- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 2558
فهم تصويت «مجلس الخبراء» الإيراني
في ١١ شباط/ فبراير، بدأت حملات الانتخابات لـ «مجلس الخبراء» («المجلس») الإيراني التي ستُجرى في ٢٦ شباط/ فبراير وللبرلمان ("مجلس الشورى الإسلامي") في اليوم نفسه. وتقع على عاتق «مجلس الخبراء» مهمّة تعيين المرشد الأعلى في حال وفاة المرشد الحالي أو إذا أصبح عاجزاً، إلّا أنّه من غير الواضح مدى أهمّية الدور الذي قد يضطلع به «المجلس» عمليّاً (انظر المرصد السياسي 2553، "اختيار المرشد الأعلى المقبل لإيران"). ونظراً لتقدّم آية الله علي خامنئي في السن وصحّته غير المؤكدة - حيث سيبلغ السابعة والسبعين من عمره هذا العام - يفترض كثيرون في إيران أنّه سيتمّ تعيين قائد جديد أو مجلس قيادة جديد خلال ولاية «المجلس» المقبلة. وبالفعل، فإن السباق الانتخابي الحالي قد جذب عدداً قياسياً من المرشّحين وحالات الاستبعاد من قبل «مجلس صيانة الدستور». وفي ١٠ شباط/ فبراير، نشرت وزارة الإعلام اللائحة النهائية المؤلّفة من ١٦١ مرشّحاً كما صادق عليها «مجلس صيانة الدستور».
مجمع من رجال الدين
يتألّف «مجلس الخبراء» من ثمانية وثمانين رجل دين من فقهاء الشريعة الإسلامية يتمّ انتخابهم لمدة ثماني سنوات. وتُعدّ طهران أكبر الدوائر الانتخابية لـ «مجلس الخبراء» - حيث ترتكز الدائرة الانتخابية على المحافظة وعدد السكّان - باحتلالها ١٦ مقعداً، في حين تشكّل محافظتا خراسان رضوي وخوزستان الدائرتَين الانتخابيتَين التاليتَين الأكبر حجماً باحتلال كلّ منهما ستة مقاعد. وبموجب قانون صادر عام ٢٠٠٩، تمّ التمديد بعاميْن لـ «المجلس» الحالي الذي انتُخب عام ٢٠٠٦، وذلك لدمج انتخابات «مجلس الخبراء» و«مجلس الشورى» بهدف زيادة إقبال الناخبين والتخفيف من التكاليف الإدارية. أمّا هذا العام فقد ترشّح أكثر من ٥٠ عضواً لإعادة إنتخابهم، علماً أنّ القانون الإيراني يستوجب حصول المرشّحين على غالبية نسبية للفوز في الانتخابات.
ويترأس محمد يزدي مجلس إدارة «مجلس الخبراء» ويشغل محمود الهاشمي الشاهرودي منصب نائب رئيس أوّل. وكلاهما رئيسان سابقان في السلطة القضائية. وبشكل منفصل، تقوم ست لجان بتغطية القضايا الداخلية المختلفة، من بينها "لجنة البحث في المادة ١١١ من الدستور" التي تتطرّق للآليّات الواجب اتباعها إذا فقد المرشد الأعلى مؤهّلاته أو أصبح عاجزاً. وبموجب القانون، يتوجّب على «المجلس» الاجتماع مرّة في السنة على الأقلّ ولمدّة يومَين. ووفقاً للموقع الإلكتروني لـ «مجلس الخبراء»، اجتمع «المجلس» الحالي ثمانية عشر مرّة، ناهيك عن اجتماعات اللجان الفردية. وخلال اجتماعه الأخير في ١ أيلول/ سبتمبر ٢٠١٥، ذكرت الصحافة الإيرانية عقد جلسات مع المرشد الأعلى، ومع الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي». وتظهر صور أخرى الشخصيّات التالية وهي تتوجّه بالحديث إلى «المجلس»: المفاوض النووي عباس عراقجي، وقائد «الحرس الثوري الإسلامي» محمد علي جعفري، ووزير الشؤون الخارجية محمد جواد ظريف، والمستشار الدبلوماسي الأقدم للمرشد الأعلى علي أكبر ولايتي، وأمين "المجلس الأعلى للأمن القومي" الأدميرال علي شمخاني.
