- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
حاجة ماسة لاتباع نهج جديد لقمع العنف
Also published in "تايمز أوف إسرائيل"
قد تؤدي محاولة الولايات المتحدة وإسرائيل الضغط على قطر و "السلطة الفلسطينية" و «حماس» لإنهاء الهجمات الإرهابية ضد الإسرائيليين إلى المساعدة في نهاية المطاف على إعادة ترتيب ديناميات الموقف، حتى لو أدت مثل هذه الخطوة إلى رد فعل عنيف عالي التكلفة على المدى القصير.
تواصل إدارة بايدن بذل جهود كبيرة لضمان عدم تصاعد التوترات الإسرائيلية الفلسطينية من جديد، وأنه يتم اتخاذ خطوات نحو تحسين اقتصاد الضفة الغربية. وقد تعرضت هذه الجهود، بقيادة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، للتهديد مؤخراً بسبب تصاعد الهجمات الإرهابية داخل المدن الإسرائيلية والإجراءات المضادة التي اتخذتها إسرائيل لإحباط المزيد من المحاولات، فضلاً عن أعمال الشغب التي انطلقت في جبل الهيكل/الحرم الشريف. ولسوء الحظ، فإن الدعوات إلى ضبط النفس الموجهة للفلسطينيين تلقى آذاناً صماء طالما أن بعض الجهات الفاعلة الأخرى تشجع باستمرار الشباب الفلسطيني على اللجوء إلى العنف. بيد، تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ بين عدد من هذه الجهات الفاعلة وعليها استخدامه لثني هذه الجهات عن توفير المناخ الملائم لـ «داعش»، و«الجهاد الإسلامي»، و«الجبهة الشعبية» [لتحرير فلسطين] و«حماس» فضلاً عن "الجهات المنفردة".
والأولى بين هذه الجهات هي قطر. فقد أصبحت هذه الإمارة الصغيرة الثرية، التي تُوجت مؤخراً من قبل الولايات المتحدة كحليف رئيسي من خارج حلف "الناتو" وتستعد لاستضافة البطولة المرموقة لكأس العالم لكرة القدم في وقت لاحق من هذا العام، هي المشجع الرئيسي للإرهاب الفلسطيني. فلا يكتفي حاكمها الشيخ تميم [بن حمد آل ثاني] بالامتناع عن توجيه أي انتقاد لممارسات القتل في شوارع المدن الإسرائيلية أو التحدث علانية ضد تحويل الشباب لساحة المسجد الأقصى إلى ساحة عنف، بل يوجه أيضاً إمبراطوريته الإعلامية بقيادة شبكة إذاعة "الجزيرة" لصب الزيت على ألسنة اللهب، مما يؤدي إلى تفاقم التوترات باستمرار. وعلى مدار سنوات، كانت الدوحة تستضيف قيادة «حماس» وتموّلها، من بينها العديد من العناصر المتورطة في شن هجمات على إسرائيل. وهكذا، أصبحت البلاد حلقة وصل هامة في سلسلة التوريد للإرهاب.
وصحيح أن قطر تقيم علاقات غير رسمية مع إسرائيل، حتى بعد عام 2000 عندما أغلقت المكتب التجاري الإسرائيلي في عاصمتها، لكنها تستغل هذه العلاقات بشكل أساسي من أجل الحصول على إذن لتحويل الأموال إلى قطاع غزة. فمن خلال التنسيق بين القدس و«حماس» واللجنة الرباعية (التي تشمل الولايات المتحدة) والأمم المتحدة، سُمح للمبعوث القطري الخاص محمد العمادي بنقل مبالغ كبيرة من النقود لمساعدة العائلات المحتاجة هناك وتمويل بعض المشاريع التنموية. وبالتأكيد، ترى إسرائيل ميزة في منع انهيار قطاع غزة من الداخل وتدهوره نحو مستويات من الفقر الخطير. ومع ذلك، فقد حان الوقت لتغيير المعادلة: يجب على الولايات المتحدة أن تدعم إسرائيل في تقديم إشعار بأن السيد العمادي والأموال التي يجلبها لم تعد موضع ترحيب طالما تستمر قطر في تشجيع العنف. يجب تعليق ترتيبات إيصال المساعدات - وليس إلغاؤها - إلى أن يعيد الشيخ تميم تقييم موقفه.
لا شك أن هذه الخطوة ستخلق أزمة خطيرة مع «حماس» وقد تؤجج وابلاً جديداً من الاحتجاجات المصحوبة بالصواريخ، ولكن كما حدث عدة مرات من قبل، فإن جولة جديدة من الأعمال العدائية لن تستمر طويلاً وسيضطر القطريون في النهاية إلى تعديل موقفهم. وببساطة، لا تستطيع «حماس» تحمل خسارة الأموال القطرية. ويجب عدم تفويت الفرصة لإخراج قطر من المجموعة التي تمدح كل من يقتل إسرائيليين.
وخير مثال على ذلك هو الرئيس التركي (رجب طيب) أردوغان، أقرب حليف للقطريين، الذي سمح للمقر العسكري لقيادة «حماس» بالعمل من اسطنبول. فقد أدان أردوغان "بشدة" الهجمات الإرهابية الأخيرة في إسرائيل، كما أبدى تحفظاً شديداً في رد فعله على مناوشات رمضان التي حدثت في المسجد الأقصى. وفي أعقاب اجتماعه الشهر الماضي مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، من المتوقع أن يمارس أردوغان ضبط النفس إزاء «حماس» في الأشهر المقبلة مع الحفاظ على علاقته مع الحركة المصنفة كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة. يجب أن تساعد هذه السابقة الشيخ تميم في قطر في تقييم موقفه.
