فضح قيام ميليشيات "الإطار التنسيقي" بسرقة العقارات في بغداد
أدى الضغط الذي مارسه آية الله علي السيستاني والتيار الصدري إلى وضع "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" في موقف دفاعي بشأن إمبراطورية الممتلكات غير المشروعة المتنامية التي أصبحت بحوزة هاتان الميليشيتان.
وضعت التحركات الأخيرة التي قام بها آية الله العظمى علي السيستاني والجهات الفاعلة من المعسكر الصدري في العراق، زعماء الميليشيات تحت الأضواء، ويعود السبب في هذه الحالة إلى أن أعضاء "الإطار التنسيقي"، الذي هو أهم تحالف سياسي للميليشيات، كانوا منخرطين في السرقة المتفشية للممتلكات. وقام السياسي الصدري المثير للجدل حاكم الزاملي - الذي كان على صلة بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الماضي، على غرار شخصيات الميليشيات الرئيسية - بزيارة حي الجادرية الراقي في بغداد في 13 آب/أغسطس، برفقة طاقم تصوير من قناة "الشرقية" (الشكل 1). (وسبق أن بثت الشبكة تقريراً بتاريخ 31 أيار/مايو 2022، حول استيلاء الميليشيات المرتبطة بـ "الإطار التنسيقي" على عقارات الجادرية؛ (انظر الشكل 2).
وخلال الزيارة، تم تصوير رجل مسن بارز من إحدى أقدم العائلات المالكة للأراضي في الجادرية، وهو يضرب رأسه في حالة من اليأس ويطلب مساعدة السيستاني في هذه القضية. ولطالما دعمت عائلة ذلك الرجل مؤسسات السيستاني من خلال تقديم الخمس لها. وفي 19 آب/أغسطس، تم (ترتيب) لقاء للعديد من ضحايا السرقة في الجادرية مع السيستاني (الشكل 3)، مما سبّب إحراجاً كبيراً في صفوف الفصائل الرئيسية في "الإطار التنسيقي" (مثل "عصائب أهل الحق" و"منظمة بدر" و"كتائب حزب الله") وداخل صفوف الدائرة الداخلية لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي غالباً ما تَطلق عليه الميليشيات لقب "المدير العام" لـ"حكومة المقاومة" التابعة لها.
وفي 13 آب/أغسطس، أعلن هشام الركابي، أحد مستشاري رئيس الوزراء ومدير المكتب الإعلامي لرئيس "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي، أن السوداني "وجّه وزير الداخلية بالتحقيق في قضية التجاوز على أراضي المواطنين في الجادرية، كما وجّه مكتبه بالتواصل مع الأهالي المتضررين من جراء التجاوز على ممتلكاتهم". ومع ذلك، لم يعمد مكتب السوداني بنفسه إلا في 19 آب/أغسطس - أي بعد القيام بزيارة السيستاني - إلى الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق وتوجيه "المحكمة المركزية" في منطقة الرصافة في بغداد باتخاذ إجراءات قانونية ضد المتهمين بسرقة الممتلكات، والذين تم الإعلان عن أسماء بعضهم علناً عندما صدرت أوامر الاعتقال في 29 آب/أغسطس (انظر أدناه).
وشملت قائمة المتهمين عدداً من الشخصيات المرتبطة بفصائل "الإطار التنسيقي" المذكورة أعلاه، ومن بينهم:
صفاء اللامي، صهر وابن عم عضو "كتائب حزب الله" أبو زينب اللامي (واسمه الحقيقي حسين فالح عزيز اللامي)، ورئيس "جهاز الأمن المركزي" في "قوات الحشد الشعبي". وفي 6 كانون الأول/ديسمبر 2019، صنّفت الولايات المتحدة أبو زينب على قائمة "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" المرتبطة بـ "الاغتيالات وقمع المتظاهرين".
سلمان محمد حسين الحلو، عضو في "كتائب حزب الله" وقائد في "قوات الحشد الشعبي".
وليد الكبيسي، شريك الحلو في الأعمال العقارية.
ضياء كريم شحين الحلفي، عضو في "كتائب حزب الله" وقائد في "قوات الحشد الشعبي" يعمل بشكلٍ وثيقٍ مع الحلو على ترهيب سكان الجادرية لبيع ممتلكاتهم أو التنازل عنها.
محمد حسين علي الجنابي، شريك في الأعمال العقارية في إحدى الكتل الأصغر حجماً من "الإطار التنسيقي".
عباس حميد البرزنجي وحسين حميد البرزنجي، شقيقان يعملان لدى أبو زينب اللامي.
وشعرت القنوات الإعلامية التابعة للميليشيات بالحرج من هذا الكشف. وفي 22 آب/أغسطس، نفت "قناة العهد" التابعة لـ"عصائب أهل الحق" وجود أي تهديدات أو ابتزازات في منطقة الجادرية (الشكل 4).
وأعقب ذلك عرض مقطع على قناة "يو تي في" في 22 آب/أغسطس، اتهمت فيه إحدى (العناصر) التي وصفت نفسها بأنها ضحية لسرقة ممتلكاتها، صفاء اللامي بتهديدها نيابةً عن الحلفي، وذلك باستخدام مركبات وأسلحة تابعة لـ"قوات الحشد الشعبي" ومملوكة للدولة من أجل ترهيبها ودفعها إلى مغادرة أرضها (الشكل 5).
ويبدو أن ما حدث هو لحظة نادرة من التداخل بين الهجمات الصدرية المخططة على "الإطار التنسيقي" والجهود الانتهازية التي يبذلها المالكي لإضعاف الميليشيات الرئيسية التابعة لـ "الإطار التنسيقي" - سواء في محاولةٍ للتأثير على الانتخابات المقبلة في المحافظات، أو كجزءٍ من المنافسة المتصاعدة بين الفصائل على الغنائم. وعندما تدخّل السيستاني، تحرّكت باقي (عناصر) "الإطار التنسيقي" للتضحية بطرفٍ واحدٍ ككبش فداء، وهو أبو زينب اللامي الذي لديه الكثير من الأعداء. وتستهدف جميع مذكرات الاعتقال تقريباً شبكة أبو زينب، ومن بينها مذكرات لم يتم الكشف عنها. ومع ذلك، فإن الواقع هو أن "عصائب أهل الحق" و"منظمة بدر" وجميع الميليشيات الأخرى في "الإطار التنسيقي" قد تلقت حصصها أيضاً من سرقات ممتلكات الجادرية. وكما يعلم السكان المحليون جيداً، فإن هذه السرقات هي جهد جماعي بذله "الإطار التنسيقي" بأكمله، وليس فقط أبو زينب أو "كتائب حزب الله" أو لاعبين آخرين من المتهمين علناً. وستتمثل الخطوة الكبيرة التالية في التنافس على استبدال أبو زينب كرئيسٍ لـ "جهاز الأمن المركزي" التابع لـ "قوات الحشد الشعبي".