- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3893
فجوة الناقلات تزيد من تعرض البحر الأحمر لهجمات الحوثيين
لسد فجوة القدرات بين مجموعات حاملات الطائرات والاستعداد للتصعيد الحوثي المحتمل في الأسابيع القليلة المقبلة، من الضروري أن تعمل الولايات المتحدة وشركاؤها على تنفيذ تدابير مؤقتة، وبشل مثالي، ضخ المزيد من الأصول العسكرية في المنطقة مؤقتاً.
في 22 حزيران/يونيو، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن "المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات دوايت دي أيزنهاور" (IKE CSG) قد غادرت البحر الأحمر بعد انتشار دام ما يقارب ثمانية أشهر، وهو قرار تم تنفيذه على الرغم من مواصلة قوات الحوثيين في اليمن مهاجمة القوات الدولية. وتقوم المجموعة الهجومية، قبل عودتها إلى الولايات المتحدة، بزيارة شرق البحر الأبيض المتوسط لفترة وجيزة لطمأنة إسرائيل، وردع "حزب الله"، ومنع المزيد من التصعيد على الحدود اللبنانية. ولن تغادر المجموعة البديلة، وهي "المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات ثيودور روزفلت" (TR CSG)، منطقة المحيطين الهندي والهادئ باتجاه الشرق الأوسط حتى الأسبوع المقبل، بعد إجراء مناورة "حافة الحرية" ("فريدوم إيدج") الثلاثية مع اليابان وكوريا الجنوبية.
إن غياب مجموعة حاملة الطائرات الضاربة في البحر الأحمر لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع (مع مراعاة وقت العبور) يرسل إشارة مثيرة للقلق في الوقت الذي يكثف فيه الحوثيون من وتيرة وشدة هجماتهم على السفن التجارية والبحرية. وعلى الرغم من أن المدمرات المخصصة لمجموعة "IKE CSG" قد تتأخر في العودة من أجل توفير قدرات دفاعية مؤقتة للطائرات بدون طيار والصواريخ، فإن الفجوة القائمة قبل وصول "TR CSG" ستتطلب اعتماداً كبيراً على الأصول المحدودة، من مدمرات وطائرات أرضية وقدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع - للدفاع عن ممر ملاحي حيوي. ويستوجب ذلك زيادة مؤقتة في عدد القوات الشريكة، أو، إذا فشل ذلك، اتخاذ مزيج من التدابير البديلة المؤقتة العاجلة والتنسيق الدبلوماسي المكثف.
رحيل القدرات، وتزايد التهديدات
لقد خسر البحر الأحمر العديد من القدرات الهائلة مع رحيل "IKE CSG"، أي: حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت دي أيزنهاور" وأسرابها الجوية؛ طراد الصواريخ الموجهة "يو إس إس فيليبين سي"، والذي يمكنه إطلاق صواريخ كروز أو صواريخ دفاع جوي بعيدة المدى؛ وعلى الأقل جزء من سرب مدمر يوفر مظلة دفاعية ضد الهجمات بالصواريخ الجوية والسطحية وتحت سطح البحر والصواريخ الباليستية. ومنذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر، لعبت مجموعة "IKE CSG" دوراً حاسماً في مواجهة تهديد الحوثيين للسفن، والذي ظهر للمرة الأولى في ذلك الشهر رداً على حرب غزة. ودافعت المجموعة ضد العديد من الهجمات التي شنتها الصواريخ الباليستية الحوثية والطائرات المسيّرة والسفن السطحية، واتخذت تدابير إنقاذ للسفن والبحارة المعرضين للخطر، وشنت ضربات في اليمن لتعطيل وإضعاف قدرات الحوثيين المستخدمة في مثل هذه الهجمات. ومؤخراً، ساعدت مجموعة "IKE CSG" أطقم سفينتين مستهدفتين: "تيوتر"، وهي سفينة شحن مملوكة لليونان ترفع العلم الليبيري، غرقت بعد أن هاجمها الحوثيون عدة مرات في 12 حزيران/يونيو، و"فيربينا"، وهي سفينة شحن مملوكة لأوكرانيا وتديرها بولندا، ترفع علم بالاو، وتعرضت للهجوم في 13 حزيران/يونيو.
وقد تفاقمت هذه الهجمات على الرغم من وجود تحالفين دفاعيين منفصلين يعملان في البحر الأحمر، هما عملية "حارس الرخاء" بقيادة الولايات المتحدة وقوة "أسبيدس" البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، وعدة جولات من الضربات المضادة بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا ضد الحوثيين، والتي غالباً ما تحظى بدعم من أستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وهولندا ونيوزيلندا. وإجمالاً، شن الحوثيون حوالي 190 هجوماً منذ 19 تشرين الثاني/نوفمبر (راجع متتبع الحوادث البحرية التابع لمعهد واشنطن للاطلاع على التفاصيل الكاملة حول هذه الهجمات).
