- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
كيف تخطّط إيران لتدمير إسرائيل
فيما يلي مقتطفات من محصلة المقال. لقراءة النص الكامل، بإمكانك تحميل ملف الـ "پي.دي.إف" باللغة الانكليزية..
تنظر الجمهورية الإسلامية إلى التزامها بتدمير إسرائيل كمشروع طويل الأمد يتطلب تحوّلاتٍ كبرى في المشهد السياسي الإقليمي. وفي حين تحافظ إيران، لأسبابٍ بديهية، على قدرٍ كبير من الغموض بشأن دورها المباشر في مواجهةٍ حاسمة مع إسرائيل، تؤكّد طهران على جهودها الجارية الرامية إلى تحسين قدرات حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية والسورية لمواجهة إسرائيل. أمّا الهدف الرئيس والفوري، فيكمن في تحويل الضفة الغربية إلى قاعدةٍ صلبة للعمليات العسكرية. ومن الواضح أنّ الإيرانيين يدركون جيّداً أنّ إسرائيل مصمّمةٌ على منع الجماعات المعادية من بسط سيطرتها على الضفة الغربية. وفي الوقت نفسه يدرك الإيرانيون، على الرغم من استثماراتهم الهائلة في «حزب الله»، أنّه ليس مُتوَقّعاً منه أن يشنّ حرباً "نهائية" ضدّ إسرائيل، وخاصة عندما ينفق الحزب معظم دمه وأمواله مقاتلاً ومقتولاً في سوريا.
ويعكف الإيرانيون على تعزيز نفوذهم في العالم العربي، واضعين نصب أعينهم إقامة ارتباطٍ برّي بين إيران والبحر الأبيض المتوسّط عبر العراق وسوريا ولبنان. ومن شأن مثل هذا الارتباط، بمجرد أن يتمّ تأمينه، أن لا يسمح لإيران زيادة حركات المقاومة مع الميليشيات العراقية والسورية قوّةً، فضلاً عن المتطوعين من أفغانستان البعيدة فحسب، بل أيضاً تدشين الطريق نحو اصطفاف القوّات الإيرانية في نهاية المطاف على خطوط المواجهة، وتحديداً في الجولان. فتبخْترُ الجنرالات الإيرانيين في تلك المنطقة في الآونة الأخيرة (ومصرعهم المفاجئ أحياناً) ليس من دون مبرّرٍ.
وبالنسبة إلى الولايات المتّحدة، التي تريد أن تتجنّب حرباً بين إيران وإسرائيل في النهاية، ينبغي أن تكون أولويتها الرئيسية منع إنشاء هذا الممرّ البرّي. ويتطلّب ذلك بذل المزيد من الجهود لتعزيز الحكومة في بغداد والحدّ من قوّة الميليشيات الشيعية الفاعلة في العراق والتي تقودها إيران. كما أن مساعدة الجيش العراقي على تأمين سيطرةٍ فعّالة على محافظة الأنبار هو أمراً حاسماً أيضاً، ولكنّ ذلك، كما ثبت في الآونة الأخيرة، ليس بالأمر السهل.
كذلك، ينبغي أن يبقى إضعاف نظام الأسد والإطاحة به في نهاية المطاف أولويةً قصوى للولايات المتحدة، على الرغم من الإغراء المتمثّل بشطب دمشق من لائحة التهديدات نظراً إلى الخطر الذي يمثّله تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») /«الدولة الإسلامية». وسوف يتعرّض التخطيط الاستراتيجي الإيراني لضربةٍ قاسية إذا ما تمّ إسقاط نظام الأسد، وإذا لم تعد سوريا تمثل حليفاً لـ «حزب الله» وقاعدة للإمدادات الإيرانية. وتوفّر النكسات الأخيرة التي مُنيت بها القوّات الموالية للأسد فرصةً لزيادة الضغط العسكري على النظام والجهات الإيرانية الراعية له. وفي هذا الصدد، يُعدّ الجنوب السوري المنطقة الأكثر وعداً بتحقيق تقدّم المتمرّدين نحو دمشق، فقد تمكّنت مجموعاتٌ من ميليشيات المتمرّدين هناك من صدّ الهجوم المضاد الذي شنّه النظام، والمحافَظة على مواقع لها قريبة من ريف دمشق الجنوبي. وكما أعلنها نصرالله صراحة في أيّار/مايو، فإن سقوط الأسد وحلفائه الإيرانيين يعني "سقوط «حزب الله» أيضاً"، إذ ستتمّ محاصرته في جيبٍ صغير داخل لبنان.
وبطبيعة الحال، لا بدّ من مساعدة الأردن في جهوده لإحباط الأنشطة الإيرانية الرامية إلى النيل من المملكة وتجنيد الفلسطينيين المحليين وسكّان شرق الأردن بموازاة أطول الحدود لإسرائيل. وبالفعل، من شأن استقرار الأردن الهشّ أن يزداد سوءاً بفعل الهيمنة الإيرانية على سوريا المجاورة والعراق. وحتى الآن، أبدت إيران حذرها في جهودها لتأمين أتباعٍ وموطئ قدمٍ لها في الأردن، غير أنّ قلّةً تشكّ في أنّ طهران تعتبر المملكة الهاشمية منطقة انطلاقٍ مهمّة في عملياتها المستقبلية ضدّ إسرائيل.
وأخيراً، يُعدّ منع إيران من امتلاك أسلحةٍ نووية ضرورةً مُلحّةً للغاية، ولا يحتاج المرء هنا إلّا ليتذكُّر التصريح السافر الذي أدلى به رئيس الجمهورية السابق هاشمي رفسنجاني في يوم القدس، 14 كانون الأول/ديسمبر 2001، إذ قال: "إذ دُجِّج العالم الإسلامي يوماً ما بأسلحةٍ كتلك التي تمتلكها إسرائيل الآن، فإنّ استراتيجية الإمبرياليين ستصل إلى طريق مسدود، لأنّ استخدام قنبلةٍ نووية واحدة فقط داخل إسرائيل كفيلٌ بتدمير كلّ شيء. ومع ذلك، فإنه لن يلحق الضرر إلّا بالعالم الإسلامي، وليس من غير العقلاني التفكير في مثل هذا الاحتمال."
ومنذ ذلك الحين، لم يتكرّر مثل هذا التصريح، نظراً إلى نفي إيران المستمر حول سعيها إلى امتلاك سلاحٍ نووي. ومع ذلك، أثار تصريح رفسنجاني تحذيرات فلسطينية - بما في ذلك من قبل زعيم «حماس» خالد مشعل - من أنّ إيران ينبغي أن تأخذ في عين الاعتبار أنّه ليس فقط الإسرائيليين، ولكن العديد من الفلسطينيين قد يلقون مصرعهم في قصفٍ نووي يستهدف إسرائيل.
وأيّاً تكن المخاطر، فإن القنابل النووية ستعزّز ادعاء إيران بالهيمنة في المنطقة وستشجّع قادتها على انتهاج سياساتٍ أكثر عدوانيةً وميلاً إلى المغامرة فيما يتعلّق بإسرائيل. وسيُعزّز هذه السياسات ائتلافٌ من الجماعات الإرهابية، المُدجّجة بآلاف الصواريخ الحديثة والعاملة تحت مظلّةٍ نووية. ينبغي على المرء أن يفترض أنّ إسرائيل، إذا ما خلصت إلى أنّ مثل هذا التهديد بات وشيكاً، ستجد نفسها مضطرّةً إلى اللجوء إلى الخيار الوحيد المتوفّر، أي توجيه ضربةٍ عسكرية استباقية من شأنها أن تؤدّي إلى مواجهة واسعة النطاق.
لابدّ ،إذاً، من إبقاء إيران بعيدةً عن امتلاك الأسلحة النووية، وفي الوقت نفسه بعيدةً قدر الإمكان من حدود إسرائيل، إذا ما أرادت الولايات المتّحدة وحلفاؤها تجنّب وقوع مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل. من هنا، فإن الاتفاق النووي بين إيران و«مجموعة الخمسة زائد واحد» قد يمنع إيران من تحقيق اختراقٍ في هذا المضمار لمدة عشر سنوات أو نحو ذلك، لكنّه سيسمح لها في الوقت نفسه بتحسين سعيها إلى امتلاك خيارات تسليحٍ مختلفة، بمجرّد اتخاذ قرار للمضي قدماً في هذا السيناريو.
وفي غضون ذلك، ينبغي توجيه الجهود نحو الحدّ من مسعى إيران إلى توسيع "جدار المقاومة" حول إسرائيل، وهذا لا يتطلّب فقط اعتماد تدابير إسرائيلية لعزل الضفة الغربية من الاختراق الإيراني وإحباط محاولات تشكيل جبهةٍ جديدة في الجولان، بل أيضاً جهوداً حثيثة تقودها الولايات المتّحدة، مع الحلفاء الإقليميين، للحيلولة دون تحقيق نصرٍ إيراني في سوريا وكبح الهيمنة الإيرانية في العراق. لذلك، هناك ارتباطٌ مباشر بين المعركة للسيطرة على بلاد الشام وخطر وقوع حرب بين إيران وإسرائيل. ومن المؤكّد أنّ بروز "هلالٍ شيعي" تقوده إيران، وهو الوصف الذي استخدمه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني للمرّة الأولى، سوف يُحيي بالتأكيد قَسَم الجمهورية الاسلامية بتدمير إسرائيل.
إهود يعاري هو زميل "ليفر إنترناشيونال" في معهد واشنطن ومعلق لشؤون الشرق الأوسط في القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي.
"أمريكان إنترست"