حسين مؤنس يثير كلمات غاضبة بين «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق»
يقود العضو البارز في «كتائب حزب الله» حسين مؤنس حركة سياسية جديدة تتنافس مع فصائل الميليشيات الأخرى المدعومة من إيران على الأصوات في الانتخابات المقبلة.
في 11 أيلول/سبتمبر، أجرى رئيس "حركة حقوق" العراقية التابعة لـ"كتائب حزب الله"، حسين مؤنس، مقابلة مع قناة "الميادين" التلفزيونية اللبنانية، استعرض خلالها قائمة طويلة من المشاكل التي عصفت بالعراق في السنوات الأخيرة (الشكل 1). وعندما سُئل عن الجهة المسؤولة عن هذه المشاكل أجاب: "النظام السياسي والكتل السياسية، كل بحسب مشاركته [في العملية السياسية]". وبالنظر إلى أن أحد الجهات الفاعلة الرئيسية في المشهد السياسي العراقي هو "ائتلاف الفتح" - الكتلة التي تهيمن عليها الفصائل المدعومة من إيران مثل «منظمة بدر» و«عصائب أهل الحق» - فقد كان مؤنس يوجّه انتقاداته بشكل أساسي إلى جماعات "المقاومة"الزميلة.
وحتى هذه الكلمات الفظة كانت نسخة مخففة من الانتقادات التي كان يوجهها إلى أحزاب سياسية أخرى في "المقاومة" منذ أن أسس حركته الخاصة. ففي أول ظهور تلفزيوني له كرئيس لـ "حركة حقوق" في أواخر شهر تموز/يوليو، صوّر نفسه وحركته كبديل لأحزاب "المقاومة" الأخرى، وصرّح لقناة "آي نيوز" التابعة لـ «كتائب سيد الشهداء» أن "هناك فراغ سياسي كبير وخيبة أمل إزاء شعبنا...لقد أسست هذه الحركة لمعالجة جزء من هذا السخط" (الشكل 2).
بل أن لهجته كانت أقوى بعد في خطاب ألقاه عند إطلاق الحملة الانتخابية لـ "حركة حقوق" في 4 آب/أغسطس، حين وجّه انتقادات لاذعة لجميع الأحزاب السياسية التي شاركت في مجلس النواب والحكومة العراقية قائلاً: "الفساد هو ميدان وحدة وطنية ... شاركت فيه كل الجماعات ذات الهويات الدينية والعنصرية والعرقية المختلفة... كل [الجماعات السياسية] شاركت في الفساد...وقد حان وقت التغيير... حان الوقت لمجموعة من خارج هذه اللعبة لأن تتقدم إلى إدارة البلاد، [مجموعة] خارج هذه التحالفات التي تساوم وساومت في أكثر من محطة على الحقوق وعلى القرار الوطني وعلى الكرامة والسيادة" (الشكل 3). .
رد فعل عنيف من عناصر "المقاومة" الأخرى
ولم تلقَ هذه السردية ترحيباً من جماعات "المقاومة" الأخرى. فبعد يومين من خطاب 4 آب/أغسطس، انتقد المتحدث العسكري باسم «عصائب أهل الحق»، جواد الطليباوي، قائد «كتائب حزب الله» ورئيس أركان «قوات الحشد الشعبي»، عبد العزيز المحمداوي الملقب بـ"أبو فدك" - في خطوة نادرة وردّ غير مباشر على خطاب مؤنس والصفقات السياسية التي أبرمتها منظمته الأم «كتائب حزب الله». وفي تغريدة على موقع "تويتر"، انتقد الطليباوي أبو فدك وشكك في نزاهته لتعيينه نجل وزير الدفاع، جمعة عناد، قائداً لوحدة سنية في «الحشد الشعبي» قائلاً: "إن تسلمك لمنصب رئيس أركان الحشد وأن تكون بديل للشهيد القائد أبو مهدي المهندس يحملك مسؤولية أكبر في اتخاذ القرارات الصحيحة والابتعاد عن المجاملات، لأن المجاملات ستكون حينئد على حساب دماء الشهداء، والأتعس من ذلك إذا كانت لحساب أعداء الحشد. أقولها لك بكل صراحة إن قرارك بتعيين إبن من اتَهم الحشد المقدس بأن دوره كان ثانوياً في تحرير العراق من داعش ...، هو قرار يمكن أن يصدر من سياسي يجامل الفاسدين على حساب مصالح الشعب" (الشكل 4).
وكان الطليباوي يشير إلى حقيقة أنه عندما حاصرت «قوات الحشد الشعبي» المنطقة الدولية في بغداد بعد اعتقال القائد قاسم مصلح في 26 أيار/مايو، انتقد عناد الميليشيات وقلل من دورها في هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية». وأثار ذلك غضب "المقاومة" وجعل عناد عدوهم الجديد. وكانت تعليقات الطليباوي جديرة بالملاحظة لأنها أُلقيت علناً وليس من خلال القنوات الداخلية لـ "المقاومة"، مما يعكس تنافساً سياسياً حاداً قبل الانتخابات.
«كتائب حزب الله» تحاول رأب الصدع
بعد ذلك، شعرت «كتائب حزب الله» بأنها ملزمة برأب الصدع. وفي بيان نُشر على موقعها الإلكتروني في 8 آب/أغسطس وانتشر على نطاق واسع على وسائل الإعلام التابعة للمقاومة، دعت جميع المرشحين السياسيين إلى "الترويج لخططهم بحسب قناعاتهم، من دون التجاوز على الآخرين، ولا سيما على من لهم حق علينا، ونعتقد أن حفظهم واجب شرعي وأخلاقي" (الشكل 5).
ومنذ ذلك الحين، خفف مؤنس من حدة لهجته، ولكن استراتيجيته لا تزال تركز على تمييز حركته عن جماعات "المقاومة" الأخرى وتصويرها على أنها بديل واضح لكسب أصوات مؤيدي "المقاومة".
ويعتقد الكثير من الخبراء أن مؤنس هو في الواقع أبو علي العسكري، المتحدث الأمني الشهير لـ «كتائب حزب الله». ولطالما أنكر مؤنس هذه العلاقة، ربما فقط لفصل هويته العسكرية عن علامته السياسية - في مقاربة مفهومة بالنظر إلى نوع البيانات التي نُسبت إلى العسكري (على سبيل المثال، في كانون الأول/ديسمبر 2020، هدد بقطع آذان رئيس الوزراء الكاظمي "كما تُقطع آذان الماعز"، انظر الشكل 6). ويحاول الآن أن يظهر كسياسي ترك الميليشيا التي كان تابعاً لها، ولكن الأدلة كافة تشير إلى أنه لا يزال عضواً بارزاً في «كتائب حزب الله»، وهي جماعة صنفتها الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب.