- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
إسرائيل تخطط لتصدير الغاز عبر سفينة الغاز الطبيعي المسال
من شأن خيار تصدير الغاز، الذي سيستغرق تطويره عدة سنوات، أن يقلل بل حتى يزيل الحاجة الراهنة لتوصيل الغاز عبر مصر.
غيّرت الحرب في أوكرانيا معالم السوق الدولية للغاز الطبيعي، حيث شهدت أوروبا ارتفاعاً في الأسعار والطلب على حد سواء. ويُعتبر تبريد الغاز لتسييله عملية باهظة الثمن، مما يعني أن الجدوى التجارية للسوق تستوجب منها عادةً أن تتضمن مسافات أطول بكثير من تلك التي يمكن الوصول إليها عبر خط الأنابيب. من هنا جاء قرار شركة "شيفرون" وغيرها من الشركات التي تستغل حقل "ليفياثان" البحري والأكبر في إسرائيل، بالمضي قدماً في دراسة هندسية أولية، وهي الخطوة التالية بعد تقييم جدوى إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
وبالإضافة إلى الكميات الصغيرة نسبياً التي يتم ضخها بالأنابيب إلى دولة الأردن المجاورة، تقتصر السوق الراهنة الوحيدة للغاز البحري الإسرائيلي على مصر، حيث يتم استخدام الغاز لتوليد الكهرباء في البلاد، مما يحرر الغاز المصري للتصدير في سوق أكثر ربحية.
وفي حين سيسعى الكونسورتيوم المؤلف من شركة "شيفرون" التي تدير حقل "ليفياثان"، وشركتين إسرائيليتين (هما "نيوميد إنيرجي" و"راشيو إنرجيز") تملكان فعلياً الحصة الكبرى من الترخيص، إلى اتخاذ قراراته لأسباب تجارية، إلا أن احتمال تصدير الغاز الطبيعي المسال، له أيضاً أبعاد جيوسياسية مهمة. فالاعتماد على طريق تصدير رئيسي واحد (مصر) أمر محفوف بالمخاطر، لا سيما وأن خيارات التصدير هذه تنطوي على التزامات تمتد لعدة سنوات. وتُعتبر صادرات الغاز الطبيعي المسال مرغوبة لأن الناقلات لا تعبر الحدود السيادية ويمكنها الإبحار إلى أي منطقة في العالم.
كما أن أي مشروع إسرائيلي للغاز الطبيعي المسال، بوصفه الحالي، سيتطلب تخصيص مليارات الدولارات لبناء سفينة خاصة لا يوجد منها حتى الآن إلا أقل من ستة في جميع أنحاء العالم، مع الإشارة إلى أن أحواض بناء السفن في كوريا الجنوبية وسنغافورة تتمتع بخبرة نادرة في هذا المجال. وبموازاة ذلك، يجب توسيع الإنتاج في حقل "ليفياثان" ليشمل عدداً أكبر من خطوط الأنابيب الممتدة في قاع البحر، من الحقل الواقع على بعد يزيد عن 120 كيلومتراً من الشاطئ، إلى منصة الإنتاج التي تبعد ثمانية كيلومترات أو نحو ذلك عن البحر من زخرون يعقوب، جنوبي حيفا. (يمكن أيضاً ربط حقل "أفروديت" الصغير وغير المستغل، المشترك بين قبرص وإسرائيل).
ومن المفترض إرساء سفينة الغاز الطبيعي المسال بالقرب من المنصة، ووضع الناقلات بجانبها لتحميل الغاز قبل انتقالها إلى وجهات في أوروبا أو آسيا. (من المرجح أن يعارض اللوبي البيئي الإسرائيلي بشدة التأثير على المنظر المحلي للبحر).
وعلى المدى القصير، يضغط كونسورتيوم "ليفياثان" على مصر لتغيير شروط صفقاتها الحالية، التي تمنح الإيرادات للشركات على أساس السعر المحلي المنخفض فقط. كما طلبت الشركات من مصر قبول صفقة "رسوم المرور"، مما يعني أنه سيتم تسييل غاز "ليفياثان" مقابل رسوم في مصنع "إدكو" للغاز الطبيعي المسال الذي تديره شركة "شل" في دلتا النيل، ثم يتم تصديره للبيع بأسعار دولية أفضل بكثير من تلك الموجودة في مصر.
ولربما كان أحد العوامل الذي استحث قرار دراسة خيار الغاز الطبيعي المسال عن كثب هو الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال تشرين الأول/أكتوبر 2022 بوساطة أمريكية بشأن الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، وهو اتفاق وافق عليه أساساً «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران. لكن التهديد الذي تمثله صواريخ «حزب الله» لم يختفِ بل خامد، وربما يفسر ذلك السبب الذي يدفع إلى وضع سفينة الغاز الطبيعي المسال بالقرب من منصة "ليفياثان" - المحمية أساساً بواسطة الوحدات البحرية الإسرائيلية المضادة للصواريخ.
وعلى صعيد الطلب الأوروبي بشكل إجمالي، لن يُحدث الغاز الطبيعي المسال الإسرائيلي سوى فارق بسيط. فالكمية التي تتم مناقشتها هي 9 مليارات متر مكعب إضافية سنوياً، في حين أن إجمالي الطلب الأوروبي كان يناهز 400 مليار متر مكعب سنوياً حتى وقت نشوب الأزمة. ولكن إذا اكتسبت فكرة الغاز الطبيعي المسال زخماً، سيخيب أمل اليونان وقبرص اللتين تدعمان اقتراحاً لإنشاء خط أنابيب تحت البحر يربط إسرائيل بجزيرة كريت ويصل منها إلى البر الرئيسي الأوروبي، علماً بأن واشنطن سبق أن تخلت عن هذه الفكرة لأسباب تتعلق بالتكلفة والتطبيق العملي. ومع ذلك، من المرجح أن تضاف الضغوط الدبلوماسية من اليونان وقبرص وربما أيضاً "الاتحاد الأوروبي" إلى التحديات الهندسية والتجارية التي تواجه خطط الغاز الطبيعي المسال.
سايمون هندرسون هو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.