- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
حرب رياضة الجولف في شبه الجزيرة العربية
Also published in "وول ستريت جورنال"
تُعتبر الإمارات الوجهة الرائدة لرياضة الجولف في المنطقة، لكن السعودية تزداد قوة.
في وقت مبكر من هذا العام، انتهى ما يسمى بالشقاق الخليجي بين قطر ودول أخرى من أعضاء «مجلس التعاون الخليجي»، لكن الأنظمة الملكية في دول «المجلس» تتنافس بقدر ما تتعاون. وبالنسبة للدولتين الأكثر اكتظاظاً بالسكان من بينها، أي السعودية والإمارات، تتجلى هذه المنافسة في رياضة الجولف.
ولطالما كانت دولة الإمارات الوجهة المقصودة الرائدة في الشرق الأوسط لرياضة الجولف، لكن السعودية تحرز تقدماً ملحوظاً في هذا الميدان. وعلى الرغم من قلة العرب الذي يمارسون هذه الرياضة، إلا أنه وفقاً لـ "غولف دايجست"، تضم الإمارات 21 ملعباً، بما فيها ثمانية من أفضل عشرة ملاعب في المنطقة. وستستضيف البطولة الأوروبية هذا العام - التي أعيدت تسميتها "بطولة دي بي ورلد" ("بطولة موانئ دبي العالمية" للجولف) وتجري برعاية "موانئ دبي العالمية" - أربعة أحداث احترافية للرجال في الإمارات.
من ناحية أخرى، وفي إطار مشروع «الرؤية 2030» الطموحة الذي وضعته السعودية لتنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري واستحداث وظائف، أعلنت الرياض عن نيتها بأن تصبح وجهة مقصودة في المنطقة لرياضة الجولف. وتضمّ المبادرة - بقيادة ياسر الرميان، محافظ "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي الذي تبلغ أصوله نحو 500 مليار دولار ورئيس مجلس إدارة "الاتحاد السعودي للجولف" - تصوّراً لزيادة الملاعب الموجودة في المملكة بأكثر من الضعف من 6 إلى 13 خلال العقد المقبل، بما فيها ملاعب من تصميم جاك نيكولاس ونيك فالدو.
وفي الفترة بين 3 و6 شباط/فبراير، ستستضيف الرياض "البطولة السعودية الدولية للجولف"، وهي بطولة آسيوية جديدة من المزمع أن تجمع 25 اسماً بارزاً من لاعبي "رابطة لاعبي الجولف المحترفين"، بمن فيهم داستن جونسون وبرايسون ديشامبو وفيل ميكيلسون، الذين أغرتهم الجوائز التي تصل قيمتها إلى 5 ملايين دولار، فضلاً عن أجور كبيرة سيتقاضونها على خلفية مشاركتهم. وسيشكل هذا الحدث منافسة للبطولة الأوروبية الجديدة التي تنظمها الإمارات، "بطولة رأس الخيمة"، التي تقدّم جوائز مالية بقيمة مليوني دولار.
وبحضور أربعة من أبرز عشرة لاعبين، ستكون البطولة السعودية حدثاً تلفزيونياً مرتقباً لعشاق الجولف. ولا يقتصر الأمر على ذلك، فقد استثمر السعوديون مؤخراً 200 مليون دولار في البطولة الآسيوية ووقعوا شراكة لمدة 10 سنوات مع البطولة الآسيوية بهدف تحدي الإمارات وفرض هيمنة بطولة "رابطة لاعبي الجولف المحترفين". وستواصل أحداث البطولة السعودية المربحة جذب أبرز المواهب - والمزيد من الهواة الدوليين - على حساب الإمارات على الأرجح.
وتنضم مقاربة الرياض إزاء رياضة الجولف إلى أحد أهداف المملكة الأخرى وهو انتزاع مقرات الشركات من الإمارات. ففي شباط/فبراير من هذا العام، أعلنت المملكة أنها ستحدّ من أعمالها مع الشركات المتعددة الجنسيات التي لم تنقل مكاتبها الإقليمية إلى الرياض بحلول عام 2024. ويستهدف هذا القرار النهائي دبي، التي تُعتبر القاعدة المفضلة للمغتربين في المنطقة.
ومن المرجح أن تشتد المنافسة الاقتصادية السعودية - الإماراتية. ففي حين تتصدر أبوظبي المنافسة بفارق كبير، تبدو الرياض على استعداد لتغيير موازين اللعبة.
وبينما يوجه النقاد ضربة إلى الجهود السعودية باعتبار أنها تسعى عبر دخول عالم الجولف إلى "تحسين سمعتها من خلال الرياضة"، لا تملك أي من أبوظبي أو الرياض حق التفاخر عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان. وعلى أي حال، يُعتبر تنويع اقتصادات دول الخليج القائمة على النفط نتيجة مستحبة. فالمنافسة الناشئة في مجال الجولف بين السعودية والإمارات تصبح أمراً طبيعياً. وإذا لم يتسع التنافس ويتسبب في ارتفاع أسعار النفط، على المتفرجين وصناع السياسة في واشنطن عدم التدخل والاستمتاع بمشاهدة المباراة.
ديفيد شينكر هو زميل أقدم في معهد واشنطن. وشغل منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى في الفترة 2019-2021.