"حركة بابليون" تستحوذ على المقاعد الأربعة المخصصة للأقلية المسيحية
نجح ريان الكلداني، أحد منتهكي حقوق الإنسان المدرجين على قائمة العقوبات الأمريكية، الذي شكّل "حركة بابليون"، في الإفلات من مساءلة الناخبين المسيحيين من خلال اعتماده على ناخبي الميليشيا خارج المناطق المسيحية
شهدت انتخابات مجالس المحافظات التي أُجريت في العراق في 18 كانون الأول/ديسمبر 2023 فوزاً كاسحاً بجميع المقاعد الأربعة المخصصة للمسيحيين حققه ريان الكلداني، المُدرج على قائمة العقوبات الأمريكية لانتهاكه حقوق الإنسان، و "حركة بابليون" التي يترأسها، وهي فرع من "كتائب بابليون" التي تشكّل "اللواء 50" في "قوات الحشد الشعبي" العراقية.
وعادة ما تُخصَّص المقاعد الأربعة لمسيحيي العراق الذين يحصلون على مقعد واحد في كل محافظة من محافظات البصرة وبغداد وكركوك ونينوى. وفي حين أن الهدف من هذه المقاعد هو ضمان تمثيل الطائفة المسيحية في كل مجلس من مجالس المحافظات المذكورة، فإن قانون الانتخابات العراقي يخوّل أي شخص من المسيحيين وغير المسيحيين التصويت لمرشحي هذه المقاعد، الأمر الذي أدى إلى استحواذ أحزاب تابعة لإيران على المقاعد المخصصة للمسيحيين من خلال حشد أصوات عربية شيعية بمعظمها لصالح "حركة بابليون".
وخاضت "حركة بابليون" الانتخابات وهي تتطلع إلى الفوز بمقاعد في مجالس المحافظات للمرة الأولى، بما يتطابق مع نجاحها في الانتخابات النيابية العراقية في الدورتين السابقتين. وعلى الرغم من دعوات الأحزاب المستقلة والنشطاء وتحذيراتهم بشأن قيام "حركة بابليون" بشراء الأصوات، والاستحواذ على المقاعد المخصصة للمسيحيين وفوز "الحركة" الوشيك من خلال أصوات غير المسيحيين، مما يقوض الهدف من هذه المقاعد، إلّا أن الحكومة العراقية لم تتخذ أي إجراءات استباقية في هذا الشأن. وعلى وجه التحديد، في الفترة التي سبقت الانتخابات، حذّر العديد من الناشطين المدنيين المسيحيين من أن "حركة بابليون" تخطط "لاكتساح" جميع المقاعد الأربعة. وأشار آخرون إلى أن "الحركة" قد تتحاشى الفوز بالمقاعد الأربعة بالكامل، إذ قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف داخل الطائفة المسيحية.
وفي النهاية، نجح الكلداني و"حركة بابليون" في تحقيق "فوز كاسح" ولو أن ذلك جاء متأخراً. فقد فازت "الحركة" بالمقاعد كافة المخصصة للمسيحيين في كل من بغداد ونينوى وكركوك. أما في البصرة، فقد فاز في البداية المرشح المستقل المدعوم من الكنيسة، فاهرام هايك. وبعد يوم من إعلان النتائج الأولية، تم على وجه السرعة رفع دعوى قانونية بحجة أن المرشح مرتبط بحزب "البعث" المحظور، وبالتالي تم استبعاده عن منصبه بموجب قوانين اجتثاث "البعث" في العراق. ونتيجة لذلك انتقل المقعد إلى المرشح المدعوم من "حركة بابليون"، نائل غانم ساكو، وبذلك استولت "الحركة" على كامل المقاعد المخصصة للمسيحيين في مجالس المحافظات في العراق.
ويستمر ريان الكلداني و"كتائب بابليون" و "حركة بابليون" في كسب المزيد من القوة والثقة. فقد تفادوا حنق المسيحيين على ميليشياتهم بفضل استخدامهم للهيكلية الفدرالية العراقية لـ"الحشد الشعبي" والنظام القضائي الفاسد. وغني عن القول أن الاكتشاف المفاجئ للخلفية البعثية المزعومة للمرشح الفائز، واستخدامها لاستبعاده لصالح مرشح مدعوم من الميليشيا، هو مثال واضح على الفساد الانتخابي والقضائي الذي يتطلب من الكونغرس الأمريكي والهيئات الأمريكية المعنية بحرية المعتقد والديمقراطية ومكافحة الفساد أن تفتح تحقيقاً فيه.