"كتائب حزب الله" تكشف عن خطط لشن هجمات إقليمية واسعة النطاق
يستمر جناح أبو حسين التابع لـ "كتائب حزب الله" في محاولته لوضع "مقاومة" أخرى في الظل ويهدد الآن القواعد الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة، ودولة الإمارات والبحرين، وحتى السعودية.
في 9 كانون الثاني/يناير، أجرت قناة "الميادين" مقابلة مع الناطق العسكري باسم "كتائب حزب الله"، جعفر الحسيني، الذي فرضت عليه الحكومة الأمريكية عقوبات في 17 تشرين الثاني/نوفمبر على خلفية "التنسيق مع مقاتلي «كتائب حزب الله» في معرض تخطيطهم لشن هجمات ضد القادة العسكريين الأمريكيين في العراق". وتضطلع هذه المقابلة بالأهمية لأنها تُظهر أن "كتائب حزب الله" تحاول البروز والتفوق على الجهات الفاعلة الأخرى في "المقاومة" من خلال توجيهها تهديدات عدوانية للغاية ضد الولايات المتحدة ودول الخليج العربية. ويرد في ما يلي ما قاله الحسيني حرفياً في المقابلة.
قدرات أسلحة "المقاومة" العراقية
"إن إمكانات المقاومة العراقية باتت أكثر عدةً وعدداً. وقد استخدمنا تلك الإمكانات في سوريا والعراق لاستهداف قواعد أمريكية بطائرات مسيّرة وصواريخ ذكية قصيرة المدى. وفي مراحل متقدمة، زجّت المقاومة بطائرات مسيّرة بعيدة المدى وصلت إلى داخل الأراضي المحتلة ودكّت أهدافاً حيوية في إيلات [في إسرائيل] والبحر الميت وحتى البحر الأبيض المتوسط. وهناك أسلحة أخرى من غير الصحيح الحديث عنها في وسائل الإعلام. كما استخدمت المقاومة الإسلامية في العراق للمرة الأولى الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، ودكّت قواعد أمريكية منها «عين الأسد» وغيرها. و«عين الأسد» هي واحدة من القواعد التي تم استهدافها من قِبل «المقاومة الإسلامية في العراق» بصواريخ باليستية قصيرة المدى [أي "الأقصى-1"]. وبالتالي، هذه العمليات تتصاعد، وهذه التكتيكات أيضاً تتصاعد. فاستخدام هذا النوع من الأسلحة والصواريخ كان في هذه المرحلة محدداً بمرحلةٍ ما وبقواعد معينة، وبأهداف معينة أيضاً. لكن فيما بعد، دخلت المقاومة في مرحلة جديدة، وصعّدت باستخدام صواريخ "كروز" مطورة" [في إشارة ربما إلى صواريخ "الأرقب" التي استُخدمت ضد إسرائيل في 7 كانون الثاني/يناير 2024).
"المقاومة" العراقية قادرة على ضرب أهداف أمريكية خارج العراق
"كل القواعد الأمريكية هي هدف للمقاومة الإسلامية. فنتحدث عن التواجد الأمريكي في كامل غرب آسيا. والمقاومة قادرة على الوصول إلى أي نقطة يتواجد فيها الأمريكيون في غرب آسيا".
تهديدات لدولة الإمارات
"هناك داعمون للكيان [إسرائيل] من عرب الخليج غير واضحين في مواقفهم الآن، وتحديداً الإمارات. فالإمارات لها دور خبيث في هذه المرحلة. وقد سمعنا أنها تقوم بفتح ممر عبر السعودية باتجاه الأردن ثم الكيان. وإن مضوا في هذا الأمر، سيكون لنا كلام [أي نهج] مختلف مع الإمارات. ستكون أمام المقاومة خيارات أخرى لمواجهة هذا الشكل من الدعم. بل ستنال هذه البلدان ما تناله من المقاومة في حال أقدمت على ذلك. وفي المقابل، نحن لا نقول إنها لا تؤدي الآن أي دور خبيث في هذه المرحلة بل لديها دور، لكن الأيام القادمة قد تشمل قواعد أمريكية في الخليج أو مناطق أخرى".
بشأن دعم لبنان واليمن
"لا يمكن للعدو [بعد الآن] أن ينفرد بدولة أو كيان أو فصيل أو مجموعة. أما فيما يخص [اجتياح] لبنان، فإن فكّر العدو بهكذا حماقة، قطعاً سيكون العراقيون حاضرين في الميدان اللبناني عدةً وعدداً. وسندافع عن لبنان كتفاً إلى كتف مع الشعب اللبناني حتى آخر رمق. لا يمكن التخلي عن لبنان والمقاومة اللبنانية. وسيكون ملف اليمن مختلفاً تماماً، إذ ستنفتح أمامنا خيارات واحتمالات على مصراعيها في هذه المعركة. سيرى الأمريكيون أياماً قد لا ينسونها عبر التاريخ، وكوابيس تلاحقهم على مدى الدهر. فأمام اليمن، لا حسابات، وتوضع كل الحسابات والاعتبارات جانباً، وتكون جميع الخيارات مفتوحة أمامنا. ستكون المقاومة العراقية حاضرة [إلى جانب] المجموعات الأخرى".
