- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
كيف يُطارد ترامب «حزب الله» في الفناء الخلفي للولايات المتحدة
تسعى إدارة ترامب بشدة إلى مواجهة ما يشير إليه مجتمع الاستخبارات في كثير من الأحيان على أنه "شبكة التهديد الإيرانية". وكجزء من هذه الحملة، تحرص الإدارة الأمريكية بشكلٍ خاص على التركيز على أنشطة «حزب الله» - المليشيا اللبنانية الموالية لإيران - في أمريكا اللاتينية. واليوم، تؤكد تطورات جديدة في قضية قديمة تتعلق بـ «حزب الله» وتعود إلى عام 1994 على أهمية الحد من أثر الحزب في المنطقة.
ففي 19 يوليو/تموز 1994، بعد يوم من قيام «حزب الله» بتفجير "مركز الجالية اليهودية" في مدينة بوينس آيرس، أرسل الحزب انتحارياً لتفجير نفسه على متن طائرة "ألاس شيريكاناس"، وهي طائرة ركاب بنمية تحمل ركاباً يهود بمعظمها، بمن فيهم عدة أمريكيين. وقبعت القضية لسنوات، ولكن، يبدو أن "مكتب التحقيقات الفدرالي" الأمريكي قد جمع مؤخراً معلومات جديدة من المرجح أن تشكل، إلى جانب الأدلة المستقاة من تحقيقات حالية أخرى، أساساً لمجموعة متنوعة من الإجراءات التي تستهدف «حزب الله»، الذي يُعتبر العنصر الأساس في "شبكة التهديد الإيرانية" وأقوى الجماعات التي تعمل لحساب إيران.
ولكن التحركات الأخيرة التي قام بها «حزب الله» في أمريكا اللاتينية هي مسألة تهم المحققين أيضاً. ففي تشرين الأول/أكتوبر، أسفر التحقيق الذي أجراه "مكتب التحقيقات الفدرالي" وشرطة نيويورك عن اعتقال شخصَين يُدّعى أنهما يتصرفان باسم «منظمة الجهاد الإسلامي»، التي هي الجناح الإرهابي لـ «حزب الله». ووفقاً لبيان لوزارة العدل الأمريكية، أنه بناءً على تعليمات مدراء في «حزب الله»، يُقال إن شخصاً "قام ببعثات في بنما لتحديد موقع السفارتين الأمريكية والإسرائيلية ولتقييم نقاط ضعف قناة بنما والسفن في القناة"، ويُدّعى أن شخصاً آخر "قام بمراقبة أهداف محتملة في أمريكا، بما في ذلك مرافق عسكرية وأخرى لإنفاذ القانون في مدينة نيويورك". وفي أعقاب هذه الاعتقالات، حذر مدير "المركز الوطني لمكافحة الإرهاب" في الولايات المتحدة من أن "تقييمنا هو أن «حزب الله» مصمم على إعطاء نفسه خياراً وطنياً محتملاً كعنصر حاسم ضمن خططه الإرهابية، ونحن في مجتمع مكافحة الارهاب نأخذ ذلك بجدية بالغة". وأضاف أحد المسؤولين أن هذه الحالات "من المحتمل أن تكون غيض من فيض".
إنّ حملة الإدارة الأمريكية لمكافحة «حزب الله» هي جهد مشترك بين الوكالات يشمل الاستفادة من الأدوات الدبلوماسية والاستخباراتية والمالية وتلك المتعلّقة بإنفاذ القانون من أجل كشف وتعطيل أنشطة الخدمات اللوجستية، وأنشطة جمع الأموال، والأنشطة التنفيذية التي تقوم بها إيران، و«فيلق القدس» ولقائمة طويلة من الجماعات التي تعمل لحساب إيران ابتداءاً من «حزب الله» اللبناني ووصولاً إلى ميليشيات شيعية أخرى في العراق وأماكن أخرى. ولكن على حد قول منسق وزارة الخارجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب، السفير نيثن سيل، تشكل "مواجهة «حزب الله» أولوية قصوى لإدارة ترامب". ومنذ توليها مهام منصبها، اتخذت هذه الإدارة سلسلة من الإجراءات ضد «حزب الله» على وجه الخصوص، من بينها قرارات الاتهام وعمليات تسليم المجرمين والبيانات العامة والمكافآت للحصول على معلومات عن القادة الإرهابيين المطلوبين التابعين لـ «حزب الله». ويشير المسؤولون إلى أنه من المتوقع اتخاذ المزيد من الإجراءات وخاصةً في أمريكا اللاتينية. وقد سنّ الكونغرس الأمريكي سلسلة من مشاريع القوانين التي تستهدف «حزب الله» أيضاً. وأوضح مسؤول في الإدارة الأمريكية نقلاً عن صحيفة "بوليتيكو"، أن الهدف هو "فضحهم من خلال سلوكهم". وتتمثل الفكرة في أنّه لا يمكن لـ «حزب الله» أن يدّعي أنه فاعل شرعي حتى ولو ينخرط في قائمة طويلة من الأنشطة غير المشروعة التي تقوض الاستقرار في الداخل في لبنان، وفي جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وحول العالم.
