- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
استيلاء الحوثيين على سفينة تجارية، واجتماع "أوبك بلس"، وخطط مؤتمر الأطراف "كوب 28"، عوامل قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط
Also published in "ماسينجر"
مع استمرار الوكلاء المدعومين من إيران في استهداف المصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة، فإن تزايد الغضب الشعبي قد يدفع قادة دول الخليج إلى الإعلان عن خفض إنتاجهم النفطي في اجتماع "الكارتل" الذي سيعقد هذا الأسبوع.
كالعادة، كان من المتوقع أن يكون هذا الأسبوع، المقرر أن ينعقد في نهايته اجتماع كارتل النفط "أوبك بلس"، أسبوعاً "مثيراً للاهتمام" في عالم الطاقة، لكن استيلاء رجال قبائل الحوثيين الموالين لإيران على سفينة تجارية في البحر الأحمر يوم الأحد قد زاد من أهمية الاجتماع بدرجة كبيرة.
ويبدو أن الحوثيين يبررون عملية الاستيلاء على السفينة، التي كانت في طريقها من تركيا إلى الهند، بكونها مملوكة جزئياً لرجل أعمال إسرائيلي، إلا أن لهذه الجزئية الهامشية للحرب المستمرة بين إسرائيل و"حماس" في قطاع غزة تداعيات فورية على الطاقة، وعلى أسعار النفط أيضاً.
وقد تم اعتراض سفينة "غالاكسي ليدر" (Galaxy Leader) بعد عبورها قناة السويس ومرورها بجانب مدينة جدة الساحلية السعودية. وكان لا يزال عليها المرور عبر مضيق باب المندب، وهو الممر المائي الضيق بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي.
وفي اللغة العسكرية، يُعَد كل من المضيق وقناة السويس، "نقطة اختناق"، وينطبق الوصف نفسه على مضيق هرمز بين الخليج العربي والمحيط الهندي، على الجانب الشمالي من شبه الجزيرة العربية. وفيما يتعلق بصادرات النفط، تمر عبر مضيق هرمز كميات أكبر من النفط، إلا أن باب المندب وقناة السويس لهما أهمية كبيرة أيضاً. ولا شك بأن البنتاغون يعيد النظر في خطط الطوارئ التي وضعها لضمان سلامة خطوط التجارة الدولية. وعلى أقل تقدير، قد يستلزم ذلك استعراضاً للقوة البحرية. ولحسن الحظ تملك البحرية الأمريكية مجموعتين من حاملات الطائرات الهجومية في المنطقة، ولكن خطط الطوارئ قد تتطلب أيضاً القدرة على الرد بصورة أكثر "حركية".
وسوف نرى كيف سينعكس ذلك على أسواق النفط. في 16 تشرين الثاني/نوفمبر، كتب خبير الطاقة دانييل يرغن مقال رأي في صحيفة "وول ستريت جورنال"، بعنوان "الهدوء يعم أسواق النفط - حتى الآن"، أورد فيه الملاحظة التالية: "قد يتغير ذلك في حال توسّع نطاق الحرب الدائرة [في غزة]، إلا أن لإيران والصين مصلحة في احتوائها".
وبعد يوم واحد، أفاد المحرر المختص في شؤون الطاقة لصحيفة "فاينانشال تايمز" أن "«أوبك بلس» تدرس إمكانية خفض الإنتاج بصورة أكبر في ظل تنامي الغضب الشعبي بشأن الأحداث في غزة"، ونقلاً عن مصدر لم يسمه مقرب من شخصيات خليجية بارزة في "أوبك"، قال هذا الأخير إنه "يجب عدم الاستهانة بحجم الغضب الشعبي والضغط الذي يشعر به قادة الخليج من شعوبهم لكي يُنظر إليهم بأنهم يُعبّرون عن مواقف معينة".
ووُصفت الأوضاع في الكويت والجزائر وإيران بأنها "الأكثر اضطراباً من جراء النزاع". وكان من المتوقع خفض الإنتاج هناك، أو على الأقل حدوث ضغط في ذلك الاتجاه، لكن صحيفة "فاينانشال تايمز" تكهنت أيضاً بأن تُمدد المملكة العربية السعودية خفض إنتاجها الطوعي بمقدار مليون برميل يومياً حتى العام الجديد.
ويكمن التحدي، على ما يبدو، في القدرة على التنبؤ بما سيفعله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للموزانة بين مكانته في العالم من جهة وبين أي ضغوط شعبية محتملة. فخطته الاقتصادية الطموحة "لرؤية السعودية 2030" تتطلب ألا يقل سعر برميل النفط عن 80 دولاراً للبرميل، وعلى الأرجح 100 دولار للبرميل. وقد أمضى محمد بن سلمان العامين الماضيين محاولاً عقد صفقة مع الحوثيين في اليمن، بعد أن عجز عن إلحاق الهزيمة بهم عسكرياً.
وقد تأخذ الأحداث منحى آخر خلال القمة البيئية "كوب 28"، التي تبدأ في 30 تشرين الثاني/نوفمبر في دبي، المدينة التجارية الرئيسية في الإمارات العربية المتحدة. فالأخبار السيئة القادمة من غزة قد تشتت انتباه قادة الاجتماع، الذي يواجه أساساً احتمال قيام "احتجاجات خضراء" من قبل المراقبين القادمين من جميع أنحاء العالم. وعادة، لا يتم التعبير علناً عن المواقف السياسية في الإمارات باستثناء المواقف المؤيدة للعائلة الحاكمة.
وقبل إغلاق السوق في السابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، ارتفع سعر برميل النفط بشكل مفاجئ بضعة دولارات ليصل إلى حوالي 81 دولاراً لخام برنت المتداول على نطاق واسع، لكن نسبة هذا الارتفاع منخفضة إلى حد كبير مقارنة بما كانت عليه قبل بضعة أشهر، حين قارب الوصول إلى سعر 100 دولار للبرميل. وقد يصل إلى ذلك المستوى أو يتجاوزه في الأيام القليلة القادمة.
سايمون هندرسون هو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.