحلول ذلك الوقت، ولم يشر البيان إلى أي آلية للمساءلة، والتي تعد ضرورية لمنع المزيد من أعمال الانتقام والفظائع.
صدمات مزدوجة ترافقها حملات تضليل إعلامي.
من المؤسف أن آثار المجازر لم تؤدِ إلا إلى تفاقم الصدمة لدى كلا الطرفين. فقد أعادت الهجمات التي شنتها فلول الأسد، قبل تلك الأحداث وبعدها، إلى أذهان الأغلبية العربية السنية والأقليات المضطهدة ذكريات الجرائم التي ارتكبها النظام السابق خلال عقود من الحكم القمعي وسنوات الحرب الأهلية، بما في ذلك القصف بالبراميل المتفجرة، والهجمات الكيماوية، وحصار التجويع، والمجازر، والتعذيب في السجون، وغيرها من الفظائع . وفي المقابل، برزت من جديد صدمة الأجيال لدى أبناء الطائفة العلوية، الذين لا تزال ذاكرتهم الجمعية مثقلة بالمذابح لتي تعرضوا لها على يد الطائفة السنية، بدءًا من العصور الوسطى وحتى العهد العثماني.
والأسوأ من ذلك، أن هذه التواريخ يجري استغلالها في بيئة رقمية مشحونة، حيث تُنشر معلومات مضللة لا حصر لها بهدف تأجيج الوضع وإشعال دوامة جديدة من العنف. فعلى سبيل المثال، قامت شبكات يديرها الإيرانيون و"حزب الله" وشخصيات من النظام السابق بنشر أرقام مزيفة لأعداد القتلى، إلى جانب إشعارات وصور ملفقة، مما فاقم من حدة المأساة. واضطر العديد من الأشخاص إلى الظهور على الإنترنت لنفي تقارير زعمت مقتلهم، إلا أن الضرر كان قد وقع بالفعل- فبمجرد تسرب المعلومات المضللة إلى المنتديات الغربية والإسرائيلية، تحولت إلى تقارير كاذبة عن مذبحة ضد المسيحيين. وكما ذُكر سابقًا، قُتل عدد محدود من المسيحيين، لكن معظم الضحايا كانوا من العلويين والسنة. وأصدرت الكنائس المسيحية في اللاذقية بيانًا مشتركًا تحث فيه المواطنين على عدم الانسياق وراء الشائعات.
ومما زاد الأمر تعقيدًا أن مؤيدي الحكومة الجديدة نشروا مقطع فيديو يزعمون أنه يُظهر جرائم جديدة لبقايا النظام في القرداحة، لكن اللقطات في الواقع تعود إلى عام 2013 . وعلى الرغم من أن المشاهد أبرزت الصدمة المستمرة بين المتضررين من جرائم النظام، فإن تصوير الفظائع القديمة على أنها انتهاكات جديدة لن يؤدي إلا إلى تقويض الثقة في الحكومة الجديدة.
رد الحكومة
حتى الآن، ألقى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع خطابين وطنيين لمعالجة الأزمة، كان من أهم نتائجهما تشكيل لجنة لتقصي الحقائق لمدة ثلاثين يومًا للتحقيق فيما حدث بالفعل. سيكون لهذه الهيئة صلاحية التوصية بالأشخاص الذين يجب إحالتهم إلى القضاء بخصوص الجرائم المرتكبة خلال المجازر. وعلى عكس الأعضاء السابقين الذين عينتهم الحكومة الانتقالية سابقًا في اللجان والوزارات ومكاتب المحافظات، فإن الأعضاء السبعة في هذه اللجنة الجديدة لا توجد لهم أي انتماءات معروفة مع "هيئة تحرير الشام" أو حلفائها - وهو ما يُعتبر علامة على جدية دمشق في هذا التحقيق.
ومن المهم أيضًا أن المجزرة جاءت في أعقاب مؤتمر الحوار الوطني الذي تم التخطيط له على عجل في 25 شباط/فبراير، والذي شعر العديد من السوريين أنه لم يكن ممثلاً أو مفصلاً بما فيه الكفاية لبلد خرج من خمسة عقود من الحكم الشمولي. وعلى وجه الخصوص، فشلت "هيئة تحرير الشام" في إظهار مسار واضح نحو حكومة أكثر شمولاً - وهي مسألة أساسية لدى تلك المجتمعات التي تطلب منها دمشق دمج قواتها مع الجيش الوطني. وقد أدى ذلك إلى إضعاف مصداقية الحكومة الجديدة إلى درجة لم تشهدها في الشهرين ونصف الشهر السابقين من حكمها، كما أن المجازر زادت من تقليص هامش الخطأ لديها. إذا فشلت لجنة تقصي الحقائق في التصرف بشفافية، وإذا لم تتم محاكمة الأفراد المتورطين المذكورين في تقريرها النهائي بشكل مناسب، فإن دائرة الشرع ستفقد كل ما تبقى من مصداقيتها.