الترشّح
وفقاً للمادة ٢ من "القوانين التنفيذية لانتخاب «مجلس الخبراء»"، على المرشّحين التمتّع بالشروط التالية:
1. سمعة حسنة من حيث المعتقد الديني والمصداقية والسلوك الأخلاقي.
2. القدرة على الاجتهاد لدرجة يستطيعون فيها فهم بعض القضايا في الفقه ويمكنهم تحديد ما إذا كان المرشد الأعلى يتمتّع بشروط القيادة.
3. فهم سياسي واجتماعي وإلمام بالقضايا المعاصرة.
4. الإيمان بنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
5. عدم وجود خلفية لمعارضة سياسية أو غير اجتماعية.
وتحدّد فقرات لاحقة ما يلي:
1. المصادر المحدّدة لمؤهّلات المرشّح هي الفقهاء (الإسلاميون) في «مجلس صيانة الدستور».
2. الأفراد الذين تمّت المصادقة صراحةً أو ضمناً على تفسيراتهم للإسلام (إجتهاد) من قبل المرشد الأعلى ليسوا بحاجة إلى فقهاء «مجلس صيانة الدستور» للتأكيد على معرفتهم.
3. الإقامة أو الولادة أو الميلاد في الدائرة الانتخابية ليس شرطاً للناخبين أو المرشّحين.
4. إذا أصبح أعضاء «مجلس صيانة الدستور» مرشّحين لـ «مجلس الخبراء»، لا يستطيعون الإشراف على الانتخابات أو اتّخاذ قرارات متعلّقة بالدائرة الانتخابية التي يترشّحون عنها.
5. في تمّوز/ يوليو ١٩٩١، قرّر «المجلس» أنّه يتعيّن على المرشّحين الخضوع لامتحان لإثبات مؤهّلاتهم الدينية، مع إعفاء الأعضاء الحاليين والسابقين. ويشرف «مجلس صيانة الدستور» على الامتحان في الوقت الحالي.
وخلافاً لـ "مجلس الشورى الإسلامي"، فإن النساء والأقليّات الدينية، بمن فيها المسلمين غير الشيعة، تواجه بحكم الواقع عدم أهليتها للترشّح لـ «مجلس الخبراء». وقد تقدّمت تسع نساء بطلب الترشّح للانتخابات الثالثة لـ «مجلس الخبراء» عام ١٩٩٨، وعشر نساء للانتخابات الرابعة لـ «المجلس» عام ٢٠٠٦. ولم تحصل أيّ منهنّ على موافقة «مجلس صيانة الدستور». إنّ الغياب التامّ لمرشّحي الأقليّات الدينية قد شمل السنّة أيضاً الذين يشكّلون ١٠ في المائة من سكّان إيران.
الحملات الانتخابية
وفقاً للمادة ١٧ من القوانين الانتخابية، "في غضون يوم واحد من وصول الرأي الخطّي لفقهاء «مجلس صيانة الدستور» ردّاً على طلب استئنافات المرشّحين، على وزارة الداخلية إعلام عامة الجمهور عن أسماء المرشّحين الموافق عليهم في كل محافظة عبر إذاعة وتلفزيون الجمهورية الإسلامية [صدا وسيماى جمهورى اسلامى ايران] والصحف التي تُنشر على نطاق واسع..." وبإعلان لائحة المرشّحين الموافق عليهم في ١٠ شباط/ فبراير من قبل وزارة الداخلية، بدأت فترة حملة الانتخابات الرسميّة لـ «مجلس الخبراء» من ١١ شباط/ فبراير حتّى الساعة الثامنة صباحاً من ٢٥ شباط/ فبراير، أي ٢٤ ساعة قبل بدء الاقتراع.
ووفقاً للقوانين الانتخابية، "بهدف تأمين ولوج متكافئ للمرشّحين إلى الفرص الدعائية [على الشبكات التي تديرها الدولة ] والسيطرة على دعاية المرشّحين، يكون هناك في كل محافظة ' لجنة للتحقيق في إعلانات الانتخابات ' يديرها حاكم المحافظة... وتتألّف هذه اللجنة من الحاكم، والمسؤول القضائي الأعلى، وممثّل عن «مجلس صيانة الدستور»، وممثّل عن «إذاعة جمهورية إيران الإسلامية»". ويجب تقديم جميع إعلانات الحملة إلى هذه اللجنة قبل بثّها. وكما تنصّ هذه الفقرة، يتمّ تأمين ولوج متكافئ للدعاية لكافّة المرشّحين على «إذاعة جمهورية إيران الإسلامية».
