- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
هالة "الشرعية" المحيطة بالرئيس اليمني تُعقّد عملية استبداله
وسط الشكوك المتواصلة المحيطة بصحة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وشعبيته، تبقى مسألة الخلافة في اليمن مصدراً للتكهنات الشديدة والهامسة. وتشهد أسماء الخلفاء المحتملين مداً وجزراً وسط الديناميكيات السياسية المتغيرة، ولكن النقاش الأكثر أهمية يدور حول العملية القانونية. وهناك سيناريوهان أساسيان لاستكشافهما: إذا تم عزل رئيس ما بسبب عدم شعبيته، فكيف سيحدث ذلك؟ وإذا غاب الرئيس فجأة عن المشهد، فما هي عملية اختيار بديله؟
ويكمن العنصر الأساسي في مسألة الخلافة في مفهوم الشرعية، والذي كان محورياً لسبب وجود التحالف في الحرب. ففي عام 2015، عندما بدأت الحرب في اليمن، سرعان ما أصبح هادي رمزاً لـ "الشرعية"- المصطلح المستخدم للإشارة إلى حكومة اليمن المعترف بها دولياً. ويؤكد التحالف الذي تقوده السعودية بانتظام أن تدخله في اليمن تم بأكمله بناءَ على طلب الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وهذا الجدال حول الشرعية أمراً ضرورياً بالنسبة للسعوديين، الذين يريدون تجنب أي انطباع بأنهم قوة استعمارية. ونتيجة لذلك، ظلوا صامدين وراء هذا التبرير، حتى عندما تحدى هادي تفضيلاتهم وتراجعت شعبيته بين اليمنيين وشركاء التحالف على حد سواء.
ويمكن لمثل هذا الدعم الثابت للحكومة المعترف بها أن يوفر ذريعة لدور التحالف بموجب القانون الدولي، لكنه طوّق أيضاً المفاوضين، الذين تقيّدهم هذه الحاجة لحماية مفهوم الشرعية الذي يمثله هادي. ولطالما سعى المفاوضون، حتى قبل اندلاع الحرب، إلى إنشاء مجلس رئاسي انتقالي. وفي عام 2016، عندما بدت المحادثات بين الأطراف المتحاربة واعدة، كان الحوثيون يصرّون على ضرورة رحيل هادي لأنه أصبح رمزاً للحرب. ووافق على ذلك الكثير من المشاركين في المفاوضات. ومن أجل استبدال هادي والحفاظ على مفهوم الشرعية على حد سواء، انتشرت شائعات بأنه قد يتم تنصيب نائب الرئيس آنذاك خالد بحاح كمرشح وسط إما للرئاسة الانتقالية أو كعضو في رئاسة المجلس. فأقدم هادي، الذي ربما رأى الكتابة على الحائط، على فصل بحاح بشكل غير رسمي قبل وقت قصير من بدء المحادثات في الكويت. فضلاً عن ذلك، عيّن علي محسن الأحمر، وهو رجل يحقتره الكثيرون في اليمن وداخل التحالف، نائباً للرئيس. وفي الواقع، ومن خلال مقايضة الرجل الثاني في القيادة الذي يتمتع بشعبية أكبر منه بآخر أقل شعبية، ضمن هادي منصبه كرئيس، وفشلت المحادثات في عام 2016 في نهاية المطاف.
ويعتقد البعض أن التحالف قد يتمكن في مرحلة ما من إقناع الرئيس باستبدال نائب الرئيس أو تعيين نائب ثان للرئيس، وبالتالي فتح المجال مجدداً أمام خيار إنشاء مجلس رئاسي وتجنُّب وضع يصبح فيه علي محسن رئيساً، حتى مؤقتاً. ومن الناحية الدستورية، إذا غاب الرئيس عن المشهد، فيتولى نائب الرئيس زمام الأمور لمدة تصل إلى 60 يوماً تُجرى خلالها الانتخابات. ويُعتبر علي محسن خياراً ضعيفاً على المدى الطويل بالنسبة للعديد من أصحاب المصلحة، بمن فيهم الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة واليمنيون الجنوبيون وحركة الحوثي. ومثل هذا السيناريو قد يضع التحالف في مأزق، مما قد يفسّر الشائعات العرضية للمرشحين البديلين لمنصب نائب الرئيس.
ويشير سيناريو آخر أكثر تداولاً إلى أن الأطراف المهتمة قد تحاول تطوير مراكز قوة يمنية "شرعية" بديلة. ويُعتبر اجتماع مجلس النواب العام الماضي - الذي انتُخب في عام 2003، [أي] منذ فترة طويلة للغاية بحيث أصبحت شرعيته موضع شك - كمثال على ذلك. وتشير مصادر موثوقة إلى أن السعودية ضغطت من أجل عقد ذلك الاجتماع. ومع ذلك، إذا كان ذلك حيلة لبناء "شرعية" وكيلة في اليمن، فليس من الواضح كيف سينجح الأمر بشكل قانوني. ووفقاً للدستور اليمني، يتولى رئيس مجلس النواب الحكم في اليمن فقط إذا غادر المشهد كل من الرئيس ونائب الرئيس في الوقت نفسه.
وفي إطار سيناريو مثالي، من شأن الزعيم اليمني المقبل أن يتمتع بالشرعية ويحظى بالشعبية في أوساط الشعب اليمني من جميع الانتماءات السياسية ويكون ملتزماً بإحلال السلام. وتكون مثل هذه الشخصية حساسة أيضاً للمطالب الجنوبية والمظالم الشمالية. ومن الصعب إيجاد عملية تنصيب رئيس شرعي جديد؛ ومع ذلك، قد يكون إيجاد شخص يفي بالمواصفات أكثر صعوبة.
إلينا ديلوجر، هي زميلة أبحاث في "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن ومؤلفة المذكرة السياسية من عام 2019 بعنوان "رئيسٌ انتقالي يتمسّك بالشرعية في اليمن". وقد نُشر هذا المقال في الأصل على موقع "مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية".
"مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية"