- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
فريق قوي يواجه عقبات صعبة
أدهش أحدث تعديل وزاري أُجري في مصر، والذي أعلنت عنه القاهرة في الأسبوع الثالث من آذار/مارس، العديد من المراقبين داخل مصر وخارجها. ولكن نظراً إلى أن أربعة من الوزراء الجدد العشرة يتولون حقائب تعتبر بالغة الأهمية بالنسبة إلى التنمية الاقتصادية والاستثمار، من المرجح أن يعكس هذا التعديل اعتراف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الضمني بأن الاقتصاد المصري آخذ بالفشل، وأنه من الضروري أن تأتي مجموعة السياسيين الجدد بوجهات نظر جديدة لإحياء هذا الاقتصاد.
وفي الواقع، يُعتبر الاقتصاد المصري في حالة يرثى لها. فكما أوضح رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل في السابع والعشرين من آذار/مارس، في بيان السياسة العامة المؤلف من 205 صفحة، ارتفع معدل البطالة في مصر من 9 في المائة في السنة المالية 2010/2009 إلى 13.3 في المائة في السنة المالية الحالية، وعلى الرغم من أن عدد السكان ارتفع من 77 مليون إلى 90 مليون في نفس الإطار الزمني، إلا أن النمو الاقتصادي تباطأ. فقد تضاعفت تكاليف دعم المواد الغذائية والوقود تقريباً من عام 2009 وحتى عام 2014، كما ازداد الإنفاق العسكري بغية مواجهة التهديدات الأمنية الجديدة، في حين انخفضت عائدات السياحة وعائدات قناة السويس. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت معدلات التضخم: إذ خفّض "المصرف المركزي" قيمة الجنيه المصري بحوالي 14 في المائة في منتصف آذار/مارس، ولكن مبيعات العملة في السوق السوداء تشير إلى أن سعر الجنيه لا يزال عالياً، ونتيجة لذلك ارتفعت الأسعار.
وعلى الرغم من أن معظم هذه التحديات ليست بالجديدة، إلا أن اعتراف الحكومة المصرية العلني بها يشكل أمراً بارزاً، ويتناقض بشكل كبير مع البيئة المتفائلة التي كانت طاغية على مؤتمر الاستثمار في شرم الشيخ الذي استضافه الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل عام فقط. بالإضافة إلى ذلك، يستحق السيسي الثناء على تجميع فريق من الوزراء المحترمين لتوجيه السياسة الاقتصادية في مصر. فقد احتلت وزيرة الاستثمار الجديدة داليا خورشيد منصب نائب رئيس مصرف "سيتي بنك" وشركة "أوراسكوم للإنشاءات"، وهي شركة مقاولات رائدة في مصر. أما وزير المالية الجديد، عمرو الجارحي، فقد تولى منصب العضو المنتدب للتمويل بشركة "القلعة القابضة"، ونائب الرئيس التنفيذى في "البنك الأهلي القطري"، والعضو المنتدب للمجموعة المالية "إي. إف.جي. هيرمس". وبالنسبة إلى وزير السياحة الجديد محمد يحيى راشد، فقد عمل كمدير تنفيذي لفنادق "ماريوت" في الولايات المتحدة وأوروبا وأفريقيا، وشغل بعد ذلك منصب المدير التنفيذى لـ "قطاع الفنادق بمجموعة الخرافي". كما أن وزير قطاع الأعمال الجديد أشرف الشرقاوي، الذي سيشرف على شركات القطاع العام، هو منظم سابق للأسواق المالية أشرف على إعادة فتح البورصة المصرية بعد ثورة عام 2011.
ولكن حتى مع هذه المؤهلات المثيرة للإعجاب، يتوقف نجاح الحكومة الجديدة في النهاية على ثلاثة عوامل. أولاً، هل سيقبل الرئيس السيسي خوض المخاطر السياسية التي تكمن في سَنْ المزيد من الإصلاحات الاقتصادية؟ وكما أشار رئيس الوزراء شريف في الأسبوع الأخير من آذار/مارس، فإن رواتب الدولة والإعانات تتضمن حالياً 75 في المائة من مخصصات الحكومة، ولكن إصلاح أي من هذه المجالات قد يثير احتجاجات من المصريين بسبب ارتفاع الأسعار أو تخفيض الرواتب. وفي حين بدا الرئيس السيسي على استعداد لقبول هذه المخاطر عندما قام بإصلاح دعم الوقود خلال الأسابيع الأولى من رئاسته في عام 2014، إلا أن حملة القمع المكثفة التي شنتها الحكومة على المعارضين في الأشهر الأخيرة تشير إلى أنها تخشى من اندلاع انتفاضة أخرى، الأمر الذي قد يؤدي إلى إبطاء وتيرة الإصلاحات. ونظراً إلى أن الجيش المصري لا يزال يشكل قاعدة الدعم الرئيسية للسيسي، فمن غير المرجح بشكل خاص أن يقبل أي إصلاحات من شأنها أن تقوّض المصالح الاقتصادية للجيش المصري.
ثانياً، هل يمكن للحكومة المصرية تحسين النظرة الأمنية في البلاد، والتي تشكل عاملاً حيوياً لجذب الاستثمارات والسياح؟ في حين واجهت مصر مجموعة من التحديات الأمنية في السنوات الأخيرة، من بينها حركات التمرد الجهادية غرباً من ليبيا وفي شرقها في سيناء، أدى حادثان في الأشهر الستة الماضية إلى إلحاق ضرر بالغ بسمعة مصر في الخارج. ففي أعقاب إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء في تشرين الأول/أكتوبر، أوقفت بريطانيا وروسيا رحلاتهما الجوية إلى مصر. ورداً على تعذيب الطالب الإيطالي وقتله في القاهرة في كانون الثاني/يناير، دعا البرلمان الأوروبي إلى "مراجعة شاملة لعلاقات [الاتحاد الأوروبي] بمصر". وبالتالي، فإن تردد هذه الأنواع من الحوادث، وميل الحكومة المصرية إلى إبعاد المسؤولية عنها، هي عوامل ستُبقي الشركات الدولية والزائرين الدوليين بعيداً عن مصر.
ثالثاً، هل سيشعر الوزراء الجدد بالأمان الكافي في مناصبهم لينفذوا برنامجاً اقتصادياً طموحاً؟ في الأشهر الأخيرة، أظهرت الحكومة المصرية ميلاً إلى التآكل من الداخل. فقد اتُهم وزير الزراعة السابق صلاح هلال بالفساد بعد يوم واحد فقط من استقالته في أيلول/ سبتمبر؛ كما فرّ وزير العدل السابق أحمد الزند من البلاد إلى أبو ظبي على الفور بعد استقالته من منصبه في وقت سابق من هذا الشهر؛ وقد ورد أنه تم توجيه مذكرة اعتقال بحق هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات بعد أن أقاله السيسي في الأسبوع الأخير من آذار/مارس. وقد أسفرت هذه الحوادث عن تأثيرات سلبية على الحكومة المصرية، حيث كان الوزراء يفضلون التراخي عن المخاطرة بأمور ستؤدي بهم إلى السجن. لهذا السبب، فإن تعيين وزراء جدد، ومن ذوي الكفاءات العالية، لن يعني بالضرورة اعتماد سياسات جديدة.
اريك تراغر،هو زميل "استير ك. واغنر" في معهد واشنطن.
"سايفر بريف"