السباق الانتخابي الحالي
أعلن المتحدّث باسم «مجلس صيانة الدستور» سيامك راهبيك وجود ٧٩٤ مرشّحاً نهائياً لـ «مجلس الخبراء»؛ ووفقاً لإحصاءات أخرى تقدّم ٨٠١ شخص بطلب الترشّح. وفي ٣١ كانون الأوّل/ ديسمبر، أعلن «مجلس الخبراء» و«مجلس صيانة الدستور» أنّ الاختبار [الامتحان] الذي مُدّته أربع ساعات سيجري في ٥ كانون الثاني/ يناير في مدينة قُم، مشدّداً على أنّه لن يكون هناك تاريخاً لاختبار بديل. ودعا «مجلس صيانة الدستور» ٥٢٧ مرشّحاً لإجراء الاختبار مستثنياً ١٥٢ قيل إنّهم انسحبوا و١١١ لم يُسمح لهم بالمشاركة (من أصل ٧٩٠). ومن أصل ١٦ امرأة مسجّلة، حصلت عشرة منهنّ على دعوات لإجراء الاختبار، وغالبيتهنّ من أساتذة الحوزة العلمية. وفي النهاية لم تحصل أيّ منهنّ على موافقة «مجلس صيانة الدستور». ووفقاً للمتحدّث السابق باسم «مجلس صيانة الدستور» نجاة الله ابراهيميان، أن حوالي ٤٠٠ شخص من الذين دُعيوا لإجراء الاختبار قد شاركوا فيه، بينما ذكرت مصادر أخرى أن العدد تراوح بين ٣٧٣ و ٣٧٥ مشاركاً.
وفي ٢٦ كانون الثاني/ يناير، أعلن «مجلس صيانة الدستور» أنّه قبل طلبات ١٦٦ مرشّحاً ورفض ٢٠٧ آخرين. وفي ٣١ كانون الثاني/ يناير بدأت فترة مراجعة أمدها عشرة أيّام لإعادة النظر في طلبات مرشّحين عارضوا استبعادهم. وفي حين أعلن المتحدّث باسم «مجلس صيانة الدستور» أنّ الاستبعادات [عدم الأهلية] ليست رسميّة في تلك المرحلة، إلا أن ذلك لم يحُل دون قيام شبكات الإعلام الرسمية التي تديرها الدولة بنشر لوائح بأسماء المرشّحين المقبولين وأولئك الذين رُفض ترشيحهم.
في ١٠ شباط/ فبراير، نشر «مجلس صيانة الدستور» ووزارة الداخلية اللائحة الرسمية لمرشّحي «مجلس الخبراء». وبينما اعترف المتحدّث باسم «مجلس صيانة الدستور» راهبيك بالعدد السابق المؤلّف من ١٦٦ مرشّحاً في ٢٦ كانون الثاني/ يناير، أعلن أنّه تمّ استبعاد ثمانية مرشّحين إضافيين وقبول ثلاثة آخرين - ما أوصل التعداد النهائي إلى ١٦١ مرشح. ومن بين المرشحين الـ ٢٢٢ الذين عارضوا استبعادهم، أشار إلى أنّ ١٥١ منهم قد فشلوا في الاختبار، و٣٨ منهم لم يحضروا، وتمّ استبعاد ٢٥ لأسباب أخرى. وفي هذا التعداد لم يُحسب عشرة من الذين يعارضون استبعادهم. كما أشار راهبيك إلى أنّ المرشّحين المقبولين يستطيعون تغيير دائرتهم الانتخابية حتّى ١٥ شباط/ فبراير.
وقد تم جمع الجدول التالي من اللائحة الرسمية للمرشّحين المقبولين من قبل وزارة الإعلام، ووسائل الإعلام الرسمية، بالإضافة إلى الموقع الإلكتروني لـ «مجلس الخبراء».
وتجدر الإشارة هنا إلى التفاصيل التالية:
- في المحافظات الست التالية هناك عدد مرشّحين بقدر عدد المقاعد الشاغرة: هرمزكان، وسمنان، وخراسان الشمالية، وبوشهر، وأذربيجان الغربية، وأردبيل.
