- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
كيف يمكن أن تردّ طهران على إدراج «الحرس الثوري الإسلامي» على قائمة الإرهاب؟
أدرجت الولايات المتحدة «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" في خطوة شكّلت أحدث بوادر سياسة "الضغط الأقصى" التي تمارسها الولايات المتحدة ضد إيران. وبما أن طهران اعتادت المعاملة بالمثل ولطالما جابهت التحديات التي تلمسها بردود مشابهة، استخدمت المنطق نفسه في هذه الحالة أيضاً حيث "صنّفت" القيادة المركزية الأمريكية و"فروعها" بالمنظمة الإرهابية، وذلك ردّاً على الخطوة الأمريكية. ولكن طهران قد تذهب إلى أبعد من مجرد "تصنيف" الجيش الأمريكي على قائمة الإرهاب، وقد تحاول الرد بأساليب أخرى لها وقعٌ ملموس أكثر على المصالح الأمريكية.
طالما أن طهران ملتزمة بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة" التي أُقرّت عام 2015، سيبقى ردّها على الضغوط الأمريكية في المجال النووي مقيّداً. ولكن تتوفر أمامها خيارات أخرى في مجالات أخرى حيث يمكنها اللجوء إلى الآتي:
- تصعيد أعمال اعتقال وسجن المواطنين الأمريكيين والمواطنين ذوي الجنسية المزدوجة (التي استؤنفت في مطلع العام 2017).
- تسريع وتيرة اغتيال المعارضين في أوروبا (التي استؤنفت في العام 2015 بعد توقّفٍ دام لعقود، ثم تسارعت في العامَين 2017 و2018) - وقد يتأتى عن ذلك منفعة إضافية هي عرقلة المخططات الأمريكية المتصوَّرة لتغيير النظام.
- رفع معدل اختبار الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى ومعدل استخدامها في العمليات (وهما أمران توقّفا نوعاً ما خلال المفاوضات النووية ثم استُؤنفا من بعدها).
- استئناف مضايقة الأساطيل البحرية الأمريكية المتواجدة في خليج فارس (التي توقفت إلى حد كبير في منتصف العام 2017).
- عرقلة حركة المرور البحرية في مضيق هرمز (وهو أمر هددت به إيران إذا لم يعد بوسعها تصدير النفط – ولكن يُستبعد أن تقوم به طالما أنها تصدّر النفط وتستورد البضائع عبر المضيق).
- مواصلة عملياتها السيبرانية المعرقلة ضد الولايات المتحدة (بعد توقّفها عندما بدأت المفاوضات النووية تحرز التقدم عام 2013 مع أن التجسس السيبراني لم ينقطع).
- استخدام وكلائها المسلّحين في العراق (أو أي مكان آخر) لتجديد الاعتداءات على العناصر الأمريكيين بعد أن كانت متوقفة منذ انسحاب الجيوش الأمريكية من العراق عام 2011 (أطلق وكلاء إيران الصواريخ على المنشآت الدبلوماسية الأمريكية في البصرة في أواخر العام 2018، ما دفع الولايات المتحدة إلى إغلاق قنصليتها هناك).
والواقع أن الأعمال السابق سردها والتي نفّذتها إيران منذ إبرام الاتفاق النووي عام 2015 تشير إلى أن إيران سبق وبدأت بالتصدي لسياسة "الضغط الأقصى" الأمريكية. لكن السؤال هو كيف ستردّ على خطوةٍ - أي تصنيف «الحرس الثوري الإسلامي» كمنظمة إرهابية أجنبية - يُستبعد أن تترك أثراً كبيراً على منظمة واقتصاد يرزحان أصلاً تحت وطأة عقوبات ثقيلة؟ يبدو أن الأثر المحدود للخطوة الأمريكية الأخيرة يثبت أن الرد سيكون مكتوماً أكثر منه درامياً. أضف إلى ذلك أن الكثير من خيارات الرد ترتبط ارتباطاً ضعيفاً بتصنيف «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب، وهذا ما يؤدي على الأرجح إلى استبعادها. فاعتقال المزيد من المواطنين الأمريكيين وإجراء سلسلة من اختبارات الصواريخ وتجديد أعمال المضايقة ضد السفن الأمريكية في الخليج ما هي إلا خيارات متدنية الخطورة تستطيع إيران اللجوء إليها للرد على هذه الخطوة. ولكنها ستتصرف بحذرٍ أكبر في ما يخص تجديد التهديدات الفتاكة ضد العناصر الأمريكيين في المنطقة، لأن الولايات المتحدة هي خصم قوي ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته كما أنه يملك القدرة على إلحاق ضرر كبير بها. ومن المستبعد أن يؤدي تصنيف «الحرس الثوري» إلى تغيير هذا الجانب من حسابات طهران عند الرد على التصنيف الأمريكي.
مع ذلك، قد يفضّل بعض أفراد «الحرس الثوري» ردّ الضربة للولايات المتحدة. إذ يدرك بعض المتشددين أن الرئيس دونالد ترامب يبحث عن سبب لسحب الولايات المتحدة من المنطقة، ويعتبرون أن كل كلامه عن مواجهة إيران بالطرق العسكرية ما هو إلا مخادعة. وقد يجادلون بأن طهران سترعى هجوماً على الجنود الأمريكيين مشابهاً لتفجير ثكنة مشاة البحرية الأمريكية في بيروت (عام 1983) أو تفجير أبراج الخبر في المملكة العربية السعودية (1996) لإعطاء الولايات المتحدة الدفع الأخير الذي تحتاجه لمغادرة المنطقة. من هنا، وبينما تطبّق واشنطن "الضغط الأقصى" على إيران، لا بد أن تبقي هذا الأمر في الحسبان وأن تهتم وتراقب باستمرار آلية ردعها في المنطقة من أجل التأثير على حسابات طهران وتفادي هذه العاقبة.
مايكل آيزنشتات هو زميل "كاهن" ومدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن.
"إيران برايمر"