هل تقف "كتائب حزب الله" وراء هجوم "سرايا الأشتر" المزعوم على إسرائيل؟
قد تفسّر العلاقة القوية بين الإرهابيين البحرينيين المنفيين و"كتائب حزب الله" في العراق الحادث الغريب الذي ادّعت فيه "سرايا الأشتر" بأنها شنت هجوم على إسرائيل.
في 2 أيار/مايو، ادّعت الجماعة الإرهابية البحرينية "سرايا الأشتر" المدعومة من إيران، والمصنفة على قائمة الولايات المتحدة للإرهاب، أنها شنت هجوماً بطائرة بدون طيار قبل أيام على شركة "تراكنت" (Trucknet) الإسرائيلية، ومقرها في إيلات. وهددت الجماعة بتنفيذ المزيد من الهجمات طالما استمر التوغل الإسرائيلي داخل غزة (الشكل 1).
وتم نشر مقطع فيديو لعملية إطلاق الطائرة بدون طيار في 27 نيسان/إبريل على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة المرتبطة بالميليشيات البحرينية، ومن بينها "حركة الأبدال". وتُظهر اللقطات عدداً من التفاصيل المثيرة للاهتمام:
- طائرة بدون طيار من نوع "صماد" (KAS-04) ذات ذيل على شكل حرف V يتم إطلاقها عند الغسق، مع مظهر خارجي مرقش باللونين الرمادي والأبيض (الشكل 2). وقد شوهد هذا النوع من الطائرات الإيرانية بدون طيار بنسبة أقل في العراق وسوريا، ولكن تم ربطه سابقاً بهجمات شنتها جماعة المقاومة العراقية "كتائب حزب الله".
- علم "سرايا الأشتر" المغروس بالقرب من موقع الإطلاق.
- ملصق يظهر أربعة أعضاء من "سرايا الأشتر"، موضوع على علبة أجهزة إلكترونية وعلى أجنحة الطائرة بدون طيار وأنفها (الشكل 3). وكان فريق الإطلاق يرتدي أيضاً قمصاناً أنيقة تحمل الصور المركبة ذاتها للرجال الأربعة، وهي بالتأكيد خلية الإطلاق التابعة للإرهابيين الأكثر تجهيزاً باللوازم التي شوهدت حتى الآن. أما الرجال الأربعة فهم رضا الرضا الغسرة، ومحمود يوسف، ومصطفى يوسف، وأحمد الملالي، وجميعهم شاركوا في عملية هروب سابقة من سجن "جو" بالقرب من المنامة. وقُتل الثلاثة الأوائل برصاص قوات الأمن البحرينية أثناء محاولتهم الفرار إلى إيران على متن قارب في شباط/فبراير 2017. وتم اعتقال الرابع وإعدامه في تموز/يوليو 2019.
هجوم عراقي محتمل مخصص للجماعة البحرينية
نظراً للتضاريس المفتوحة وتسلسل الإطلاق البطيء، فمن المستحيل أن يكون قد تم إطلاق هذه الطائرة المسيّرة من البحرين، وهي جزيرة صغيرة يصعب على إيران و"سرايا الأشتر" تهريب إليها حتى الأسلحة الخفيفة. أما السيناريو الأكثر ترجيحاً فهو قيام الميليشيات العراقية بتسهيل أو حتى تنفيذ عملية الإطلاق مع تخصيصها لـ "سرايا الأشتر"، في محاولة للمحافظة على سمة الجماعة الآخذة في التراجع.
وفي وقت سابق من هذا العام، بذلت "كتائب حزب الله" جهداً آخر لإحياء سمتها من خلال تعليقات حول مستقبل "المقاومة" في البحرين. ففي 9 كانون الثاني/يناير، أجرت "قناة الميادين" مقابلة مع المتحدث العسكري باسم "كتائب حزب الله" جعفر الحسيني، الذي فرضت الحكومة الأمريكية عقوبات عليه في عام 2023 بتهمة "التنسيق مع مقاتلي «كتائب حزب الله» الذين يخططون لشن هجمات ضد القادة العسكريين الأمريكيين في العراق". وأعلن: "لدينا أيضاً مقاومة في البحرين والحجاز [المملكة العربية السعودية]. وإن كان حضورهما غير واضح الآن، إلا أن معالمه ستتضح أكثر فأكثر خلال السنوات القادمة والمواجهات القادمة". وحتى الآن، تفترض هذه "الرؤية" التظاهر بأن الجماعات البحرينية لا تزال قادرة على القيام بمساهمات فعلية في "محور المقاومة".
ويجمع "كتائب حزب الله" و"سرايا الأشتر" رابط طويل الأمد. ففي آذار/مارس وآب/أغسطس 2015، أعلن كبار مسؤولي الأمن البحرينيين أن "كتائب حزب الله" قدمت تدريباً على الأجهزة الخارقة للدروع المُشكلة انفجارياً في معسكر في العراق و"قدمت الدعم اللوجستي والمالي" لـ "سرايا الأشتر". وفي آذار/مارس 2017، ربطت الأجهزة الأمنية البحرينية الانفجار المميت الذي وقع في 3 آذار/مارس 2014 في المنامة وأدى إلى مقتل ثلاثة من رجال الشرطة (بمن فيهم مستشار إماراتي) بخلية تابعة لـ "سرايا الأشتر" كانت "كتائب حزب الله" قد قامت بتدريبها وتجهيزها في القواعد العراقية. وفي 17 آذار/مارس 2017، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على "سرايا الأشتر" وعدداً من قادتها باعتبارهم "إرهابيين عالميين مصنفين تصنيفاً خاصاً" (غالباً ما يتم إدراج الجماعة تحت مسمى "كتائب الأشتر" في المصطلحات الأمريكية). وفي 12 آذار/مارس 2024، أضافت واشنطن أربعة أعضاء جدد من "سرايا الأشتر" إلى قائمة "المواطنين المصنفين بشكل خاص على قائمة الإرهاب"، ومن المحتمل أن هذه الخطوة كانت أحد الدوافع وراء تبني الجماعة البحرينية هجوم 27 نيسان/إبريل.
هجوم على الخدمات اللوجستية في منطقة الخليج والبحر الأبيض المتوسط
كان الهدف من عملية الإطلاق المزعومة للطائرة المسيرة في 27 نيسان/إبريل جديراً بالملاحظة أيضاً. فالشركة الإسرائيلية "تراكنت" مرتبطة بـ "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا" (IMEC)، وهو طريق تجاري مقترح يربط موانئ "مجلس التعاون الخليجي" بمنطقة البحر الأبيض المتوسط عبر الأردن وإسرائيل. وهذا من شأنه أن يجعل "الممر الاقتصادي" منافساً مباشراً لمشروع "طريق التنمية"، الذي يُفترض أن يرسل التجارة من إيران والعراق عبر تركيا وسوريا ومن ثم إلى أوروبا والبحر الأبيض المتوسط انطلاقاً من هناك. ويبدو أن الجماعات الإرهابية العراقية مثل "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"منظمة بدر" التي لم يتم تصنيفها بعد على قائئمة الإرهاب، ملتزمة إلى حد كبير بـ "طريق التنمية"، ومن المتوقع أن تكون هذه الجماعات هي المستفيدة الرئيسية من فوائده التجارية المحلية.
في الأول من نيسان/إبريل، ادعى مسؤول المكتب الأمني في "كتائب حزب الله"، أبو علي العسكري، أن جماعته "أعدت عدتها لتجهيز المقاومة الإسلامية في الأردن" وستسعى إلى "قطع الطريق الذي يصل إلى الكيان الصهيوني" كخطوة أولى في هذا الجهد. وما لم يتم ضبط جماعات المقاومة العراقية هذه، فمن المرجح أن تستخدم طائرات بدون طيار ووسائل أخرى لعرقلة "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا" وغيره من المشاريع الاقتصادية التي ليس لديها مصلحة فيها. وكما آظهرت الهجمات المتكررة بالطائرات بدون طيار والصواريخ على البنية التحتية التجارية للغاز في "كردستان العراق"، أثبتت مسبقاً هذه الجماعات المدعومة من إيران قدرتها على وقف التقدم المرتبط بالبنية التحتية الرئيسية إذا أرادت ذلك.