- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
في سوريا، بوتين يخاطر تكرار خطأ الاتحاد السوفيتي في أفغانستان
على الرغم من الحملة الدعائية الضخمة والمتواصلة التي يقوم بها الكرملين، لا تزال الأصوات المناهضة للنظام تجد طريقها في روسيا. فهي تُعبّر عن رفضها لتدخل البلاد في سوريا، بسبب القلق من إمكان أن تصبح هذه الأخيرة أفغانستان جديدة لروسيا - تلك الحرب التي ساهمت بشكل كبير في سقوط الاتحاد السوفياتي، وفقاً لعدة تقارير.
في 7 أيلول/سبتمبر، أرسل عضو المعارضة الوحيد في البرلمان الروسي (الدوما) [غينادي غودكوف] المناهض لفلاديمير بوتين، طلباً رسمياً إلى وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو. هناك "شيئان يهماني"، كتب غودكوف على صفحته على الفيسبوك، "أولاً، هل يقاتل جنودنا حقاً لصالح الأسد، وثانياً، إذا كان الجواب نعم، لماذا يتم ذلك سراً، دون موافقة البرلمان؟ نحن ننتقد أمريكا بشدة حول العراق، كما ننتقد حلف شمال الأطلسي حول يوغوسلافيا، هذا من ناحية - ومن ناحية أخرى يبدو أننا نرسل قوات لدعم نظام لا يمكن أن يُعتبر مقبولاً".
في أيار/مايو، عدّل بوتين مرسوماً قائماً حول أسرار الدولة. ومن بين التغييرات التي تضمنها، وضع الخسائر العسكرية الروسية على قائمة أسرار الدولة حتى في وقت السلم، "خلال العمليات الخاصة" - كما جاء في التعديل. وبإشارته إلى هذا الموضوع، كتب غودكوف، "كنا نظن أن هذا [التعديل هو] حول دونباس [في أوكرانيا] - ولكن اتضح فيما بعد أنه بشأن سوريا أيضاً".
وفي محاولته شرح دوافع بوتين لزيادة الانخراط في سوريا، كتب الصحافي إيفجيني كيسيليف في «إيكو موسكفي» ذات التوجهات الليبرالية، "نظام [بوتين] السلطوي، الذي يواجه مشاكل داخلية، يسعى للتعويض عنها [من خلال اتخاذ خطوات] في اتجاه السياسة الخارجية". وأضاف، أنه طوال تاريخ روسيا، تحولت حروب مماثلة إلى كوارث في السياسة الخارجية، بدءً من الحرب الروسية-اليابانية في 1904-1905، وإلى حرب القرم في الفترة 1853-1856.
بالإضافة إلى ذلك، كتب كيسيليف: "تورطنا في مستنقع أفغانستان قبل 36 عاماً. وتورطنا في دونباس في العام الماضي - هل سنتورط الآن في سوريا؟ ... شخصياً ليس لديّ أدنى شك في أن التدخل العسكري في سوريا هومغامرة - ومميتاً بالنسبة لروسيا".
وقال المحلل اوليغ بونومار، "هل لا يذكّرنا هذا الوضع بالتاريخ الأفغاني؟ فكما كان الأمر في ذلك الحين، اتخذت [القيادة] العليا في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، دون أي مناقشة عامة، قرار بإدخال 'فرقة محدودة' من القوات السوفيتية في أفغانستان". وأضاف، "خلال ذلك الوقت، انهار الاقتصاد السوفييتي العاجز بالفعل تحت وطأة الإنفاق العسكري والسخط الاجتماعي، وسَحبَ النظام السوفياتي كله إلى الجحيم."
وحتى بعض المؤيدين لسياسة الكرملين الموالية للأسد يعتقدون بأنه لا ينبغي على روسيا التدخل عسكرياً في سوريا. وقد كتب ميخائيل روتوفسكيي، الذي قضى بعض الوقت في سوريا قبل 15 عاماً كضيف على السفارة الروسية، "ليس لدى روسيا الحق في الدخول في مغامرة سيكون من المستحيل الخروج منها. نحن لا نحتاج إلى أفغانستان ثانية - وخاصة على خلفية الأزمة الأوكرانية التي تمتص الحياة من بلادنا بالفعل".
قد يختلف التدخل العسكري الروسي في سوريا في بعض النواحي عن تورط الاتحاد السوفيتي في أفغانستان. لكن بالنسبة لبعض الروس، هناك بعض من أوجه الشبه اللافتة للنظر. فروسيا تواجه أزمة اقتصادية عميقة، ونفقاتها العسكرية الحالية غير قابلة للاستمرار، كما تواجه البلاد انخفاضاً ديموغرافياً حاداً. ولا يمكن لروسيا أن تخوض حرباً في كل من أوكرانيا وسوريا، في الوقت الذي تحتفظ فيه أيضاً بقوات في أماكن عديدة من أراضي الاتحاد السوفياتي سابقاً كما هو الحال حالياً. ولكن يبدو أن بوتين يحاول القيام بذلك.
آنا بورشفسكايا هي زميلة "آيرا وينر" في معهد واشنطن.
"فوربس"