توسيع محور "المقاومة"
"نتحدث عن المقاومة في لبنان واليمن وسوريا والعراق. وهذه البلدان كلها حاضرة وتواجه هذا العدو. ولدينا أيضاً المقاومة البحرينية والحجازية [المملكة العربية السعودية]، وإن كان حضورها غير واضح الآن، لكن ستتضح معالمه أكثر فأكثر خلال السنوات القادمة والمواجهات القادمة. وما نراه هو أنه، خلال السنوات القادمة أو العقد القادم، ستتسع بقعة هذا المحور لتصل إلى شرق آسيا وبعض دول القوقاز. فقوى المقاومة والأحرار يتفقون دائماً ولديهم هدف واحد. ومن الواضح أننا لا نريد أن نبدأ بالمهاجمة لأنه ليست لدينا نوايا عدوانية. ندافع عن المظلومين وعن قضايانا الأساسية، وهذا ما يجمع كل هذه البلدان".
خطط "المقاومة" بعد حرب غزة
"لا توجد أي حسابات واعتبارات غير رفع الحصار الآن عن غزة وتَوَقُّف آلة الحرب والقتل والإجرام الذي يمارَس بحق أهلنا في غزة. ومن ثم، نذهب باتجاه إعادة ترتيب الأوراق. ونحن كمقاومة ماضون لإخراج كامل القوات الأمريكية من العراق وبعض بلدان المنطقة، إن لم تكن المنطقة بشكل كامل. وقد تزامن انطلاق هذه المعركة واستئناف هذه العمليات مع "طوفان الأقصى"، لكنها لن تتوقف مع إيقاف هذه العملية، وستستمر ضد الأمريكيين. وهذا أمر يمكن الحديث عنه ما بعد غزة وليس الآن. فإن خرج الأمريكيون من العراق ثم هاجموا بلداً ما من المحور، هل تكتفي المقاومة العراقية وتقول إنهم [ليسوا هنا]؟ كلا، يجب إخراج كامل القوات الأمريكية من المنطقة حتى تُخَلَّص من شرهم. فالوجود الأمريكي في أي من هذه البلدان هو شر مطلق يمتد إلى بلدان أخرى. وإخراجهم من كامل المنطقة يعيد استقرارها، وهذا ما نريد أن نذهب إليه".
تحليل
تُسلّط هذه المقابلة الضوء على عددٍ من المحاور المهمة في تفكير المقاومة العراقية ولا سيما داخل "كتائب حزب الله":
تتحدث "كتائب حزب الله" باسم المقاومة. سواء من خلال جعفر الحسيني أو الأمين العام لـ"كتائب حزب الله" في العراق، أحمد محسن فرج الحميداوي (المعروف أيضاً بأبو حسين)، تلعب "كتائب حزب الله" دوراً بارزاً جداً في التحدث باسم المقاومة العراقية وباسم جماعتها الشاملة "المقاومة الإسلامية في العراق" خلال أزمة غزة. ولكن لا يبدو أن جناح "أبو حسين" في "كتائب حزب الله" (الذي أُثبت سابقاً انتماء الحسيني إليه) يريد السماح لزعيم "النجباء" أكرم الكعبي بأن يكون الشخصية العامة الرئيسية في المقاومة، وقد سخر علناً من "عصائب أهل الحق".
تشعر "كتائب حزب الله" بالغيرة من "حزب الله" الحقيقي في لبنان واليمن. ربما يعكس جعفر الحسيني في هذا الخطاب، غيرة "كتائب حزب الله" من الحوثيين و"حزب الله" اللبناني، إذ تلعب الجماعتان دوراً بارزاً أكثر من "كتائب حزب الله" في الأزمة الحالية، ويزعم بشكلٍ مثيرٍ للضحك أن الجماعات العراقية قد تتدخل بشكل فعال لمساعدة أيٍ من هاتين الجماعتين الأقوى منها في "محور المقاومة".
تضطلع "كتائب حزب الله" بدور إقليمي. هدد الحسيني صراحة القواعد الأمريكية في مختلف أنحاء المنطقة، والإمارات العربية المتحدة، والاستقرار الداخلي في البحرين، وحتى المملكة العربية السعودية في المستقبل. ويؤكد ذلك الدور الذي تلعبه على الأرجح "كتائب حزب الله" كوكيل إيران الرئيسي الموجه نحو الجنوب في العراق، والذي يضطلع بمسؤولية العمليات في "دول الخليج".
تستعرض "كتائب حزب الله" أسلحتها الخاصة. يلمّح الخطاب أيضاً بشدة إلى أن "كتائب حزب الله" مسؤولة عن عمليات إطلاق صواريخ "كروز" باتجاه إسرائيل من مناطق نفوذها مثل بابل وكربلاء والأنبار، بما في ذلك عملية الإطلاق الفاشلة لصاروخ "كروز" من طراز "قدس" التي حصلت مؤخراً في بابل في 3 كانون الثاني/يناير 2024. علاوةً على ذلك، تتفاخر "كتائب حزب الله" هنا باستخدامها للصاروخ الباليستي قريب المدى من طراز "الأقصى-1". وهذا مؤشر آخر على أنه حتى مسؤولي "كتائب حزب الله" يفتقرون إلى الانضباط الأمني اللازم في العمليات للانخراط فعلاً ضمن جماعات الواجهة، وأنهم يحتاجون بدلاً من ذلك في النهاية إلى تبني الهجمات لأسباب أنانية وضيقة الأفق.