- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
كيف ستنتهي لعبة الرهائن التي تتبعها "حماس"؟
Also published in "إم اس ان بي سي"
يبدو أن الحركة عازمة على استخدام العديد من الأسرى المتبقين لديها لزيادة الضغط الدولي على إسرائيل وإرغامها على تبادل جماعي للأسرى، على الرغم من أنها قد تتردد في اتخاذ خطوات من شأنها أن تضر بصورتها العامة.
بعد مرور شهر واحد على الهجمات التي شنتها حركة "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأسفرت عن مقتل أكثر من 1200 فرد في إسرائيل، تم التعرف على حوالي 240 رهينة. ولا يزال هؤلاء الرجال والنساء والأطفال محتجزين لدى "حماس" وجماعات أخرى في قطاع غزة، من بينها حركة "الجهاد الإسلامي في فلسطين" التي صنفتها الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب. وتجدر الإشارة إلى أن غالبية الأسرى هم من المدنيين ويشملون رعايا من حوالي 40 دولة، من بينهم ما يقدر بنحو 10 أمريكيين. ويبدو أن قرار "حماس" باحتجاز رهائن مدنيين هو متعدد الأوجه، ويتضمن استخدامهم كأدوات للمساومة، وتأخير الغزو البري الإسرائيلي، والتأثير نفسياً على الجماهير المحلية والدولية.
وعلى الرغم من محاولات "حماس" تصوير نفسها كجهة فاعلة سياسية شرعية منذ سيطرتها على قطاع غزة في عام 2007، إلّا أن الحركة لم تتوقف قط عن تنفيذ أعمال عنف سعياً لتحقيق أهدافها وهي: إنشاء دولة فلسطينية تحكمها الشريعة الإسلامية وتتولى فيها "حماس" السلطة، والقضاء على دولة إسرائيل. ولكن قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، استهدفت هجمات "حماس" بشكل عام البالغين (الذين تعتبرهم الحركة أهدافاً مشروعة بسبب القوانين العسكرية الإسرائيلية) أو استهدفت المدنيين بشكل عشوائي من خلال الهجمات الصاروخية أو التفجيرات الانتحارية.
بالإضافة إلى ذلك، في حين أن الحركة احتجزت رهائن في السابق، إلّا أنها كانت تستهدف عادةً الرجال البالغين. ومن بين هؤلاء هشام السيد، وهو مدني عبَر إلى غزة وشوهد على قيد الحياة للمرة الأخيرة في حزيران/يونيو 2022 في حالة صحية سيئة، وجلعاد شاليط، الجندي الذي تم أسره في عام 2006 وأُطلق سراحه في عملية تبادل أسرى بين "حماس" وإسرائيل في عام 2011 مقابل حوالي 1000 أسير في السجون الإسرائيلية. وبالتالي، يرى الباحثون وواضعو السياسات - ومن بينهم كاتبة هذه السطور - أن حجم هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر ونطاقها، وتحديداً استهدافها الجماعي للأطفال وكبار السن، يشكل نقطة تحول رئيسية في استراتيجية "حماس".
ورفض زعيم "حماس" خالد مشعل الاتهام بأن جماعته هاجمت مدنيين، كما أصر نائب الأمين العام للحركة صالح العاروري على أن الجماعة لم تستهدف مدنيين، بقوله: "الحقيقة هي أن مجاهدينا لا يستهدفون المدنيين. ولا يُعقل أن يرتكبوا مثل هذه الجرائم التي يتحدث عنها الاحتلال، مثل الاغتصاب أو قتل الأطفال أو قتل المدنيين".
ومع ذلك، هناك أدلة واضحة ودامغة على أن الهجمات التي قادتها "حماس" اتركبت مثل هذه الجرائم على وجه التحديد، كما توثق اللقطات الأولية التي صوّرتها الكاميرات المثبّتة على ثياب عناصر الحركة، و"دليل الاختطاف" الذي عُثر عليه والذي يوضح بالتفصيل كيفية أخذ الرهائن المدنيين، ووثائق أخرى تضمنت خرائط لأهداف مدنية - مثل المدارس والمراكز الاجتماعية - وتعليمات تقضي بـ"قتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص" و"القبض على الرهائن".