ومن أجل دعم هذه السياسة، أصدرت الإدارة الأمريكية طلباً كبيراً للمعلومات تطلب فيه من الوزارات والوكالات أن تجوب ملفاتها وتجمع معلومات جديدة يمكن استخدامها لتحديد الأهداف ويمكن أن تساعد في توجيه وإبلاغ تنفيذ الإجراءات المقبلة. وعلى الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان ذلك نتيجة لطلب هذه المعلومات، يبدو أنه تم الكشف عن معلومات جديدة كما اتضح مؤخراً في نشرة "البحث عن المعلومات" لـ "مكتب التحقيقات الفدرالي" التي قليلاً ما تحظى بالاهتمام والصادرة عن "مكتب ميامي الميداني".
أمّا موضوع النشرة فكان عن المُفجّر علي حوا جمال الذي قُتل في هجوم "ألاس شيريكاناس". ففي اعقاب الحادث، تعرّفت أسر الركاب والطاقم على جميع الجثث باستثناء جثة واحدة. ووفقاً لنشرة "مكتب التحقيقات الفدرالي"، "قد يكون قد تم التعرف" على تلك الجثة التي كانت مشوّهة بشدة بطرق تتوافق مع التفجير الانتحاري "على أنّها تابعة لعلي حوا جمال". وجاء طلب المعلومات في الوقت المناسب تماماً، حيث أن السلطات تبحث بنشاط عن شركائه الذين لا يزالون على قيد الحياة. وما هو جديد، على ما يبدو، هو معرفة هذا الاسم الحقيقي لمنفذ التفجير التابع لـ «حزب الله». فحتى الآن، لم تكن السلطات تعرف سوى الاسم الذي يظهر على بطاقة الهوية المزورة التي استخدمها لشراء تذكرة سفره للرحلة التي تحطمت فيها الطائرة، وهو جمال ليا. والآن، بعد معرفة هويته الحقيقية، تطلب السلطات تزويدها بمعلومات يمكن أن تقودها إلى شبكة الدعم المحلية في أمريكا اللاتينية التي ساعدته على تنفيذ خطته كما يُفترض. وأشارت نشرة "مكتب التحقيات الفدرالي" الى أن "أطرافاً إضافية قد تكون قد ساعدت جمال في عملية التفجير".
وكانت طائرة «الرحلة رقم 00901»، وهي طائرة ركاب من طراز "إمبراير" ذات محركين تُشغّلها شركة "ألاس شيريكاناس ايرلاينز"، قد انفجرت بعد وقت قصير من إقلاعها من كولون في طريقها إلى مدينة بنما. وكان معظم الركاب، الذين بلغ عددهم 21 راكباً وطاقماً، رجال أعمال يعملون في "منطقة كولون للتجارة الحرة"، وقد قتلوا جميعهم على الفور. والمثير للدهشة، نظراً إلى صغر حجم الجالية اليهودية في بنما (حوالي 8000 شخص)، أن 12 من الركاب الـ 18 كانوا من اليهود، من بينهم أربعة إسرائيليين وثلاثة أمريكيين. وحيث وقعت هذه الحادثة في أعقاب تفجير مبنى "الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية" في بوينس آيرس، كان المجتمع اليهودي المحلي يشهد مستوى كبيراً من التوتر. وأشار أحد قادة المجتمع اليهودي في ذلك الوقت، "كنا جميعاً نعرف شخصاً ما على متن الطائرة، أو كنا على صلة قرابة بشخصٍ على متن الرحلة". وقد تأكدت مخاوفهم سريعاً عندما أعلن رئيس بنما المنتخب أنّ التحطم "لم يكن حادثاً بل قنبلة زرعت داخل الطائرة". وحدد المحققون لاحقاً أن منفذ التفجير راقب الرحلة قبل تنفيذ عمليته التفجيرية، وشمل ذلك سفره في خط هذه الرحلة عدة مرات، ربما لاختبار مستوى الأمن واختيار المقعد الأمثل لتنفيذ التفجير وبالتالي ضمان الوقع الأكبر لجهاز التفجير الذي استعمله.
وفي غضون أيام، أعلن «حزب الله» مسؤوليته عن تفجير مبنى "الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية" وتفجير طائرة الخطوط الجوية البنمية في منشور وُزع في مدينة صيدا الساحلية اللبنانية. وجاء الإعلان عن تبني الإنفجارَين تحت اسم «أنصار الله». وقالت السلطات الأرجنتينية إن "«أنصار الله» كان أحد الأسماء الوهمية الكثيرة التي كان يستعملها «حزب الله» لتبني هجماته". ومع ذلك، وعلى الرغم من تبني المسؤولية وغيرها من الأدلة الظرفية التي تشير إلى «حزب الله»، لم تكن السلطات متأكدة بعد.
