فهم سبب الموجة الأولى من هجمات الميليشيات في العراق وسوريا في أوائل عام 2022
خلال الأسبوع الأول من عام 2022، تم بحذر إدارة عملية إرضاء قاعدة دعم الميليشيات، من خلال قيام إيران و«حركة حزب الله النجباء» بوضع القواعد الأساسية.
على مدى أشهر، وعدت "المقاومة" قاعدة دعمها بتوجيه ضربات شديدة ضد الوجود العسكري الأمريكي في العراق إذا لا يحدث انسحاب واسع النطاق للقوات الأمريكية بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر 2021. ومن المحتمل أن يشعر قادة "المقاومة" باستياء متنامٍ في صفوف القاعدة المتشددة لمناصريهم بسبب فائض الوعود التي قطعوها لها ولم يفوا بها فيما يتعلق بالمقاومة الفعلية للولايات المتحدة منذ اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في الثالث من كانون الثاني/يناير 2020. والآن، أصبح لقاعدة الميليشيات سبب للشك بقدرة قيادتها وبدعم إيران لـ"المقاومة" العراقية، وذلك بعد أن فقدت "المقاومة" تمثيلها البرلماني في انتخابات 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021، والفشل الجماعي لـ "المقاومة" وإيران في قلب النتائج أو تعديلها.
في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر، اعتبرت "الأضواء الكاشفة للميليشيات" أن محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، على يد عناصر من "عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله"، شكّلت مؤشراً خطيراً بالنسبة لـ «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني، على أن "المقاومة" أصبحت غير نظامية وغير منضبطة. وعليه، كان من المهم لقادة "المقاومة" ولـ «فيلق القدس» الإيراني تنفيذ حملة واضحة تنطوي على خطوات من أعمال المقاومة الموحدة وذات المصداقية بعد الموعد النهائي للانسحاب الأمريكي في 31 كانون الأول/ديسمبر.
المرحلة الأولى: «حركة النجباء» تبدأ بحملة النيران غير المباشرة بين 27 كانون الأول/ديسمبر و3 كانون الثاني/يناير، 2021
تقدّر "الأضواء الكاشفة للميليشيات" أن «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» صعّد إجراءاته في 9 كانون الأول/ديسمبر، مستخدماً خطاباً مدعوماً من إيران من أجل إظهار أكرم الكعبي، مؤسس "حركة حزب الله النجباء"، كالمتحدث الأكثر موثوقية باسم قوات "المقاومة" في العراق. وخلف الكواليس، ترى "الأضواء الكاشفة للميليشيات" أن القواعد الأساسية لهذا التصعيد في بداية العام قد تم وضعها من قبل «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» و«حركة النجباء». ولغاية اكتمال مراسم إحياء ذكرى سليماني والمهندس في الثالث من كانون الثاني/يناير، والتي شارك فيها شخصياً الكثير من قادة الميليشيات، يشير ميزان الأدلة المتاحة إلى أن «حركة النجباء» وحدها كانت المخوّلة في بادئ الأمر بشنّ هجمات غير مباشرة محدودة ومنخفضة المخاطر (بالصواريخ أو مدافع الهاون أو الطائرات المسيرة). (بدلاً من ذلك، تم تشجيع «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» بالتواني في البداية عن إطلاق النيران غير المباشرة والاستعاضة عنها بشنّ مجموعة من الهجمات على القوافل باستخدام تسميات "قاصم الجبارين" و"أصحاب الكهف"، حيث كان احتمال قتل أمريكيين منعدماً بسبب عدم وجودهم في مثل هذه القوافل). وشملت أهداف النيران غير المباشرة ما يلي:
- هجمات بالصواريخ على القاعدة التركية في زيلكان، «إقليم كردستان العراق». جرى شن هجومْين بالصواريخ الثقيلة في 27 كانون الأول/ديسمبر و3 كانون الثاني/يناير، تم تقديرهما بأنهما من عمليات «حركة النجباء».
- هجمات بالصواريخ ومدافع الهاون على قواعد أمريكية في شرق سوريا. نُفذت ثلاث هجمات شملت نحو 16 ذخيرة حربية في 31 كانون الأول/ديسمبر و 1 و 2 كانون الثاني/يناير، وقُدرت بأنها من عمليات «حركة النجباء». وردّت القوات الأمريكية على الخلايا الصاروخية بنيران مضادة للبطاريات في 2 كانون الثاني/يناير.
- ضربة بطائرة مسيّرة على موقع دبلوماسي أمريكي في بغداد. في 2 كانون الثاني/يناير، تمّ استهداف طائرتين بدون طيار في "مركز بغداد للدعم الدبلوماسي" في "مطار بغداد الدولي" (وتطلق الميليشيات على "المركز" تسمية "فيكتوري" أو "فكتوريا" بصورة خاطئة). وتمّ اعتراض كلتا الطائرتين المسيرتين. واستُخدمت في هذا الهجوم، المنسوب إلى «حركة النجباء»، طائرات بدون طيار مشابهة لتلك المستخدمة في الهجوم بالطائرات المسيرة في 26 حزيران/يونيو 2021 على مواقع القيادة في «إقليم كردستان».