والأهم من ذلك، أن خطر الهجمات الناجحة قد يزداد الآن بما أن المجموعة الهجومية "IKE CSG" لم تعد موجودة لاعتراضها. فخلال انتشار المجموعة الهجومية، أسقطت الولايات المتحدة وبريطانيا والعديد من شركاء التحالف أكثر من 200 صاروخ وطائرة مسيّرة استهدفت مجموعة واسعة من الأهداف، بما فيها مجموعة "سي إس جي" بحد ذاتها. ومن جانبها، أسقطت الفرقاطات الأربع وطائرة مراقبة بحرية تابعة لشركة "أسبيدس" أكثر من اثني عشرة طائرة بدون طيار وصواريخ باليستية وقدمت المساعدة لأكثر من 160 سفينة.
التوصيات
بالنظر لأنه من غير المرجح أن يتجاهل الحوثيون نقاط الضعف الناجمة عن رحيل "آي كي إي"، سيتعين على الأصول الأمريكية وقوات التحالف في المنطقة تنفيذ تدابير بديلة مؤقتة إلى حين وصول مجموعة "TR CSG". وعلى وجه التحديد، يجب على واشنطن التركيز على الخطوات التي تُبقي الضغط على الحوثيين مع موازنة تدابير الردع في شرق البحر المتوسط.
وتتمثل الأصول الأكثر ضرورة لتغطية هذه الفجوة بالفرقاطات والمدمرات وغيرها من الوحدات البحرية أو الجوية القادرة على اعتراض صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيّرة. ويجب أن تكون أيضاً قادرة على مساعدة السفن والبحارة المنكوبين في حالة وقوع هجمات ناجحة. وأياً كانت القوات المتواجدة في المنطقة، يجب على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لتزويدها بالمعلومات الاستخباراتية، والإنذار المبكر، ودعم الاستهداف.
ينبغي على واشنطن أيضاً أن تشجع الشركاء الدوليين بقوة على توطيد تعاونهم وحماية قطاع الشحن العالمي من خلال تعزيز أصولهم الخاصة في المنطقة. ويقيناً، يجب أن تكون الولايات المتحدة مدركة تماماً لاستعداد شركائها المحتمل لتخصيص أصول كبيرة، أو أي أصول على الإطلاق. ومع ذلك، لا يزال الضغط عليهم للتحرك مهماً، لا سيما في حالة الشركاء الأوروبيين والعرب الأكثر تضرراً من تأخيرات العبور، وأضرار السفن، والتكاليف الأخرى التي يلحقها الحوثيون.
وقد دافع قائد "أسبيدس" علناً عن زيادة أصول الاتحاد الأوروبي، لكن العواصم الأوروبية قد تتردد في القيام بذلك ما لم يتم تقديم المزيد من الضمانات بشأن التزام الولايات المتحدة بإعطاء الأولوية لمهمة مكافحة الحوثيين. كما أنها تواجه قيوداً محلية بشأن توفير الموارد وتحديد الأولويات، فضلاً عن الحساسيات السياسية المحيطة بحرب غزة، مما يجعلها تخشى ردود الفعل العنيفة في الداخل.
وبالتالي، يتعين على واشنطن طمأنة شركائها في التحالف سراً، مع تحذير الحوثيين علناً من أنها لا تزال تركز على الحفاظ على حرية الملاحة في البحر الأحمر، بالقوة إذا لزم الأمر. وفي الوقت نفسه، من الضروري أن يعمل الشركاء على إعادة معايرة وتعزيز رسائلهم العامة ببيانات قوية وواضحة وموحدة مفادها أن المجتمع الدولي لن يتسامح مع هذه الهجمات غير القانونية. وعليهم أن يكونوا مستعدين لاستكمال هذه التصريحات بالأفعال.
كما يمكن أن تساعد الرسائل الخاصة إلى طهران عبر القنوات الدبلوماسية على ثني العناصر الإيرانية والحوثية عن استغلال الفجوة في التغطية. وفي سياق متصل، يجب على المسؤولين الأمريكيين خفض مستوى المعلومات الاستخبارية الإضافية حول التنسيق بين الحوثيين وإيران بشأن إمدادات الأسلحة والاستهداف البحري، مما يمكّن الشركاء من زرع هذه المعلومات في رسائلهم العامة والخاصة.
ويُعزى تزايد الهجمات على السفن جزئياً إلى تراجع الدعم الدولي للتحالف في الأسابيع الأخيرة. ولحماية التجارة الدولية ومحاسبة الحوثيين على أعمالهم غير القانونية، من الضروري أن تعمل واشنطن على إعادة تنشيط التحالف وتوسيع المشاركة الدولية. وتأتي فجوة الناقلات أيضاً في وقت حساس من حرب غزة، مع استمرار حملة رفح الإسرائيلية في تصدر عناوين الأخبار، وزيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المرتقبة لواشنطن الشهر المقبل، وبلوغ التوترات مستويات عالية جديدة على الحدود اللبنانية. ولإدارة هذه المجموعة من المشاكل مع مواصلة الضغط على الحوثيين في الوقت نفسه، سيتوجب على واشنطن إظهار مستويات جديدة من الالتزام والقدرة في المنطقة.
إليزابيث دنت هي زميلة أقدم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، حيث تركز على السياسة الخارجية والدفاعية الأمريكية تجاه دول الخليج والعراق وسوريا. انضمت مؤخراً إلى معهد واشنطن كزميلة أقدم بعد أن عملت كمديرة لـ "شؤون الخليج وشبه الجزيرة العربية" في "مكتب وزير الدفاع الأمريكي".