- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
هل يزور جونسون السعودية لتأمين كميات أكبر من النفط؟
تعكس الزيارة المتوقعة لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى السعودية مدى إلحاح الأزمة والفتور بين الرياض والبيت الأبيض.
تُعتبر زيادة السعودية لكميات النفط التي تنتجها خطوة ضرورية لاستبدال الصادرات الروسية الخاضعة لعقوبات واسعة النطاق، ولكن الرياض لم تبادر بذلك بعد على الرغم من ازدياد الضرورة القصوى التي تفرضها الحرب. وتحدثت تقارير إخبارية الأسبوع الماضي عن انقطاع واضح للتواصل السعودي مع الرئيس بايدن، الذي يريد من المملكة أن تتراجع عن اتفاقية الحدّ من الإنتاج التي وقعتها مع روسيا، زميلتها في منظمة "أوبك بلس".
وهذا ما دفع ببوريس جونسون إلى التدخل. فحتى تاريخ كتابة هذه السطور، كانت الحكومة البريطانية تتحدث عن إجراء محادثات مع السعودية بشكل عام فقط، لكن احتمال زيارة رئيس الوزراء البريطاني للرياض في وقت لاحق من هذا الأسبوع يبدو شبه مؤكد. ووفقاً لبعض التقارير تربط علاقة جيدة لجونسون مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، حيث يُقال أنهما يتراسلان بانتظام عبر تطبيق "واتساب".
وفي الرابع عشر من آذار/مارس، صرّح وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد، الذي ينقل في كثير من الأحيان وجهات نظر جونسون: "من المهم أن نقرّ، سواء أعجبنا ذلك أم لا، أن السعودية هي إحدى أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، وفي ظل أزمة طاقة عالمية كبيرة نتجت عن الحرب الدائرة في أوروبا...من الصواب أن يتواصل رئيس الوزراء وغيره من قادة العالم مع السعودية". وتشير عبارة "سواء أعجبنا ذلك أم لا" إلى بواعث قلق بشأن حقوق الإنسان في المملكة، لا سيما مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي في عام 2018.
ومن المحتمل أن تتفاقم هذه المخاوف بسبب قرار الرياض الصادر في 12 آذار/مارس بإعدام 81 سجيناً، وهو رقم قياسي لأحكام الإعدام في يوم واحد. ولا تزال التفاصيل المتعلقة بالسجناء - الذين ربما قُطعت رؤوسهم بالسيف - ضئيلة، ولكن يبدو أن معظمهم اتُهموا إما بالإرهاب (غالباً ما يكون رمزاً للجرائم من قبل المعارضين الشيعة للعائلة المالكة السنية) أو "باعتناق فكر ضال" (أي المتطرفين السنة). واتهمهم بيان رسمي بارتكاب "جرائم شنيعة متعددة أودت بحياة عدد كبير من المدنيين وضباط إنفاذ القانون". كما ركّز الإعلان على أنه تمّ اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة في كل قضية، رغم أن توقيت صدور الحكم وعدد المحكومين يشيران إلى أن الرياض أرادت توجيه رسالة سياسية أيضاً.
وإحدى التداعيات المباشرة لعمليات الإعدام هي إلغاء جولة أخرى من المحادثات الدبلوماسية الإيرانية الحذرة مع الرياض، والتي كان من المتوقع إجراؤها في وقت لاحق من هذا الشهر. ويُفترض أن طهران لاحظت أن أكثر من نصف المحكومين بالإعدام هم من الشيعة، على الرغم من أن هذه الطائفة تشكّل جزءاً صغيراً نسبياً من إجمالي عدد سكان المملكة (حوالي 15 بالمائة).
وربما تنبع قدرة لندن على الانخراط مع الرياض من العلاقة الدفاعية الطويلة الأمد التي تجمع البلدين وتشمل عمليات بيع الطائرات المقاتلة من نوع "تايفون" وتسليحها وصيانتها، وهي الطائرات التي استخدمها السعوديون في الصراع مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.
وفي الوقت نفسه، لا تزال العديد من علامات الاستفهام تحيط بجونسون وقد تؤثر على قرار قيامه بهذه الزيارة. فثمة تحقيق تجريه الشرطة حول دوره في انتهاك الحظر المفروض أثناء تفشي جائحة فيروس كورونا إثر استضافته حفلات قُدم خلالها النبيذ وأنواع من الجبنة في مكاتبه وحديقته في "داونينغ ستريت". بالإضافة إلى ذلك، نشرت صحيفة "صنداي تايمز" للتو مقالة تحقيقية طويلة حول علاقاته بابن أوليغارشي روسي وضابط سابق في الاستخبارات السوفيتية قام بتعيينه في مجلس اللوردات عام 2020. كما استذكرت وسائل الإعلام البريطانية كيف سخر جونسون خلال اجتماعين خاصين العام الماضي من أنه خلال عهد وزير الداخلية المتشدد في حكومته، المسؤول عن السجون، يمكن أن تصبح بريطانيا "أشبه بالسعودية من حيث السياسة الجزائية".
ولا يزال هناك احتمال قيام الرئيس بايدن بجولة في الشرق الأوسط في الأشهر القليلة المقبلة، تشمل السعودية. لكن في غضون ذلك، من المرجح أن تعكس زيارة جونسون مدى إلحاح الأزمة الأوكرانية وضرورة الاستفادة من الميزة الدبلوماسية لأي فرصة متاحة لحلها.
سايمون هندرسون هو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن. ونُشر هذا المقال تحت رعاية "برنامج مؤسسة دايين وغيلفورد غليزر" التابع للمعهد حول "منافسة القوى العظمى والشرق الأوسط".