- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
إسرائيل تخطط لزيادة إنتاج الغاز رغم تهديدات "حزب الله"
قد يعزز توسع إنتاج إسرائيل من الغاز في النهاية الإمدادات إلى مصر، على الرغم من أن الترسانة الصاروخية القوية لـ "حزب الله" وتهديداته العلنية ضد أهداف الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط قد تضعف الاستثمار الإقليمي الأوسع نطاقاً في هذا القطاع.
في 26 حزيران/يونيو، أعطى وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين الضوء الأخضر الأولي لمشروع توسعة مقترح لحقل الغاز الطبيعي البحري "ليفياثان" يمتد على عدة سنوات تبلغ قيمته 500 مليون دولار وسينفذه حاملو تراخيص هذا الحقل. ومع ذلك، يواجه هذا الاقتراح تحديات فورية تتمثل في ترسانة "حزب الله" المدججة (بالسلاح) الواقعة إلى الشمال مباشرة في لبنان.
وقبل أربعة أيام من إعلان كوهين، نشر زعيم "حزب الله" حسن نصر الله شريط فيديو يهدد فيه أهدافاً محتملة في إسرائيل، وكثير منها مرتبط بالطاقة. وأظهرت إحدى الصور تفاصيل خطوط الطول والعرض لمنصة إنتاج "ليفياثان" إلى جانب صور مأخوذة من "غوغل إيرث" أو، ربما، ملتقطة بواسطة مسيّرات "حزب الله". ويقع حقل "ليفياثان" نفسه على عمق ثمانين ميلاً تحت قاع البحر قبالة ساحل حيفا، لكن منصة الإنتاج التي تتم فيها معالجة الغاز تقع على السطح على بعد أميال قليلة من زخرون يعكوف. ويمكن لعشرات الآلاف من صواريخ "حزب الله"، والتي تشمل أنواعاً ذات أنظمة توجيه متطورة، الوصول بسهولة إلى هذه المنشأة وغيرها.
وعلى الرغم من أن غالبية الأطراف التي تحمل تراخيص "ليفياثان" هي شركات إسرائيلية، إلا أن مشغل الحقل هو شركة "شيفرون" الأمريكية، بحصة تبلغ 39.66٪. وقد بدأ الإنتاج في الحقل مؤخراً نسبياً في عام 2019، لذلك يمكن أن تستمر احتياطياته القابلة للاستخراج لمدة عقدين آخرين أو أكثر. ويبلغ إنتاجه الحالي 12 مليار متر مكعب سنوياً، وتُرسَل ثلاثة أرباع هذه الكمية عبر خط أنابيب إلى مصر والباقي إلى الأردن. وسيؤدي التوسع المقترح إلى زيادة هذا الإنتاج إلى 21 مليار متر مكعب سنوياً، معظمه معدّ للتصدير. وتتم تلبية الطلب المحلي الإسرائيلي على الغاز من خلال حقل "تمار" الأصغر حجماً جنوباً - وهو هدف محتمل آخر تم تسليط الضوء عليه في فيديو نصر الله.
وعلى الرغم من الأهمية المحلية لهذه الحقول، إلا أنها لا تشكل عاملاً رئيسياً في السوق العالمية. فاحتياطيات إسرائيل تحل في المرتبة الخامسة والأربعين عالمياً من حيث الحجم، مقارنة بإيران ذات الوزن الثقيل إقليمياً (المرتبة الثانية) وقطر (الثالثة)، بينما تحتل روسيا المرتبة الأولى والولايات المتحدة المرتبة الرابعة بفارق كبير. وتبدو مصر جهة أكبر في المرتبة 16، مع احتياطيات أكبر بنحو 11 مرة من احتياطيات إسرائيل. ومع ذلك، لا تدر هذه الثروة من الغاز ثروات للقاهرة لأن الطلب المحلي على الكهرباء عادة ما يستنزفها بالكامل، مما لا يترك أي شيء لسوق التصدير المربحة. وحتى هذه الإمدادات ليست كافية - فقد شهدت البلاد انقطاعاً متكرراً في التيار الكهربائي هذا الصيف، مما أجبر المتاجر والمطاعم على تقليص ساعات عملها حتى أواخر شهر أيلول/سبتمبر. وبالتالي، كانت واردات الغاز من إسرائيل ضرورية ويمكن أن تساعد كثيراً إذا تم توسيعها.
ومع ذلك، فإن أياً من مشاريع الغاز الحالية في شرق البحر الأبيض المتوسط ليس مؤهلاً للتخفيف من حدة أزمات الطاقة المحلية (ناهيك عن العالمية) على المدى القريب:
- في إسرائيل، سيستغرق إنتاج أي كميات إضافية من حقل "ليفياثان" عدة سنوات. ومن الناحية المثالية، يمكن تصدير بعض هذه الاحتياطيات على الأقل كغاز طبيعي مسال يبلغ سعره عدة أضعاف سعر الغاز الذي يتم نقله عبر الأنابيب إلى مصر. ومع ذلك، لم تكتشف إسرائيل حتى الآن الكميات اللازمة لجعل هذا الأمر قابلاً للتطبيق.
- اكتشفت قبرص حقول غاز في البحر، من ضمنها حقل يقع جزئياً في "المنطقة الاقتصادية الخالصة" لإسرائيل. لكنها لم تبدأ الإنتاج بعد، ولا شك أن المستثمرين لاحظوا عندما هدد نصر الله الجزيرة مؤخراً. فخلال حرب غزة، ساندت القواعد البريطانية المتواجدة في قبرص الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لضرب الحوثيين اليمنيين، رفاق "حزب الله" في "محور المقاومة" الإيراني.
- لم يجد لبنان حتى الآن احتياطيات من الغاز بكميات مجدية تجارياً على الرغم من وجود بعض الحقول الواعدة، مما دفعه إلى تمديد فترة تقديم العطاءات للحصول على تراخيص الحفر في "منطقته الاقتصادية الخالصة" حتى عام 2025. ومن المرجح أن تردع تهديدات نصر الله شركات التنقيب المحتملة.
- لا يزال شرق البحر الأبيض المتوسط الأوسع نطاقاً احتمالاً مشوقاً لتعزيز جهود التنقيب عن موارد الطاقة، ولكن حتى لو تمكنت الشركات من التغلب على العقبات المحلية واكتشاف حقول بحرية رئيسية جديدة، فمن المحتمل أن تحتاج إلى خمس سنوات على الأقل قبل أن تتمكن من استغلال هذه الموارد.
وبالنسبة لواشنطن، يكمن التحدي في دعم التنمية الاقتصادية طويلة الأجل لحلفائها في الشرق الأوسط مع احتواء التوترات الحالية في شرق البحر الأبيض المتوسط ومواجهتها في الوقت نفسه. ويشكّل الصراع المتصاعد بين "حزب الله" وإسرائيل القضية الرئيسية اليوم، لكن يجب على الدبلوماسية الأمريكية أن تلتزم بالنظرة الإقليمية طويلة الأمد المطلوبة لتنفيذ مشاريع الطاقة متعددة السنوات. ويظهر إعلان إسرائيل عن ترحيبها بمزيد من الاستثمارات أنه على الرغم من التوترات المتزايدة، لا تزال هناك آفاق تنمية جذابة في المنطقة.
سايمون هندرسون هو زميل أقدم في برنامج الزمالة "بيكر" ومدير "برنامج برنشتاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن، ومتخصص في شؤون الطاقة والدول العربية المحافظة في الخليج العربي.