- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
«داعش» على أبواب حلب
ابتداءً من أواخر الأسبوع الماضي، بدأت قوات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية» بشن هجوم كبير شمالي حلب واجتاحت عدة قرى كانت قد احتلتها الجماعة المظلية المتمردة «جيش الفتح». ويحاول تنظيم «داعش» منذ أشهر الاستيلاء على الممر بين عزاز وحلب، الذي لا يزال في أيدي الجماعات المتمردة (وبشكل اساسي «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة»). ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يشكل هذا الممر الهدف الحقيقي للهجوم الأخير، أم أن تنظيم «الدولة الإسلامية» يخطط للقيام بغزو مباشر لحلب؟
ويجدر بالذكر أن المتمردين في هذه القرى الشمالية لم يقاوموا كثيراً وهربوا بسرعة قبل تقدم تنظيم «داعش». وباعتراف الجميع، كانوا في وضع صعب جداً [ومحاصرين] بين الجيش السوري في الجنوب وتنظيم «الدولة الإسلامية» في الشمال. ويتم ضرب وحدات المتمردين عن طريق الغارات الجوية الروسية في جميع أنحاء سوريا، كما أنها تواجه الضغط على الأرض من هجمات نظام الأسد على جبهتي حماة ووادي الغاب، لذلك فهي غير قادرة على مواجهة زحف تنظيم «داعش» شمال حلب. وعلى المدى القصير، بإمكان بشار الأسد الاستفادة من القتال بين تنظيم «الدولة الإسلامية» و«جيش الفتح». ولكن إذا كانت حلب هي الهدف الحقيقي للجماعة، فقد يفقد الأسد السيطرة على ثاني أهم مدينة في سوريا.
وفي الوقت الراهن، يُقيم تنظيم «داعش» اتصالات مباشرة مع ضواحي حلب، حيث أن الجيش السوري ضعيف للغاية هناك. إن واقع مقتل الجنرال الايراني حسين همداني مؤخراً في المنطقة يشير إلى أن بعض وحدات تنظيم «الدولة الإسلامية» على الأقل، قد اشتبكت مع قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها، بما فيها «حزب الله».
وسابقاً في شباط/فبراير، فشلت حملة الجيش السوري لتطويق شرق حلب، ولكن يبدو أنه يجري [حالياً] اتخاذ خطوات لشن هجوم جديد، وسيكون هذه المرة بدعم من الطائرات الروسية والمزيد من القوات البرية. ومع استمرار هذا الجهد في الأسابيع والأشهر المقبلة، سوف يحاول الأسد وحلفاؤه على الأرجح تأمين المساعدة من «حزب الاتحاد الديمقراطي»، وهو جماعة كردية سورية قادرة على إغلاق الحدود التركية بين عزاز وجرابلس وقطع شريان الحياة الرئيسي للمتمردين.
وإذا نجحت هذه الاستراتيجية المشتركة بين الأسد والروس و«حزب الاتحاد الديمقراطي»، فسيتم أيضاً حرمان تنظيم «داعش» من الوصول إلى تركيا، وبالتالي قد تكون الجماعة قد قررت أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم. وفي النهاية، قد يعني ذلك الاستيلاء على حلب قبل أن يتحقق تحالف الأسد على أرض الواقع، والاستفادة من الضعف المتبادل للجيش السوري و «جيش الفتح» في الشمال. إن طرد قوات الأسد من حلب سيجعل تنظيم «الدولة الإسلامية» سيد المنطقة الشمالية، الأمر الذي سيضطر «حزب الاتحاد الديمقراطي» إلى نسيان حلمه في توحيد المدينتين الحدوديتين كوباني (عين العرب) وعفرين. وعندئذ سيتعين على الجماعة الكردية الاندفاع من أجل حماية عفرين من التطهير الذي سيقوم به تنظيم «داعش» في ظل رقابة تركيا "الكريمة".
وفي الوقت نفسه، من المرجح أن يؤدي مقتل الجنرال همداني إلى دفع ايران الى التدخل بقوة أكثر في حلب، حتى إذا لم تكن المنطقة تشكل أولوية استراتيجية لطهران. ويقتصر الالتزام الإيراني في شمال سوريا أساساً على حماية المجتمعات الشيعية في الزهراء ونبل وكفريا والفوعة، ولكن الهجوم الحالي لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» يزيد من الخطر الذي يحدق بهذه المناطق.
سوف تكشف الأيام والأسابيع المقبلة فيما إذا كان تنظيم «داعش» يشن هجوماً قوياً على مدينة حلب - وعما إذا كان القصف المتزايد من الضربات الجوية الروسية في المستقبل سيكون كافياً لوقفه.
فابريس بالونش، هو أستاذ مشارك ومدير الأبحاث في "جامعة ليون 2"، وزميل زائر في معهد واشنطن.