- في المحافظات التسع التالية هناك مرشّح واحد أكثر من مقاعد «مجلس الخبراء»: لرستان، وگلستان، وهكيلويه بوير أحمد، وقزوين، وسيستان وبلوشستان، وخوزستان، وخراسان الجنوبية، وإيلام، وأذربيجان الشرقية.
- في المحافظات السبع التالية هناك مرشّحان اثنان أكثر من عدد المقاعد: يزد، وهمدان، وكرمنشاه، وكرمان، وكردستان، وقُم، وتشهار محال، وبختياري.
- إنّ مرشّح قُم ميسام دست محمدي هو الأصغر سنّاً بين جميع المرشّحين، إذ يبلغ الرابعة والعشرين من العمر. ومعظم المرشّحين هم أكبر سنّاً بكثير (النكتة الشائعة في إيران هي أنّ السنّ الإجمالي لأعضاء «مجلس الخبراء» هو "ميت").
وبالرغم من أنّهم مكلّفون بعملية التدقيق، إلّا أنّ خمسة من فقهاء الدين ومحامٍ من «مجلس صيانة الدستور» قد سجّلوا أسماءهم للترشّح لـ «مجلس الخبراء» في كانون الأوّل/ ديسمبر وحصلوا على الموافقة وهم: سيّد محمد رضا مدرسي يازدي الذي يترشّح للمرة الأولى في طهران، ومحمد مومن الذي يمثّل حالياً مدينة قُم، وسيّد محمود هاشمي شهرودي الذي يمثّل حالياً محافظة خراسان رضوي، ومحمد يازدي وأحمد جنّاتي اللذان يمثّلان حالياً محافظة طهران. كما أنّ محامي «مجلس صيانة الدستور» محسن إسماعيلي يترشّح عن طهران أيضاً. أمّا صادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية الحالي وعضو سابق في «مجلس صيانة الدستور» فيترشّح عن محافظة مازندران للولاية الثالثة على التوالي. ويترشّح الرئيس حسن روحاني مجدّداً عن محافظة طهران وهو عضو في «مجلس الخبراء» منذ إعادة انتخابه الثالثة. وأكبر هاشمي رفسجاني هو عضو منذ انتخابه لولايته الأولى عام 1982.
لقد شهدت هذه الانتخابات لـ «مجلس الخبراء» متقدّمين للترشيح أكثر بكثير من أي انتخابات مجلس سابقة. ففي عام ٢٠٠٦، أعلن المتحدّث باسم «مجلس صيانة الدستور» عبّاس علي كادخوداي أنّ حوالي ٥٠٠ شخص قد تقدّموا بطلب الترشّح، و٢٠٤ قد دُعيوا لإجراء الاختبار، و تم قبول ١٤٤ مرشحاً. ويوفّر الباحث في الشؤون الإيرانية ويلفرد بوشتا المزيد من هذه البيانات في كتابه «من يحكم إيران؟».
وقد أظهرت النتائج الرسمية من عام ٢٠٠٦ أنّ 60.8 في المائة من أصل 46,549,042 ناخباً مؤهّلاً قد شاركوا في الانتخابات. وشهدت طهران أدنى مستوى مشاركة بين جميع المحافظات بنسبة ٤٧ في المائة. أمّا انتخابات «مجلس الخبراء» الثالثة في عام ١٩٩٨ فقد شهدت انخفاض نسبة المشاركة الإجمالية، حيث أظهرت النتائج الرسمية مشاركة 46.3 في المائة من أصل 38,570,597 ناخباً مؤهّلاً، كما شهدت طهران مجدداً أدنى نسبة مشاركة (39.45 ٪). وفي تلك الانتخابات استبعد «مجلس صيانة الدستور» ٢٥٠ مرشّحاً من أصل ٣٩٦. وشهدت الانتخابات الثانية لـ «مجلس الخبراء» عام ١٩٩٠ نسبة مشاركة أدنى بكثير بنسبة 37.1 بالمائة من أصل 31,280,084 ناخباً مؤهّلاً. وبرزت ادعاءات موثوقة بأنّ السلطات قامت بتضخيم نسب المشاركة في انتخابات سابقة.
پاتريك شميت هو مساعد باحث في معهد واشنطن.