- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
'اقتصاد المقاومة' في إيران -- وجهود الإصلاح المتعثرة
حالف الحظ إيران في جهودها الرامية لكسب دعم المصارف العالمية في حزيران/يونيو، عندما أوقفت فرقة عمل دولية تقوم بوضع معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولمدة عام واحد، تنفيذ دعوتها للبلدان لاتخاذ "تدابير مضادة استباقية" من أجل حماية أنظمتها المالية من المخططات الإيرانية غير المشروعة.
وفي المقابل، تعهّدت إيران بتحسين الضّوابط من أجل المساعدة في مكافحة تمويل الإرهاب وغير ذلك من التصرفات المالية غير المشروعة المستشرية داخل النظام المالي الإيراني. ويُعتبَر احتمال أن تعمل إيران على تطبيق الإصلاحات بحلول حزيران/يونيو ضئيلاً، مما يُشكّل نقطة يُحتمل أن تبرز هذا الأسبوع حيث يستمر المسؤولون الإيرانيون في لقاءاتهم مع دبلوماسيين آخرين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وكانت "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" قد أدرجت إيران على قائمتها السوداء منذ إنشاء القائمة في عام 2008. وبحلول حزيران/يونيو المقبل، من المتوقع أن تُظهر إيران إحراز تقدّم في "خطة عمل" تهدف إلى وضع حد للسلوك المالي غير المشروع، ومن بينه تمويل الجماعات الإرهابية مثل «حزب الله» اللبناني، والميليشيات الشيعية العراقية، و «فيلق القدس» الإيراني. وإذا لم يتحقق ذلك، سيتم إعادة فرض التدابير المضادة. وتريد إيران إقناع المصارف الأجنبية بأن تعمل كقنوات تلبّي بواسطتها حاجتها الشديدة إلى الاستثمار والتجارة. بيد، قد يكون التقدم المحرَز ضئيلاً.
وقد أدى الجدال في إيران حول القانون ذو الصلة وتحديده للإرهاب إلى إعاقة التقدم. وكان من المقرَّر عقد اجتماع في روما في الأسبوع الماضي مع مسؤولين من فرقة العمل يركّز على الأنظمة القضائية العالية المخاطر، إلا أن المسؤولين الإيرانيين ألغوا مشاركتهم قبل أقل من 48 ساعة من الوقت المقرر لعقد اجتماع المجموعة الفرعية.
وفي [اجتماعات] الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، من المتوقع أن يسلّط المسؤولون الإيرانيون الضوء على صعوبة تنفيذ الإصلاحات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
أما الإجراءات الهادفة إلى تقليص أو إيقاف تمويل وكلاء إيران الإرهابيين فتواجه معارضة كبيرة من قبل المتشددين المقربين من «فيلق الحرس الثوري الإسلامي» والمرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي. ومن المرجح أن يجادل المسؤولون الإيرانيون بأنه من الممكن استخدام القضية ضد الرئيس حسن روحاني في العام المقبل عندما يرشح نفسه لاعادة انتخابه، وأنه يجب على الغرب إعادة النظر في توقعانه لمنع استخدام ذلك كقضية سياسية.
وقد دعا الرئيس روحاني إلى عقد اجتماعات رفيعة المستوى في نيويورك للتعبير عن الشكاوى الإيرانية بأن العقوبات المصرفية لم يتم رفعها بالكامل. فهو يريد من الغرب التساهل من جانب واحد في ما يعتبرها العديد من الإيرانيين "عقبات" مصرفية غير مبررة.
والدورة واضحة: فالمصارف تخشى من التعامل مع إيران لأنه ما زال على طهران الحد من السلوك غير المشروع الذي يجعل منها خطراً ماليّاً. وفي الوقت نفسه، ما زال على المسؤولين الإيرانيين معالجة المسألة التكنوقراطية الخاصة بالامتثال للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وبدلاً من الامتثال للمعايير الدولية، قد تشير إيران إلى مصرفيْن بارزيْن - هما "بانك سپه" و"بانك ملت" - كملاذات آمنة محتملة للتعامل مع الغرب. ويبدو أن بعض الرسائل التي نشرتها وسائل إعلام إيرانية تُظهر أن هذين المصرفين - اللذين يشهد تاريخهما على أنهما الأكثر مخالفة للعقوبات الدولية - يرفضان إجراء معاملات صرف أجنبية لصالح "خاتم الانبياء"، وهي شركة هندسة وبناء كبيرة تابعة لقوات «الحرس الثوري»؛ وتذكر الرسائل إدراج هذه الشركة ضمن قوائم العقوبات الأمريكية.
وقد يكون اتخاذ إيران لهذين المصرفين كمثال بمثابة محاولة لتقديم بديل عن الامتثال الكامل بموجب اتفاق إيران مع فرقة العمل الدولية. فما يُراد قوله في الواقع هو: قد لا نكون قادرين على تنفيذ كل ما يُطلَب منا، لكن إليكم مصرفين خاليين من العيوب يمكن أن يتعامل معهما المجتمع المالي الدولي في إيران.
ولا تعمل جهود مكافحة غسل الأموال بهذه الطريقة. فمن دون الإصلاح المنهجي، ليس هناك سبب للاعتقاد بأن هذين المصرفين لن يستمران في التورط في أنشطة خادعة. وهكذا بالضبط صمد النظام الإيراني بوجه العقوبات وسهّل التمويل غير المشروع في السنوات الماضية. وفي غياب إصلاحات جوهرية، فمن المرجح أن يستمر الاقتصاد الإيراني في العمل بهذه الطريقة.
ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن. كاثرين باور هي زميلة أقدم في معهد واشنطن ومسؤولة سابقة في وزارة الخزانة الأمريكية. وقد نُشرت هذه المقالة في الأصل من على مدونة "ثينك تانك" على موقع الـ "وول ستريت جورنال".
"وول ستريت جورنال"