وقد أصدرت أساساً ست حكومات عربية بيانات تندد بالهجمات، وانضمت إليها جميع الأطراف العربية والمجالس البلدية داخل إسرائيل. والآن يجب ممارسة الضغط على قطر للتمسك بعدم التسامح مطلقاً مع الإرهاب والالتزام بوقف تحريض الإرهابيين.
في الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة ألا تعترض على قيام إسرائيل بإبلاغ «حماس» - أولاً بهدوء وإذا لزم الأمر بشكل علني - أن عليها أن تخفف من حدة وعظ الشباب الفلسطيني بأن واجبهم الوطني المقدس هو القيام بأعمال إرهابية. بإمكان إسرائيل أن تُحذر من أنها ستضطر إلى تعليق تنفيذ التفاهمات التي تهدف إلى تحسين رفاهية السكان في غزة: على سبيل المثال، تكرار أو تمديد إغلاق "معبر إيريز" الذي فُرض هذا الأسبوع، وهي خطوة تمنع دخول 20 ألف عامل من غزة إلى إسرائيل يومياً، وتجميد قائمة طويلة من الإجراءات الأخرى المتفق عليها في الأشهر الأخيرة لتحسين الظروف. ومجدداً، قد ترد «حماس» بإطلاق الصواريخ، لكن من الأفضل لإسرائيل خوض جولة أخرى من القتال حول هذه المسألة المتعلقة بالمبادئ.
أخيراً، يمكن للمرء أن يشكر رئيس "السلطة الفلسطينية" محمود عباس على إدانته الفاترة التي أعلنها في أعقاب الهجمات الإرهابية الأخيرة بعد الطلبات المتكررة من قبل الولايات المتحدة للقيام بذلك، لكن هذا لا يكفي. فقد لعبت "السلطة الفلسطينية" دوراً رئيسياً في التحريض على التظاهر في المسجد الأقصى، ونشرت مزاعم ملفقة بأن إسرائيل تسعى لتغيير الوضع الراهن هناك. ومن المتوقع أن تصدر اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" واللجنة المركزية لحركة "فتح" والحكومة الفلسطينية بيانات إدانة واضحة تماشياً مع الالتزامات التي تعهدت بها في "اتفاقيات أوسلو". وفي حالة عدم تلبية هذا المطلب، بإمكان إسرائيل ممارسة الضغط من خلال تعليق بعض البرامج من ضمن القائمة الطويلة للبرامج التي تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية. يجب أيضاً أن يُطلب من "السلطة الفلسطينية" - كما توضح الولايات المتحدة في كل محادثة مع مسؤولي هذه السلطة - الالتزام من الآن فصاعداً بالتوقف عن دفع الرواتب الشهرية ومخصصات الرعاية الاجتماعية وغيرها من الإعانات للأشخاص الذين تم القبض عليهم بسبب مشاركتهم في الإرهاب. وبطبيعة الحال، لا بد أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى تصعيد التوترات، لكن تَحدّي الثقافة التي تكرس العنف لن يأتي أبداً بدون مخاطر.
وكان من المفترض أن يتم سن سياسة قائمة على المبادئ تهدف إلى تغيير القواعد الدموية للّعبة منذ سنوات، ولكن لم يفت الأوان بعد. فقد نكتشف في المستقبل أن هناك دعماً دولياً أوسع لهذا الطلب مما نتخيله. إن اتخاذ قرار بتبني مسار العمل هذا سيؤدي بالفعل إلى تصعيد التوترات مؤقتاً ويدعو إلى حدوث أزمات، ولكن ما الذي ننتظره على وجه التحديد؟
إذا سُمح بالمضي قدماً في الوضع الحالي، فإن المجموعة التي تضم قطر و «حماس» و "السلطة الفلسطينية" ستضمن التسبب في توسيع دائرة العنف الوحشي الذي يلحق الأذى باليهود والعرب على حد سواء. وإذا كانت الولايات المتحدة تطمح حقاً إلى تحقيق تسوية للصراع في الشرق الأوسط، فلا يمكنها أن تغض الطرف عن أولئك الذين يسعون إلى عرقلة المزيد من التقدم من خلال إشعال حلقات الإرهاب ومكافحة الإرهاب.
والخطوة الأولى الجيدة هي إقناع الأردن ومصر والإمارات والمغرب وغيرها بالتنديد بانتهاك الفلسطينيين لحرمة الأقصى مقابل التزام إسرائيلي واضح بالحفاظ على الوضع الراهن. والوقت الحاضر هو أفضل وقت للبدء بالسير في الاتجاه الصحيح - ومن الأفضل فعل ذلك الآن بدلاً من الانتظار لمعرفة ما قد يحدث خلال شهر رمضان العام المقبل.
إيهود يعاري هو "زميل ليفر الدولي" في معهد واشنطن ومعلق محنك في التلفزيون الإسرائيلي. وقد نُشر هذا المقال في الأصل على موقع "تايمز أوف إسرائيل".