- تحليل السياسات
- مقابلات وعروض تقديمية
هل تنظيم «القاعدة» في تراجع؟
منذ صعود تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية»، واجه تنظيم «القاعدة» - الشبكة الإرهابية العالمية التي كانت وراء هجمات 9/11 وتفجير السفارة الأمريكية في نيروبي - منافسة شرسة على المعركة من أجل قلوب وعقول الإسلاميين المتطرفين.
وحول تطور تنظيم «القاعدة» منذ صعود «داعش» تحدثت إلين غورت من WorldPost مع هارون زيلين زميل "ريتشارد بورو" في معهد واشنطن وزميل "رينا وسامي ديفيد" في "المركز الدولي لدراسة التطرف". ومؤخراً نشر زيلين تقرير إحاطة عن حالة الشبكة الإرهابية.
منذ صعوده المذهل في العام الماضي، تصدر تنظيم «الدولة الإسلامية» عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم. ويبدو أن تنظيم «القاعدة» يعمل بعيداً عن الأنظار. هل هذه الديناميكية نفسها واضحة في القوة العملياتية للجماعتين؟
يعتمد ذلك على كيفية صياغة إطار عملياتهما؛ فإذا كان المرء ينظر فقط إلى تنظيم «القاعدة» في أفغانستان وباكستان، فالجواب هو نعم، إن قوته العملياتية قد تقلصت، وهي في تراجع على مدى سنوات. ولكن إذا نظرنا إلى الشبكة الأوسع لـ تنظيم «القاعدة» - التي أعتقد أنها أكثر بروزاً لأن الشخص في المرتبة الثانية في الشبكة، ناصر الوحيشي، الذي هو أيضاً زعيم تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، مقيم في اليمن كما أن العديد من كبار عناصر «القاعدة» من منطقة باكستان وأفغانستان وكذلك إيران هم الآن في سوريا مع «جبهة النصرة» - فعندئذ القوة العملياتية لـ تنظيم «القاعدة» جيدة. وفي نواح كثيرة، تحوّل مركز الثقل لـ تنظيم «القاعدة» بصورة أكثر من منطقة باكستان وأفغانستان إلى اليمن، وسوريا، وحتى ليبيا حيث يقوم تنظيم «أنصار الشريعة» بعملياته باعتباره فرعاً لـ تنظيم «القاعدة» حتى لو لم يُعلَن ذلك على الملأ.
لذلك، ففي الوقت الذي يسيطر «داعش» على أراضي في العراق وسوريا، وبينما تسيطر "ولاياته" الأخرى على مساحات في نيجيريا وليبيا وسيناء (وإن كانت صغيرة في الإثنين الأخيرتين)، إلا أن شبكة تنظيم «القاعدة» تسيطر على أراضي في سوريا واليمن وليبيا. ومع تدهور الوضع في اليمن، يمكن أن تعود «القاعدة» إلى المشهد في وقت قريب جداً باعتبارها جماعة تقف على قدم المساواة مع تنظيم «الدولة الإسلامية» من حيث القوة.
وفي المقابل، فمن ناحية تنظيم «القاعدة»، يُطرح أيضاً سؤال حول ما إذا كان ينبغي علينا أن نفكر عن «جبهة النصرة»، وتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، و جماعة «أنصار الشريعة في ليبيا» باعتبارهم جزء من منظمة فردية في هذه المرحلة، أو ما إذا كانوا الآن ، أو يتجهون نحو أن يكونوا، جماعات متشابهة في التفكير ولكن مستقلة من جميع النواحي العملية. إنني غير متأكد من هذه النقطة الأخيرة.
تشكل الدعاية إحدى المجالات التي كان فيها تنظيم «الدولة الإسلامية» نشطاً بشكل خاص. هل تُساير المقاربة التي يتبعها تنظيم «القاعدة» مع جهود التواصل التي يقوم بها «داعش»؟
لم تكن شبكة «القاعدة» مبهرجة في دعايتها إلى الحد الذي وصل إليه تنظيم «الدولة الإسلامية»، على الرغم من أنه لا يزال هناك وجود لشبكة «القاعدة» في المنتديات التقليدية وموقع "تويتر" على حد سواء، وقد أصبح هذا الأخير بشكل أو بآخر مقراً لنشر الدعاية الجهادية السنية خلال العامين الماضيين أو نحو ذلك.
ويبدو أن تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، و «جبهة النصرة»، وجماعة «أنصار الشريعة في ليبيا» يحاولون الإبداع والابتكار لكي يصبحوا أكثر تطوراً من ناحية إعطاء صبغة خاصة لدعاياتهم والمضي قدماً بمحتوياتها. ومع ذلك، فالحقيقة هي أنه إذا لا تقوم أي من هذه المنظمات المنضوية تحت شبكة «القاعدة» بقتل أمريكيين أو غربيين أو تنشر ما تقوم به باللغة الإنجليزية، فإن وسائل الإعلام الرئيسية سوف لن تتتبع ما تنشره أو تعمل كـ "مكبر للصوت" لدعايتها. وتُنشر الغالبية العظمى من الدعاية التي تصدر عن «داعش» باللغة العربية وبالتالي لا تحصل على الكثير من التغطية - ربما يتم الإبلاغ عن خمسة في المائة من جميع الدعاية التي ينشرها هذا التنظيم. وبما أن «القاعدة» تركز بصورة أكثر على جمهورها العربي أيضاً، فإنها تحصل على اهتمام أقل في الغرب.
