- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3076
هل قادة المنطقة على توافق مع الرأي العام؟ القضية الإسرائيلية-الفلسطينية
"في 7 شباط/فبراير، خاطب ديفيد بولوك وتمار هيرمان منتدى سياسي في معهد واشنطن. وهيرمان هي أستاذة للعلوم السياسية في "الجامعة المفتوحة في إسرائيل" والمديرة الأكاديمية لـ "مركز غوتمان للرأي العام وبحوث السياسات" التابع لـ "معهد الديمقراطية الإسرائيلي". وبولوك هو زميل "برنشتاين" في معهد واشنطن ومدير "مشروع فكرة". وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهم".
تمار هيرمان
في إسرائيل، أقلية ضئيلة فقط من الذين شملهم الاستطلاع لا يؤيدون حكومتهم فيما يخص السياسات الخارجية والأمنية؛ فمعظمهم راضٍ عن القيادة ويدعم خطواتها وأجندتها. ويأمل الكثير من الإسرائيليين أن يتجاوزوا الانقسامات السياسية التقليدية بين اليسار واليمين [وأن يعملوا نحو] تشكيل وسط سياسي جديد، ولكن عندما يتعلق الأمر بقضايا رئيسية مثل الصراع الفلسطيني، تتشابه مواقف الوسط إلى حدّ كبير مع مواقف اليمين التقليدي.
وبالفعل، تغيرت الخارطة السياسية بشكل كبير نحو اليمين منذ فترة "اتفاقيات أوسلو". واليوم، يعرّف 62 في المائة من اليهود الإسرائيليين أنفسهم على أنهم ينتمون إلى اليمين السياسي، في نسبة قياسية منذ عام 2001 (ربع يعتبرون أنفسهم كوسطيين، و 11 في المائة فقط كيساريين). ويتمثل عامل التكهن الأقوى للمعتقدات السياسية في مستوى التديّن: 72 في المائة من المستطلعين اليهود المتديّنين المتشددين ينتمون إلى اليمين، إلى جانب 92 في المائة من اليهود المتدينين و72 في المائة من اليهود المتدينين التقليديين و60 في المائة من اليهود غير المتدنيين التقليديين. ومع ذلك، فمن بين 46 في المائة ممن يعرّفون أنفسهم على أنهم علمانيون، 28 في المائة فقط يعتبرون أنفسهم من اليمين مقابل 36 في المائة من اليسار و30 في المائة من الوسط.
وبشكل عام، فإن المشاركين في استطلاع الرأي العام الإسرائيلي يشعرون بالرضا عن وضع بلادهم. ففي الفترة بين عامي 2003 و 2018، ارتفعت النسبة التي وصفت الوضع بـ"الجيد أو الجيد جداً" من نحو 10 في المائة إلى 53 في المائة، في حين انخفضت النسبة التي أجابت بـ"السيئ أو السيء جداً"، من أكثر من 60 في المائة إلى 16 في المائة. وتشعر الأغلبية بالسعادة بشكل خاص إزاء الاقتصاد المزدهر وانخفاض معدلات العنف. ومع ذلك، تختلف وجهات النظر هذه بشكل كبير بين الكتل السياسية: 71 في المائة من اليهود اليمينيين وصفوا وضع إسرائيل بأنه "جيد أو جيد جداً" مقابل 49 في المائة من اليهود الوسطيين و27 في المائة فقط من اليساريين.
وعلى العموم، لا يشعر الشعب الإسرائيلي بأي حاجة ملحة على وجه الخصوص لتغيير أي شيء، وليس هناك الكثير من الرغبة في استبدال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو العودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين. وأشار 6 في المائة فقط من المستطلعين اليهود إلى أن التوصل إلى اتفاق سلام يجب أن يكون محور التركيز الرئيسي للحكومة، مقابل أكثرية قليلة من الإسرائيليين العرب الذين يشعرون بالمثل. وعموماً، يبدو أن اليهود والعرب يتفقون على أن هناك احتمال ضئيل لحصول تقدّم إيجابي في المستقبل القريب.
ويبدو أن معظم المستطلعين الإسرائيليين لا يتأسفون على انهيار "اتفاقيات أسلو" - وفي الواقع، يعتقد نصف اليهود اليمينيين أن الأمور كانت لتكون أفضل لو لم يتمّ التوقيع على هذه الاتفاقيات، في حين ترى غالبية اليهود الوسطيين واليساريين أن الأمور ما كانت لتتغير تقريباً. ويحمّل معظم المستطلعين اليهود - 80 في المائة من اليمين و59 في المائة من الوسط - الفلسطينيين مسؤولية الفشل في التوصل إلى اتفاق سلام، في حين يعتقد نصف اليساريين أن كلا الطرفين يتحملان المسؤولية على قدم المساواة. ومع ذلك، يشير حوالي 60 في المائة من الإسرائيليين إلى أنهم سيدعمون أي مفاوضات جديدة، رغم أن أقلّ من 40 في المائة يعتقدون أنها ستكون ذا جدوى.
وعلى الرغم من أن معظم المستطلعين اليهود من الوسط واليسار يعتقدون أن للفلسطينيين الحق في إقامة دولة مستقلة، إلا أن نصف الشعب اليهودي في إسرائيل فقط يشاطرهم هذا الرأي. فنسبة دعم حل الدولتين لا تتخطى 46.8 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ عام 1998، كما أن النسبة هبطت إلى حوالي 25 في المائة عند الطرف الأيمن من الطيف السياسي.