وتم أيضاً تأكيد الاستراتيجية الوحشية التي تبنتها "حماس" من خلال شهادات الرهينة يوشيفيد ليفشيتز، التي تم الإفراج عنها مؤخراً. وبالإضافة إلى حديثها عن تعرضها للضرب، أشارت ليفشيتز إلى أن الخاطفين كان لديهم ما يكفي من الحصص التموينية لرهائنهم، وحتى الإمدادات مثل الشامبو. وقد يشير ذلك إلى استعداد "حماس" لمواجهة طويلة الأمد، وليس اهتمامها بمعاملة الرهائن بشكل جيد. وتجدر الإشارة إلى أننا لا نعرف كيف تُعامل "حماس" الأفراد والجنود في سن الخدمة العسكرية.
وحتى كتابة هذه السطور، أطلقت "حماس" سراح أربع رهائن جميعهن نساء، ومن بينهن مواطنتان أمريكيتان تم إطلاق سراحهما في 20 تشرين الأول/أكتوبر، وإمرأتان إسرائيليتان مسنتان تم إطلاق سراحهما في 23 تشرين الأول/أكتوبر "لأسباب إنسانية قاهرة". كما أنقذت إسرائيل أيضاً جندية في الجيش الإسرائيلي في 30 تشرين الأول/أكتوبر. فضلاً عن ذلك، أشار مقطعا الفيديو اللذان نشرتهما حتى الآن "حماس" كدليل على الحياة إلى وجود نساء بين الرهائن. وبينما كانت تجري مناقشات بشأن إطلاق سراح 50 رهينة إضافية، توقفت المحادثات على ما يبدو بعد أن طلبت "حماس" تسليم المزيد من الوقود إلى قطاع غزة، وهي مسألة تعتبرها الحكومة الإسرائيلية غير قابلة للتفاوض.
ولا تزال "حماس" تحتجز أكثر من 200 رهينة، وهناك الكثير من الأسئلة حول المرحلة الأخيرة من خطة الحركة. وكما سبقت الإشارة، تترتب عن حجم أزمة الرهائن آثار نفسية، على الصعيدين المحلي والدولي. كما أن الحركة ليست الجماعة الوحيدة التي تحتجز أسرى، حيث يتم احتجاز رهائن بشكل منفصل عبر "شبكة عنكبوتية" من الأنفاق الممتدة تحت قطاع غزة.
ويبدو أن استراتيجية "حماس" تركز على إطلاق سراح المواطنين الأجانب ومزدوجي الجنسية والحالات الإنسانية، في محاولة واضحة لكسب الدعم الشعبي. وتدرك هذه الحركة تماماً أهمية صورتها العامة. ويخشى الكثيرون أنه بينما سيتم إطلاق سراح المزيد من الرهائن، إلّا أن "حماس" ستسمر في احتجاز الأفراد الذين يحملون جوازات سفر إسرائيلية فقط.
وكلّما طال أمد قدرة "حماس" على مواصلة المفاوضات بشأن الرهائن، كلّما طال أمد بقاء إسرائيل معرضة لضغوط محلية ودولية لحملها على تأخير عمليتها البرية في غزة أو على الأقل حصرها. لكن هناك تكاليف معينة تترتب عن إطالة أمد القتال في غزة. فـ"حماس" تستنزف قادتها ومعداتها وأفرادها، وفقدت عدداً من كبار قادتها من جراء الحملة الجوية الإسرائيلية. وقد تعمد الحركة أيضاً إلى تصعيد تكتيكاتها مع تقدم التوغل البري الكامل، بما في ذلك الوفاء بوعدها بنشر لقطات لعمليات إعدام الرهائن، على الرغم من أن ذلك قد يعيق محاولتها للحصول على الدعم الشعبي. وأوضحت "حماس" أيضاً أنها تأمل في استخدام الرهائن لديها في عمليات تبادل أسرى مع مؤيديها في السجون الإسرائيلية، وهو تكتيك نجح في الماضي بالنسبة للحركة.
كيف سيتم إعادة الرهائن بشكل آمن؟ وما الذي يمكن أن تحصل عليه "حماس" في المقابل؟ يمكن تأكيد نقطة واحدة واضحة، وهي أن القرار الذي اتخذته "حماس" بشن هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر واحتجاز رهائن مدنيين قد بدد أي أوهام بشأن شرعية الحركة.
ديفورا مارغولين هي "زميلة بلومنشتاين-روزنبلوم" في معهد واشنطن. وتم نشر هذه المقالة في الأصل على موقع "إم اس ان بي سي".