وعلاوة على ذلك، يتردد صدى الصراع في سوريا مع أشخاص في العالم الإسلامي بطريقة لا تحدث مع الصراعات في اليمن، أو ليبيا، أو أماكن أخرى. بالإضافة إلى ذلك وبسبب سهولة الوصول إلى سوريا عبر تركيا، فإن الصراع هناك يفسح المجال أمام تدفق المزيد من الغربيين إلى البلاد للمشاركة في القتال. وبما أن الغالبية العظمى من الغربيين يحاربون الآن مع تنظيم «الدولة الإسلامية» والقليل منهم مع «جبهة النصرة»، لذا يحصل «داعش» على اهتمام المزيد من وسائل الإعلام الرئيسية لأن بإمكانها تتبُع التغريدات والرسائل المتعلقة بالعمليات القتالية التي ينفذها مواطنيهم.
وهذا بدوره يوفر "مكبّر صوت" أكثر تأثيراً ويبدأ دورة تتغذى من نفسها، وخصوصاً لأن أعضاء تنظيم «الدولة الإسلامية» يعرفون كيف يجلبون انتباه الصحفيين الغربيين. وليس من قبيل الصدفة أن نسمع الكثير من القصص عن إغواء الآخرين بأشياء تلفت الانتباه بعيداً عن المسألة التي يجري مناقشتها أو التعامل معها.
هل غيّرت «القاعدة» من تكتيكاتها منذ ظهور تنظيم «داعش»، أم يُتوقع منها أن تُغير تكتيكاتها؟
بقي تنظيم «القاعدة» حازماً في منهجيته إلى حد ما، وحتى أن ذلك شمل تقنينه قواعد الاشتباك/المبادئ التوجيهية الخاصة به التي كتبها أيمن الظواهري في أيلول/سبتمبر 2013. وتتميز «القاعدة» بصورة أكثر بالقدرة على الصبر، وانتظار الوقت المناسب، واستغلال الفرص المناسبة. فهو موقف دفاعي إلى درجة ما، ولكنه حازق وعملي في الوقت نفسه، بينما موقف تنظيم «الدولة الإسلامية» هو من النمط الأكثر هجومية. ولا يدع «داعش» قابلية نجاح شيء ما أن يقف بوجه الأمور التي يحاول تحقيقها. ومع ذلك فمن خلال اتخاذه مثل هذه المخاطر، حصل على الكثير من المكافآت. والوقت كفيل لتحديد أي من النموذجين سيكون له أكثر قوة للبقاء [والاستمرار في عملياته الإرهابية].
إلى أي درجة يلعب الفرق في أسلوب القيادة - بين زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري وزعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو بكر البغدادي - دوراً في المشهد الحالي لكلا التنظيمين وقوتهما؟
من الصعب مقارنتهما لأن أوضاعهما تختلف تماماً. أولاً، يختبئ الظواهري لتفادي ضربات الطائرات بدون طيار في باكستان، وبالتالي عليه أن يكون قلقاً جداً حول أمنه الشخصي في كل لحظة ونتيجة لذلك فهو محدود في إمكانية تنقله، في حين يحظى البغدادي بحرية كبيرة في التنقل بسبب الأراضي الواسعة التي يسيطر عليها [«داعش»].
وفي المقابل، يُسدي الظواهري المشورة والتوجيهات الاستراتيجية، التي يستخدمها بعد ذلك قادة الفروع في اليمن وسوريا وشمال أفريقيا والصومال وأماكن أخرى لتطبيق التكتيكات وتنفيذ العمليات القائمة على الديناميات المحلية التي يفهمها ويقدرها بصورة أفضل أولئك الذين يعملون في منطقة معينة من الصراع.
بالإضافة إلى ذلك، [يمثل] الظواهري منبع طليعة التنظيمات، في حين اتخذ البغدادي لنفسه لقب الخليفة، وهذا يعني أنه يعتبر نفسه زعيم العالم الإسلامي بأجمعه كما أن اتباعه يَنظرون اليه على النحو نفسه، إلى جانب ذلك يمثل البغدادي [نظام] هيكل حكومة معيّن يجري تطبيقه في المناطق التي تقع تحت إمرته والتي أَطلق عليها ما يسمى بالخلافة.
لذلك، يسعى البغدادي إلى [تطبيق] مشروع لبناء وطن وبناء دولة، في حين يحاول الظواهري إيقاظ الجماهير وشن هجمات إرهابية على الغرب، في الوقت الذي يسمح فيه لفروعه المحلية بتيسير الظروف على أرض الواقع لقيام دولة إسلامية في المستقبل عندما يشعر هو أو من يخلفه (يخلفونه) بأنه قد حان الوقت [للإعلان عنها].
كتبتَ في تقرير الإحاطة الذي أصدرْتَه أن "تنظيم «القاعدة» يبدو اليوم أكثر شبهاً بهيئته التي كانت سائدة قبل 11 أيلول/سبتمبر". هل يمكن أن توضح ذلك بالمزيد من التفاصيل؟
قصدتُ ببساطة أن قيادة التنظيم هي أكثر انتشاراً [اليوم] في مناطق كثيرة من العالم الإسلامي، بينما كانت الغالبية العظمى من القيادة متمركزة في منطقة باكستان وأفغانستان لسنوات بعد 11 أيلول/سبتمبر.
"هافينغتون بوست"