- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
إيران تقترب خطوة من الانضمام إلى "منظمة شانغهاي للتعاون"
من شأن تقييم الفوائد - والقيود - الحقيقية للانضمام إلى ما يسمى بـ "الحلف المضاد للناتو" أن يساعد صانعي السياسات على فهم أفضل لما تجنيه طهران، والصين، وروسيا، والمشاركون الآخرون من قممهم.
بعد مضي عام على قبول "منظمة شنغهاي للتعاون" لطلب إيران الانضمام إليها، من المتوقع أن تتخذ البلاد خطوة أخرى في هذه العملية عبر التوقيع على مذكرة التزامات في قمة المنظمة المرتقبة يومي 15 و16 أيلول/سبتمبر في سمرقند. وبذلك تنطلق عملية رسمية مدتها عام كامل تحصل إيران في نهايتها على العضوية الكاملة.
منذ تأسيس "منظمة شنغهاي للتعاون" عام 2001، لم تقبل المنظمة أعضاءً جدداً إلا مرة واحدة، وهي عندما تمت الموافقة على طلب الهند وباكستان في قمة 2015. بعد ذلك، وقّع البلدان مذكرات التزامات في قمة عام 2016 ثم تم القبول بعضويتهما الكاملة في قمة 2017.
وتحدد المذكرة المعتادة التي ستوقعها إيران الالتزامات المختلفة التي يُتوقع من أي بلد الوفاء بها، بما في ذلك الانضمام إلى اتفاقيات ومعاهدات "منظمة شانغهاي للتعاون" مثل الميثاق التأسيسي للمنظمة و"اتفاقية مكافحة الإرهاب والتطرف والانفصالية". وبعد أن تستوفي طهران هذه الشروط المسبقة، تُقدم وثائق الانضمام إلى أمانة "منظمة شنغهاي للتعاون" في بكين للموافقة عليها. ومع أن هذه الشروط قد تبدو صارمة على الورق، إلا أن القدرة المؤسسية لـ "منظمة شانغهاي للتعاون" على ضمان الوفاء فعلياً بهذه الاتفاقات تقتصر في الحقيقة على هيئتين دائمتين - هما "الأمانة العامة" في بكين و "الهيئة الإقليمية لمكافحة الإرهاب" في طشقند، ولا يتمتع أيٌّ منهما بالأهلية القانونية لإنفاذ القرارات. وعلى أي حال، تشير سابقة انضمام الهند وباكستان إلى أن إيران ستصبح على الأرجح عضواً كاملاً في صيف 2023.
وغالباً ما يتم تصوير "منظمة شانغهاي للتعاون" على أنها تكتل معادٍ للغرب بطبيعته، حتى أن البعض يصفها بأنها "مناهضة لحلف شمال الأطلسي". ولكن من الناحية العملية، حدّت الخلافات بين الدول الأعضاء من إمكانية تنسيق سياسات التكتل وتحقيق تكامله الإقليمي منذ إنشاء المنظمة. ويعود ذلك جزئياً إلى عدم كفاية قدرتها البيروقراطية وتصميمها المؤسسي - فهي تعمل وفق مبدأ توافق الآراء، الأمر الذي يحد من التعاون الجوهري. وبالتالي، تشكل المنظمة منتدىً للنقاش والتفاعل أكثر من كونها تحالفاً إقليمياً رسمياً مشابهاً لحلف "الناتو" أو "الاتحاد الأوروبي".
ومن غير المرجح أن تشكل قمة سمرقند استثناءً لهذا السجل الحافل. فالدول الأعضاء لا تزال منقسمة حول القضية الأمنية الكبرى في العالم حالياً - وهي حرب روسيا في أوكرانيا - لذلك من المتوقع ألا يفضي الاجتماع إلى نتائج تُذكر بما يتجاوز خطاب المنظمة المعتاد عن الإرهاب والتطرف وظهور نظام دولي متعدد الأقطاب. ومع ذلك، فمن المفترض أن تستخدم المنظمة انضمام إيران إليها لتعزيز خطابها حول مكانتها العالمية المتعاظمة.
ومن الجانب الإيراني، يشير المسؤولون الإيرانيون إلى أن عملية الانضمام إلى المنظمة قد عززت بالفعل الوضع الاقتصادي لبلادهم، على الرغم من واقع كَوْن "منظمة شانغهاي للتعاون" تفتقر إلى أي آلية رسمية لتعزيز التجارة بين أعضائها. وفي تموز/يوليو، صرّح المتحدث باسم "مصلحة الجمارك الإيرانية" روح الله لطيفي بأن صادرات إيران غير النفطية إلى دول "منظمة شانغهاي للتعاون" ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال الربع الثاني من عام 2022، ليبلغ مجموعها 5.5 مليارات دولار خلال تلك الفترة. كما استضافت طهران العديد من الفعاليات المخصصة للفوائد التجارية المكتسبة من العضوية في "منظمة شانغهاي للتعاون". ونظراً للجمود المستمر مع الغرب بشأن المحادثات النووية والعقوبات، تذرّع المسؤولون الإيرانيون بالتعامل مع "منظمة شانغهاي للتعاون" كوسيلة لإضفاء الشرعية على سياسة "النظر شرقاً" التي تنتهجها الحكومة.
وغالباً ما يتم تصوير هذا الاهتمام المتزايد بـ "منظمة شانغهاي للتعاون" على أنه ثمرة علاقات إيران مع روسيا والصين - وفي الآونة الأخيرة، عمّقت الحرب الأوكرانية العلاقة بين طهران وموسكو، في حين حافظت العلاقات مع بكين على مكانتها البارزة في عهد الرئيس ابراهيم رئيسي. ومع ذلك، تعتبر الحكومة أيضاً المنظمة منصةً لتوسيع العلاقات مع القوى الأقل مستوى. فقد أعقبت الموافقة المبدئية على العضوية في العام الماضي سلسلةٌ من التبادلات الدبلوماسية الإيرانية مع طاجيكستان وكازاخستان وأوزبكستان في ربيع وصيف عام 2022. وفي الواقع، تمنح "منظمة شانغهاي للتعاون" طهران منتدى دبلوماسياً للسعي إلى توطيد العلاقات مع المنطقة، وهي عملية أعاقتها سابقاً القيود المحلية وانعدام الاتساق في السياسات. ومن جانبها، ترى حكومات آسيا الوسطى إيران مركزاً محتملاً للعبور وبديلاً للاعتماد على روسيا.
ويقيناً، أن مشاركة إيران في قمة سمرقند وانضمامها الحديث إلى "منظمة شانغهاي للتعاون" لا يشكلان حلاً مؤسسياً للعزلة الدولية للبلاد. غير أن كلا التطورين يستحقان المراقبة باعتبارهما مؤشراً على تنامي التعامل والتعاون الإيراني مع البلدان التي تقع ضمن نطاق نفوذ "منظمة شانغهاي للتعاون".
نيكول غرايفسكي هي "زميلة ستانتون للأمن النووي لما بعد الدكتوراه" في "مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية". ونُشر هذا المقال تحت رعاية "برنامج مؤسسة دايين وغيلفورد غليزر" التابع للمعهد حول "منافسة القوى العظمى والشرق الأوسط".