- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
في حال انعقاد قمة بين الرئيس ترامب والقيادة الإيرانية، ماذا عن اجتماع مع آية الله؟
في أعقاب قمة الرئيس ترامب مع كيم جونغ أون، هل يجدر بنا اقتراح عقد اجتماع مماثل مع المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي؟ إن هذا العرض ليس بعيداً عن الواقع كما يبدو، ويمكنه أن يمارس ضغطاً مفيداً على النظام الإيراني.
في خطاب وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" في ٢١ أيار/مايو حول سياسة إدارة ترامب تجاه إيران، أيّد الوزير صراحة هذه الحالة المشابهة مع كوريا الشمالية قائلاً: "إذا كان أي شخص، ولا سيّما قادة إيران، يشكّ في مصداقية الرئيس [الأمريكي] أو رؤيته، فلينظر إلى دبلوماسيتنا مع كوريا الشمالية". وفي هذا السياق، كتب السفير الأمريكي السابق زلماي خليل زاد في صحيفة "واشنطن بوست" الأسبوع الماضي عن رغبة الإدارة الأمريكية في "إشراك إيران في مفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق شامل يؤدي إلى تطبيع العلاقات". وكما يشير السيد خليل زاد، لقد سبق للرئيس ترامب أن أعلن عن استعداده للتفاوض مباشرةً مع إيران.
أما في إيران، فتبدو ردود الفعل تجاه قمة ترامب- كيم منقسمة بشكل حاد. فقبل انعقاد هذه القمة، حذّر النظام الإيراني من أن السيد ترامب ليس أهلاً للثقة، بناءً على انسحاباته من كل من الاتفاق النووي الإيراني وإعلان مجموعة الدول السبع لهذا العام. ولكن العديد من المواطنين الإيرانيين يرون أن قمة سنغافورة تمثل سابقةً إيجابية. وفي هذا الإطار، قال أحد الأشخاص في مقابلة أجرتها معه صحيفة "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي: "لإنقاذنا من هذا الوضع السيئ، على قادتنا أن يجلسوا مع ترامب وأن يحلوا الخلافات القديمة بين بلدينا". ويشير صمت الإعلام الإيراني الرسمي حول القمة إلى أن النظام يعترف بالرغبة الشعبية في اعتماد مقاربة مماثلة.
ومن شبه المؤكد أن يرفض السيد خامنئي عرضاً للقاء السيد ترامب، لأن إيديولوجيته مبنية على مقاومة "الغطرسة العالمية" الأمريكية. لكن احتمال مثل هذا الرفض هو سبب إضافي يجب أن يدفع الولايات المتحدة إلى تقديم مثل هذا العرض، لأنه سيُظهر للشعب الإيراني والعالم بأسره من هو صانع السلام الحقيقي.
وربما يبتهج حلفاء أمريكا الأوروبيون إذا عرض السيد ترامب بشكلٍ مفاجئ لقاء آية الله. وقد ترحب قوى عالمية أخرى بهذه البادرة. ففي مؤتمر عُقد مؤخراً في الصين حول الشرق الأوسط، سمع كاتب هذه السطور عدداً كبيراً من المسؤولين يصفون قمة ترامب- كيم بأنها مثال معاكس بل سارّ لانسحاب السيد ترامب الأحادي الجانب من الاتفاق النووي مع إيران.
وخلافاً للقوى الأوروبية والآسيوية، ليس هناك شك بأن حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط سيشعرون بالقلق من احتمال تخفيف السيد ترامب لموقفه تجاه إيران. وبالفعل، لا تشجع وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية على إجراء مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، بادعائها أن قمة سنغافورة زادت من نفوذ الولايات المتحدة على طهران. وفي برنامج حواري عربي عُرض الأسبوع الماضي، سألني المحاور عمّا إذا كانت القمة ستعزز الدعم المحلي للسيد ترامب، الأمر الذي سيمكّنه من ممارسة المزيد من الضغط على النظام الإيراني.
إنّ السبيل الأفضل لتبديد تلك المخاوف هو تذكير الإسرائيليين والعرب بأن السيد خامنئي ليس كيم جونغ أون، ومن المرجح أن يفعل كل شيء تقريباً لتجنب لقاء السيد ترامب. كما يجب على البيت الأبيض أن يتشاور مع حلفاء الولايات المتحدة قبل تقديم مثل هذا العرض، لكن بإمكان الدول القلقة أن تقتنع بأن هذا العرض سيضع إيران، وليس هي، في موقف محفوف بالمخاطر.
وفي الحالة غير المحتملة التي يقبل فيها خامنئي مثل هذه الدعوة، قد يقوده تصوره الخاص حول تأثيره [الكبير] إلى وضع شروط أقل تشدداً. ومن شأن ذلك أن يسمح للولايات المتحدة بإلغاء العرض مع الحفاظ على انفتاحها على محادثات غير مشروطة. كما ليس هناك داعي للقلق من أن تؤدي هذه الدعوة إلى "إضفاء الشرعية" على النظام الإيراني. فعلى عكس كوريا الشمالية، تُعتبر الجمهورية الإسلامية، في السراء والضراء، شرعية في نظر معظم دول العالم.
وإذا تحققت قمة ترامب- خامنئي، فإنها ستوفر فرصةً لإعادة صياغة مطالب صعبة بل مبررة تماماً، فيما يتخطى أي اتفاق نووي، وللإظهار للشعب الإيراني الأولويات الحقيقية لزعمائهم.
ديفيد بولوك هو زميل "كوفمان" في معهد واشنطن ومدير منتدى فكرة.
"وول ستريت جورنال"