حملة التجنيد المزيفة لـ «كتائب سيد الشهداء»
ربما تكون جماعة «كتائب سيد الشهداء» قد بالغت في أعداد المجندين، لكن ذلك يشير إلى محاولات "المقاومة" اليائسة لكي تظهر بمظهر القوة وتستعيد نفوذها من خلال التهديد بزعزعة استقرار العراق في أوائل عام 2022.
بين 19 و25 تشرين الثاني/نوفمبر، زعمت "كتائب سيد الشهداء" أن 49 ألف متطوع انضموا إلى صفوفها خلال حملة التجنيد الجديدة التي أطلقتها استعداداً لمعركة كبرى مع القوات الأمريكية في العراق (الشكل 1).
وتم الإعلان عن حملة التجنيد من قبل أمين عام «كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي، في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، في تغريدة له على "تويتر" حيث قال: "مع اقتراب ساعة الحسم والمنازلة الكبرى، تعلن المقاومة الإسلامية «كتائب سيد الشهداء» عن فتح باب الانتماء والتطوع لصفوفها وتدعو أبناء شعبنا العراقي المقاوم وفصائل المقاومة لرفع مستوى الجهوزية تحضيراً للمواجهة الحاسمة والتاريخية مع الاحتلال الأمريكي في 31/ 12/ 2021 بعد الساعة 12 ليلاً" (الشكل 2).
تجدر الملاحظة أن التاريخ الذي ذكره هو موعد انسحاب القوات القتالية الأمريكية من العراق بموجب اتفاق بين الحكومتين العراقية والأمريكية تمّ التوصل إليه في تموز/يوليو 2021 بعد بضعة جولات من الحوار الاستراتيجي بين البلدين.
وقبل ساعات قليلة من نشر الولائي لتغريدته، أصدرت "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية" بياناً ركزت فيه على مهاجمة القوات الأمريكية بعد 31 كانون الأول/ديسمبر 2021. ويوضح البيان أن تهديدها جاء رداً على طلب مقتدى الصدر بحل الفصائل حيث قالت: "نؤكد أن سلاح المقاومة الذي كثر الكلام عنه في الأيام الماضية، وعكف البعض [مقتدى الصدر] مصراً على زجّه في المناكفات السياسية الأخيرة، سيكون حاضراً لتقطيع أوصال الاحتلال ما أن تحين اللحظة وتنتهي المهلة بعد الساعة 12 من مساء 31 ديسمبر المقبل" (الشكل 3).
وقبل يوم واحد فقط من نشر هذا البيان، توجه مقتدى الصدر في خطاب على شاشة التلفزيون إلى ميليشيات المقاومة قائلاً: "في حال أردتم الاشتراك بتشكيل الحكومة، فعليكم بما يلي...حل الفصائل المسلحة أجمع...وتسليم سلاحها كمرحلة أولى إلى الحشد الشعبي...".
إن بيان "تنسيقية المقاومة" هو إشارة إلى أن قرار إعلان عملية تصعيد كبرى لا يقتصر على «كتائب سيد الشهداء»، حيث أن الجماعات المنضوية تحت راية "تنسيقية المقاومة" التي تضم "كتائب حزب الله" و"حركة حزب الله النجباء" هي جزء من هذه الخطة. كما أن مراقبة أنشطة المنافذ الإعلامية التابعة لهذه الميليشيات تؤكد أن هذا القرار كان جماعياً. فـ"عصائب أهل الحق" التي تشارك في "تنسيقية المقاومة" بين الحين والآخر هي بدورها من أطراف هذا القرار. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر، صرّح عضو المكتب السیاسي لـ «عصائب أهل الحق» سعد الساعدي للخلية الإعلامية "الهدف" التابعة لـ «كتائب حزب الله» قائلاً: "إن لم يتمّ التقيّد بالاستنتاجات التي خلص إليها الحوار [الاستراتيجي الأمريكي العراقي]، ستتعاطى فصائل "التنسيقية" مع المصالح الأمريكية [كمصالح] خاصة بقوة محتلة (الشكل 4)"
وما هو واضح أن حملة التجنيد التي تقوم بها «كتائب سيد الشهداء» تضمنت قدراً كبيراً من التزييف. فعلى سبيل المثال، نشرت الجماعة ستة أرقام هواتف محمولة لكي يتمكن الرجال الذين يرغبون في التطوع الاتصال بالميليشيا والانضمام إليها (الشكل 5).
ثم نشرت «كتائب سيد الشهداء» مقطع فيديو زعمت أنه لأعضاء في "قسم المتطوعين" وهم يتلقون مكالمات من أولئك الذين يرغبون في الانضمام (الشكل 6).
من جهته، قال المتحدث باسم «كتائب سيد الشهداء» كاظم الفرطوسي، لقناة "يو تي في" العراقية في 21 تشرين الثاني/نوفمبر إن ميليشياته تمكنت من تجنيد 23 ألف مقاتل. وجاء ذلك بعد يومين فقط على الإعلان عن حملة التجنيد. ومن المستحيل أن تتمكن ستة خطوط هاتفية تعمل على مدار الساعة وبمعدل نجاح 100٪ من تسجيل أكثر من 3500 متطوع جديد. ومن الواضح أيضاً أن تسجيل49,000 متطوع جديد قد يتطلب 28 يوماً على الأقل من العمل المستمر، وليس ستة أيام بين 19 و25 تشرين الثاني/نوفمبر.
كما أن «كتائب سيد الشهداء» لم تقدّم عرضاً حقيقياً للعمل، مع الموارد المناسبة. فمن خلال رصد وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ "المقاومة"، تبيّن أن العديد من الشبان الذين حاولوا الانضمام إلى خطة التجنيد الخاصة بـ «كتائب سيد الشهداء»، لم ينجحوا في الاتصال بالأرقام المنشورة. وتساءل الكثيرون عما إذا كانت الحملة تشكل فرصة عمل، وقد أوضح الرد من الأفراد التابعين لـ «كتائب سيد الشهداء» أن المقبولين سيتم اعتبارهم متطوعين ولن يتقاضوا أي راتب.