التداعيات السياسية
توفر أحداث الأسبوع الماضي لواشنطن وحلفائها سببًا إضافيًا لدفع دمشق نحو بدء عملية جوهرية للعدالة الانتقالية والحقيقة والمصالحة. فقبل وقوع المجازر، لم تتخذ الحكومة الجديدة أي خطوة في هذا الاتجاه باستثناء بعض التصريحات الإيجابية. وللمضي قدمًا، يجب على الولايات المتحدة أن ترحب بدعوة الشرع السريعة لتشكيل لجنة تحقيق، ولكن عليها أن تذكره بأن نتائجها والمحاكمات القضائية ستكون الاختبار الحقيقي لصدق الحكومة الجديدة في محاسبة مرتكبي الجرائم في صفوفها. وفي سياق متصل، قد يكون من الضروري تأجيل رفع العقوبات الأمريكية حتى يتم تقديم براهين ملموسة على إحراز تقدم، مع توفير تخفيف مؤقت للعقوبات من خلال تدابير يمكن لواشنطن إلغاؤها بسهولة، مثل تمديد التراخيص.
كما أن الأزمة تجعل من المهم أكثر من أي وقت مضى أن تنخرط واشنطن عن كثب في السياسة السورية. ويشمل ذلك التعاون مع الحلفاء الذين صاغوا مبادئ باريس لضمان استمرار العملية الانتقالية في سوريا بطريقة تحقق مصلحة الطرفين، أي تعزيز الاستقرار والعدالة والحكم الشامل للسوريين، مع خدمة المصلحة الأمريكية العليا المتمثلة في مواجهة إيران ووكلائها. إن التدخل الإيراني يبعث حياة جديدة في مسؤولي نظام الأسد السابقين الذين يظنون أن بإمكانهم استعادة الدولة، مما يهدد الأمن، رغم أن فرصهم في تحقيق ذلك ضئيلة.
تحتاج واشنطن أيضًا إلى إجراء مناقشات جادة مع حلفائها في أنقرة والقدس. كما ينبغي لتركيا أن تدرك أن استمرارها في دعم الجيش الوطني السوري، ومنع دمشق من تولي القيادة والسيطرة الكاملة على هذه القوات، لن يسفر إلا عن تصاعد العنف. يجب النظر إلى تسريح الجيش الوطني السوري على أنه جزء لا يتجزأ من الجهود السورية لمواجهة التهديد الذي أنشأت تركيا هذا الجيش في الأصل للتصدي له، وهو "قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الأكراد.
ومن ناحية أخرى، خطت العملية التدريجية لدمج "قوات سوريا الديمقراطية" في الجيش السوري الجديد خطوة إضافية إلى الأمام اليوم، حيث أعلن كل من الشرع وقائد "قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي عن اتفاق يهدف إلى دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية، والمطار، وحقول النفط ،والغاز. وفي المقابل، يتعين على المسؤولين الضغط على "قوات سوريا الديمقراطية" لضمان تطهير صفوفها تمامًا من العناصر الأجنبية المرتبطة بـ"حزب العمال الكردستاني"، باعتباره خطوة أساسية لتهدئة المخاوف الأمنية التركية.
بالإضافة الى ذلك، يجب على واشنطن أن تجري محادثات صريحة مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن مساعيهم للسيطرة على الأراضي الحدودية السورية وتأمينها، بالتزامن مع رعايتهم للقوات الدرزية والأقليات الأخرى. ومهما كانت هذه التحركات مفهومة من منظور الأمن الإسرائيلي، فإنها في الواقع تلحق ضررًا بالمشروع الوطني السوري، بدءًا من تعزيز نفوذ المتمردين المدعومين من إيران، وصولًا إلى عرقلة جهود المواطنين السوريين وقادتهم الجدد لمعالجة الانقسامات المجتمعية وبناء جسور التواصل بين الطوائف. إذا لم يُسمح لسوريا بالتعامل مع إرثها من المشاكل بعيدًا عن تدخل الجهات الفاعلة الإقليمية، فستستمر العناصر المخربة في الظهور وفى تقويض العملية الانتقالية. وبطبيعة الحال، لا ينبغي اعتبار الضغط على شركاء الولايات المتحدة مبررًا لإخفاقات الحكومة الجديدة في دمشق، ولكن قبل أن تتمكن واشنطن من تحديد هذه الإخفاقات بدقة وصياغة سياسات فعالة لمعالجتها، يجب عليها أولًا أن تكتسب فهمًا عميقًا للحقائق المعقدة والحساسة على الأرض، لا سيما في ظل تصاعد العنف، كما حدث الأسبوع الماضي، وانتشار آليات التضليل.
الدكتور هارون ي. زيلين هو زميل أقدم في برنامج الزمالة "غلوريا وكين ليفي" في "برنامج جانيت وايلي راينهارد لمكافحة الإرهاب والاستخبارات" في معهد واشنطن