وإذا تم التوقيع على اتفاق سياسي دائم، يشير معظم الإسرائيليين الذين شملهم الاستطلاع إلى أنهم يتوقعون استمرار الأعمال العدائية من الجانب الفلسطيني. واعتباراً من آب/أغسطس 2018، يرى 63 في المائة من المستطلعين اليهود أن غالبية الفلسطينيين لم يتقبلوا بعد وجود إسرائيل وأنهم كانوا سيدمرون البلاد لو استطاعوا ذلك. ويتفق المستطلعون من كافة الكتل السياسية بشكل عام على أنه يتعين على الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل دون قيد أو شرط كدولة قومية للشعب اليهودي قبل إعادة إحياء محادثات السلام. كما يتوقعون أن يتنازل الفلسطينيون عن "حق العودة" ويسمحوا بعدم تقسيم القدس وإبقائها تحت الحكم الإسرائيلي (لا يشمل ذلك الأحياء العربية المحيطة)، وأن يوافقوا على السماح ببقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة قائمة مع اعتبار مقايضات الحدود مقبولة، إذا دعت الحاجة.
وفيما يتعلق بالانتخابات الوطنية المقبلة في إسرائيل، دخل رئيس أركان الجيش السابق بيني غانتس المعترك السياسي مؤخراً، مانحاً الأمل لكثيرين من المستطلعين من اليسار والوسط (رغم أن مواقفه لم تتضح بعد بشكل كامل). لكن على الرغم من التحقيقات الجنائية المحيطة بنتنياهو، من المرجح أن يفوز حزب "الليكود" الذي يرأسه بعدد كبير من الأصوات في نيسان/أبريل نظراً إلى الشعبية التي يحظى بها مختلف المرشحين على قائمته.
ديفيد بولوك
تشير الاستطلاعات التي جرت في البحرين ومصر والأردن ولبنان والكويت وقطر والسعودية والإمارات إلى أن الرأي العام أصبح معتدلاً بشكل مفاجئ في بعض هذه الدول. وفي معظم الحالات، تتماشى مواقف الجمهور بشأن السياسة الخارجية مع مواقف الحكومة. ويؤيد ثلثا المستطلعين بالكامل حل الدولتين. فضلاً عن ذلك، في حين يعارض جمهور كل بلد إلى حدّ كبير السياسة الخارجية الأمريكية وإدارة ترامب، إلّا أن النسبة التي تعتقد أنه من المهم الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة أكبر بكثير.
كما يتشاطر المستطلعون في هذه الدول عداء حكوماتهم تجاه «حزب الله» وإيران. وفي كل حالة، اعترض ما بين 80 على 90 في المائة من الشعب على إيران ووكلائها وعلى «حزب الله». وشكّل الاستثناء الوحيد لهذا الاتجاه الطائفة الشيعية في لبنان التي تدعم إلى حدّ كبير الحزب ورعاته في طهران. ولكن حتى هذا الدعم ينخفض، حيث يعتقد 30 في المائة فقط من اللبنانيين الشيعة أنه على «حزب الله» مواجهة إسرائيل.
وفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، لا تزال أكثرية ضئيلة من المستطلعين في مصر والأردن ولبنان تعتبر هذا الصراع أولوية رئيسية في السياسة الخارجية، غير أنه ذو أولوية منخفضة في دول الخليج العربي. فالدعم مرتفع في جميع البلدان لجهة منح الطرفين حوافز لتبنّي مواقف أكثر اعتدالاً. ومع ذلك، فإن الدعم منخفض بشكل عام بشأن التعاون مع إسرائيل في مجال التكنولوجيا والقضايا المماثلة قبل توقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين - نحو 20 في المائة في المجموع، وإن كانت النسبة أعلى بقليل في مصر والأردن.
وفي الوقت نفسه، تحتفظ «حماس» ببعض الشعبية، رغم تراجع وجهات النظر الإيجابية تجاهها. فتأييد هذه الحركة يتراوح بين 30 و40 في المائة، مما يشير إلى أن أقلية كبيرة ما زالت تدعم موقفاً متشدداً ضد إسرائيل على الرغم من الدعم الكبير لحل الدولتين.
غير أن مواقف الشعوب المعتدلة نسبياً بشأن إسرائيل لا تعني أن حكومات المنطقة ستواجه ضغوطاً شعبية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل أو الاضطلاع بدور فعال في تعزيز عملية السلام. لكنها تشير إلى أنه إذا اختارت هذه الحكومات دعم السلام، فلن تواجه الكثير من ردود الفعل الساخطة - بل ستحظى على الأرجح بدعم سلبي على الأقل لهذه الجهود. علاوةً على ذلك، أعرب المستطلعون في العديد من الدول عن دعمهم لبادرات حسن النية تجاه اليهود، رغم أن فئة متزايدة ترغب في رؤية الإسلام يُفسّر بشكل أكثر اعتدالاً.
أعدت هذا الملخص تموز أفيفي.
أمكن تنفيذ سلسلة برامج منتدى السياسات بفضل سخاء "عائلة فلورنس وروبرت كوفمان".