حكومة السوداني كـ "غطاء سياسي للمقاومة"
تتخذ «المقاومة» العراقية موقفاً صريحاً أكثر فأكثر بشأن الدور الذي تتوقعه من حكومة السوداني، أي أن تكون غطاءً لأنشطة الميليشيات، و"حكومة «مقاومة»".
في 10 كانون الثاني/يناير 2023، نشرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من «حزب الله» اللبناني مقالاً بعنوان "إشكالية العلاقة مع أميركا: حكومةُ «مقاومة» أم مهادنة". وتناول المقال العلاقة بين حكومة السوداني والإدارة الأمريكية، واقتبس ما قاله علي تركي، أحد الرجال المخضرمين ورفيعي المستوى في ميليشيا "عصائب أهل الحق" (الشكل 1)، الذي دخل معترك السياسة. وهو حالياً عضو في مجلس النواب العراقي عن كتلة "الصادقون"، الجناح السياسي لـ «عصائب أهل الحق». وقال تركي لصحيفة "الأخبار" إن الحكومة العراقية الحالية هي "حكومة «مقاومة»"، مضيفاً: "«المقاومة» أصبحت تمثّل وجهة نظر العراق الرسمية، وهي من تدير دفّة الأمور اليوم" (الشكل 2). وجاء هذا التصريح في أعقاب وصف زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني بأنه "المدير العام" لحكومة تقودها «المقاومة».
وتتكرر هذه المشاعر بشكل متزايد من قبل شخصيات مرتبطة بـ «المقاومة». فقد لجأ مؤخراً أحمد عبد السادة، وهو كاتب وصحفي معروف بظهوره في البرامج الحوارية التلفزيونية العراقية كوجه ناطق باسم «المقاومة»، إلى منصة "تويتر" للرد على الانتقادات الموجهة إلى حكومة السوداني. فقد تعرض السوداني لانتقادات بسبب عدم إدانته الولايات المتحدة بشكل كافٍ في ذكرى القتل الأمريكي المستهدف لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس (لكن بعد يومين ندد بقتلهم وتم الإشادة به على نطاق واسع داخل دوائر «المقاومة»).
لكن عبد السادة يحث منتقدي «المقاومة» على النظر إلى الصورة الأكبر: "البعض يطلب من السوداني أن يتبنى خطاباً ثورياً في ذكرى استشهاد قادة النصر [سليماني والمهندس]. وفي الحقيقة هذا ليس دوره، بل دور قادة الحشد و«المقاومة»، وقد مارسوه بجدارة. السوداني أشاد بقادة النصر [سليماني والمهندس] وأدان قتلتهم الأمريكان، وهذا يكفي نظراً لمنصبه، لأن دوره توفير غطاء سياسي للمقاومة وليس ممارسة عمل «المقاومة»" (الشكل 3).
ويعكس هذان التعليقان نظرة «المقاومة» إلى حكومة السوداني، حيث توفر الغطاء السياسي والشرعية للمقاومة بما يسمح لها بالمضي قدماً في هدفها النهائي المتمثل في الاستيلاء على الدولة. ومن شبه المؤكد أن هذه وجهة نظر مشتركة عبر الحركة.
وشكل عام 2022 نقطة انعطاف للمقاومة العراقية. فقد شهد عاما 2020 و2021 تنافس فصائل ضعيفة، بلا قيادة، وذات خلل وظيفي في معظم الأحيان لإيجاد سبيل للعودة إلى ذروتي العامين 2018 و2019. ويعني صعود حكومة السوداني أن الهدف الرئيسي طويل المدى للمقاومة، وهو الاستيلاء على الدولة، يبدو أكثر واقعية من ذي قبل.
ومع وجود حكومة صديقة لها، أصبح لدى «المقاومة» الآن المزيد من الفرص لتغطية أنشطتها غير المشروعة بواسطة مؤسسات معروفة سابقاً بمصداقيتها. لكن العديد من فصائل «المقاومة» ما زالت تنتهك القانون العراقي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، كما هو معروف. ومع انتشار قوة الميليشيات عبر الحكومات، يجب على الجهات الفاعلة الدولية توخي المزيد من الحذر لفهم الروابط القائمة بين الوكالات الحكومية والميليشيات ومنتهكي الحقوق المعروفين. وستستمر سلسلة "الأضواء الكاشفة للميليشيات" في فضح هذه الروابط وشرحها.