- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
بِمَوت نيسمان، سقطت قضية "آميا" في «جحر الأرنب»
"فيما يلي ترجمة لمقال نشر في صحيفة "كلارين" الأرجنتينية في الرابع من حزيران/يونيو. إقرأ النسخة الأصلية باللغة الإسبانية."
كأنما هي نسخة جديدة من رواية "أليس في بلاد العجائب"!، فالتحقيق في التفجير الإرهابي لمركز الجالية اليهودية في الأرجنتين ("آميا") يسقط في «جحر أرنب» غامض - وهي كناية عن الدخول في المجهول المربك حيث يُعلّق المنطق ويستحيل الخيال حقيقة واقعة.
فخلال أقل من شهرين ستحل الذكرى الحادية والعشرين لتفجير "آميا"، الذي قُتل على أثره 85 شخصاً، وجرح عدد أكبر من ذلك بكثير. أما الحقيقة المثبتة هنا، كما وضّحْتُها في تفاصيل مؤلمة في كتابي باللغة الانكليزية "«حزب الله»: الأثر العالمي لـ «حزب الله» في لبنان"، فهي أن: إيران و «حزب الله» نفّذا كل من تفجير مركز "آميا" في عام 1994 وتفجير السفارة الإسرائيلية في عام 1992. أما النظريات الأخرى، أي ضلوع سوريا بالانفجار، وكونه عبارة عن مؤامرة يهودية متطرفة، أو أن من نفذه هم مهربو أسلحة متطرفون من الأرجنتين، فقد تم التحقيق في جميعها جيداً، ودحضها، وأُغلقت لعدم كفاية الأدلة. وفي الوقت نفسه، تراكمت الأدلة التي تعرض الأدوار المحددة التي لعبتها عناصر «حزب الله» مثل سلمان الرضا وعملاء إيران مثل محسن رباني.
أما اليوم، فيبدو أن من له مصلحة في تغطية هذه الأدلة في الأرجنتين حريصٌ على ذلك، ليس من خلال تحدي الأدلة الكثيرة ولكن عن طريق تشويه سمعة المدعي العام الاتحادي ألبرتو نيسمان، حتى بعد عملية قتله الواضحة. وخلال عملية التغطية موضع البحث، تعمل هذه الأطراف القوية على تخويف ضحايا تفجير مركز "آميا"، وأعضاء الجالية اليهودية في الأرجنتين، من خلال تهديدهم بتوجيه تهمة الخيانة إليهم أو غسل الأموال أو ما هو أسوأ من ذلك.
وفي الوقت نفسه، يشعر بعض الإيرانيين الذين اتهمتهم السلطات الأرجنتينية بضلوعهم بتفجير مركز "آميا" بالراحة جداً في هذا الجو المربك الجديد الشبيه بجو "أليس في بلاد العجائب" - ويعود ذلك إلى حد كبير نتيجة صفقة ما يسمى بـ "لجنة تقصي الحقائق" الموقعة مع طهران - إلى درجة أن هؤلاء الإيرانيين يظهرون على شاشة التلفزيون المحلي مصرّين على أن التهم الموجهة إليهم هي مجرد أكاذيب. ومن جهته، رفض علي أكبر ولايتي، الذي كان وزير الخارجية الإيراني في عام 1994 ويشغل اليوم منصب مستشار المرشد الأعلى الإيراني، المثول أمام محكمة أرجنتينية لكنه صرّح لتلفزيون "C5N" أن التهم الموجهة إليه "لا أساس لها"، مشيراً إلى أن الأرجنتين تقبع "تحت تأثير الصهيونية والولايات المتحدة".
والأسوأ من ذلك أن الرجل الذي وصفته السلطات الأرجنتينية باعتباره القوة الدافعة وراء تفجير مركز "آميا"، محسن رباني، قال للتلفزيون الأرجنتيني بأن التحقيق الذي أجراه نيسمان لم يستند سوى إلى "اختراعات الصحف من دون أي دليل ضد إيران". وفي الواقع، كان الإثبات الأقوى ضد إيران هو الدليل على الدور الذي لعبه رباني بشكل خاص في المخطط، بدءاً من تشغيل شبكة من عملاء المخابرات في بوينس آيرس وصولاً إلى شراء الشاحنة الصغيرة التي استخدمت كسيارة مفخخة في الهجوم. وهو لا يزال نشطاً: فوفقاً لتحقيقات نيسمان الأكثر حداثة، كان الوكلاء الإيرانيون في الأرجنتين الذين يعملون تحت إمرة رباني ويقدمون له التقارير مباشرة، يتآمرون لتلفيق "أدلة جديدة" وهمية لتحل محل الأدلة الحقيقة التي تم جمعها في هذه القضية.
وها نحن ذا، في «جحر الأرنب»، مع هارب من العدالة ينسق مؤامرة لتقويض تحقيق سلطات إنفاذ القانون الخاصة بالأرجنتين في مقتل 85 مدنياً وسط مدينة بوينس آيرس. لذا، لا عجب أن الكثيرون يعتبرون بأن نيسمان هو الضحية رقم 86 لتفجير "آميا"!
ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر - ويكسلر" ومدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن.
كلارين