المرحلة الثانية: ضمّ «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» إلى الحملة اعتباراً من 4 كانون الثاني/يناير
اعتباراً من الرابع من كانون الثاني/يناير، ومع عودة قادة "المقاومة" العراقية إلى بلادهم واختتام الاحتفالات التذكارية في إيران، سُمح لفصيليْ "المقاومة" المشاغبيْن «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» بالانضمام إلى حملة الهجمات غير المباشرة إلى جانب الفصيل الناضج «حركة النجباء». وتركّزت مناطق العمليات المسموح بها لهذيه الفصيلين بتنفيذ هجمات غرب نهر دجلة على: "مركز بغداد للدعم الدبلوماسي"، و "قاعدة الأسد الجوية" في الأنبار، وقاعدة التحالف المجاورة للأنبار في التنف في سوريا. وخلال يومي الرابع والخامس من كانون الثاني/يناير، تمّ ضرب الأهداف التالية بهجمات غير مباشرة:
- ضرب "قاعدة الأسد" مرتين خلال يومين. تمّ استهداف "قاعدة الأسد" بطائرتين بدون طيار (تمّ اعتراضهما) في 4 كانون الثاني/يناير، وبما يصل إلى اثني عشر صاروخاً في 5 كانون الثاني/يناير، ونُسب الهجومان وفقاً للتقديرات إلى «كتائب حزب الله». (تجدر الإشارة إلى أن سريّة «قاصم الجبّارين» أعلنت مسؤوليتها بصورة غير معتادة للغاية عن هجوم غير مباشر بالصواريخ).
- استهداف "مركز بغداد للدعم الدبلوماسي" بالصواريخ الثقيلة. في 4 كانون الثاني/يناير، تمّ استهداف هذه المنشأة الدبلوماسية بأربعة صواريخ قصيرة المدى من عيار 240 ملم.
- شنّ هجوم أو هجومين في سوريا في الوقت نفسه. جرى شن هجوم واحد على الأقل أو ربما هجومين بالصواريخ على قواعد أمريكية في شرق سوريا. وردّت القوات الأمريكية على خلايا النيران غير المباشرة بضربات جوية دفاعية في 5 كانون الثاني/يناير.
- بموازاة ذلك، استمر أيضاً تصعيد الهجمات ضد القوافل.
ما هي الخطوات التالية وما هي الدروس المستخلصة حتى الآن؟
ستشمل الأهداف المحتملة المتبقية التي ستتعرض للهجوم، ربما خلال الساعات الأربع والعشرين في أعقاب كتابة هذه السطور، قاعدة "التنف" في سوريا والقواعد الأمريكية في «إقليم كردستان». وتقدّر "الأضواء الكاشفة للميليشيات" أن تشارك «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» في الهجوم الأول، وأن تنفذ «حركة النجباء» الهجوم الثاني. وفي موازاة ذلك قد تستمر هجمات أخرى على "مركز بغداد للدعم الدبلوماسي" والقوافل. وفي حين تبدو «عصائب أهل الحق» أكثر الجهات الفاعلة تحملاً للمخاطر في "المقاومة"،عندما يتعلق الأمر بالتسبب بإصابات في صفوف القوات الأمريكية، سيكون من المثير للاهتمام رؤية درجة الحذر التي ستعتمدها في زيادة الإصابات الأمريكية أو تقليصها، الأمر الذي يمكن أن يكون في حد ذاته مؤشراً على مدى إعادتها إلى النفوذ المركزي لـ «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» منذ 7 تشرين الثاني/نوفمبر.
وقد حظيت حملة الهجمات التي شُنت منذ 31 كانون الأول/ديسمبر بتغطية كبيرة من قبل بيئة الدعاية للميليشيات، التي يبدو أنها هدف أساسي. ويظهر أن الهجمات نفسها كانت منسقة بعناية، أو مدارة على مراحل، ولم يتم تحسينها للتسبب في خسائر في صفوف القوات الأمريكية. وفي هذا السياق، يَعِد قادة الميليشيات على غرار أكرم الكعبي بشنّ المزيد من الهجمات ويصفون هجمات الأسبوع الماضي على أنها بداية مسعى حركي مُطلق لإخراج القوات الأمريكية، علماً بأنها تعطي أيضاً إحساساً بأن الوضع لا يحتاج إلى التصعيد إذا لم تثأر الولايات المتحدة بشكل غير متكافئ، وإذا بدا أنصار "المقاومة" راضين عن هذا الأداء.