ويشير التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب الدولي لعام 1994 إلى أن «حزب الله» كان المشتبه فيه الرئيسي وراء تفجير مبنى "الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية"، ويُضيف أنه مع إسقاط طائرة «الرحلة رقم 00901»، "أثارت هذه الهجمات مخاوف بشأن الوجود المُعلن لعناصر من «حزب الله» في أمريكا اللاتينية، وخاصةٍ في منطقة الحدود الثلاثية حيث تلتقي أراضي البرازيل والأرجنتين والباراغواي". ووفقاً لـ تقرير "مكتب التحقيقات الفدرالي" الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 1994، كان "يُشتبه بشدة" أنّ تفجيرَي مبنى "الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية" وطائرة بنما، فضلاً عن انفجارَين آخرَين في لندن في 26 و27 تموز/يوليو (قرب أهداف إسرائيلية)، كانت جميعها "مرتكبة من قبل «حزب الله»". وأشار "منسق وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون مكافحة الإرهاب" خلال شهادته أمام الكونغرس بعد عام، إلى تبني «أنصار الله» المسؤولية عن العمليَتين مضيفاً أنّ "الأدلة التى تمّ جمعها حتى الآن تشير الى أنّ التفجير قد يكون أيضاً عملية انتحارية قام بها «حزب الله»". واكتشف المحققون في أعقاب أدلة الهجوم على مبنى "الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية" وتفجير طائرة «الرحلة رقم 00901»، مؤامرات أخرى لـ «حزب الله» في المنطقة في الوقت نفسه تقريباً. وفي العام نفسه، اكتشفت الشرطة في أوروغواي عملية تهريب أسلحة يُديرها «حزب الله» لها علاقات مرتبطة بمنطقة الحدود الثلاثية، والتي تُعرف بأنّها مركز للنشاط الإجرامي و لـ"حزب الله" حضور كبير فيها. وفي آب/أغسطس التالي، ألقت الشرطة الباراغوية القبض على ثلاثة عناصر تابعين إلى "الخلية النائمة" لـ «حزب الله» لهم صلات محتملة بتفجير السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس عام 1992.
ولكن، بحلول عام 1996، أشارت الأدلة بشكلٍ أكثر تحديداً إلى دور «حزب الله» في تفجير "ألاس شيريكاناس". وفي أيار/مايو 1996، أطلقت البلدان الحدودية الثلاثة "قيادة ثلاثية للحدود الثلاثية" لتنسيق أجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات التابعة لها من أجل مكافحة الجريمة المنظمة والأنشطة الإرهابية في المنطقة. وفي الشهر التالي، أي قبل أيام قليلة من قيام عناصر «حزب الله» اللبناني، بمساعدة «حزب الله» السعودي ونشطاء إيرانيين، بتفجير مجمع "أبراج الخبر" السكني العسكري في المملكة العربية السعودية، أصدر "مكتب التحقيقات الفدرالي" نشرة تسعى إلى الحصول على معلومات حول تفجير طائرة «الرحلة رقم 00901»، واصفاً التفجير بأنه "جريمة قتل في الخارج"، وساعياً إلى الحصول على معلومات عن الانتحاري الذي "تمّ التعرف عليه مبدئياً" باسم جمال ليا، وهو الاسم الذي ظهر في قائمة المسافرين بالرحلة. ويبدو أن النشرة قد صدرت استجابةً لطلب من السلطات المحلية في المنطقة، وذلك على الأرجح بناءً على طلب من هذه "القيادة الثلاثية" الجديدة. وقالت النشرة "إن السلطات تبحث عن معلومات قد تتعلق بالمشتبه فيه/فيهم المحتمل/المحتملين وبالجريمة التي حصلت على متن هذه الرحلة".
وأوضح "مكتب التحقيقات الفدرالي" أنّ جمال ليا هو الرجل الذي "يشتبه فيه بحمل القنبلة على متن الطائرة" ووصفه بأنّه "رجل من الشرق الأوسط يتراوح عمره بين 25 و28 عاماً، ويبلغ طوله حوالي 179 سنتمتراً أمّا وزنه فيبلغ حوالي 72 كلغ". ووصفت النشرة أيضاً مظهره والملابس التي كان يرتديها يوم الهجوم، مضيفةً أنه لم يتكلم الإسبانية ولا الإنجليزية، ولكن ربما تكلم العربية. غير أنّ السلطات لم تكن متأكدة من ذلك، وقد يكون ذلك عرضاً للأمن التنفيذي، لأنه "استخدم إشارات اليد أو كتب ملاحظات لتوجيه التعليمات إلى الأشخاص".
وخلصت نشرة عام 1996 بربط الهجوم بحزم بـ «حزب الله» من دون تسمية هذه الجماعة تحديداً (ومن المحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى الحساسيات السياسية للبلدان المحلية تجاه أي اقتراح بأن جماعات مثل «حزب الله» تجمع الأموال أو نشطة داخل حدودها). وخلصت النشرة إلى أنّ إسقاط طائرة «الرحلة رقم 00901» وقع بعد يوم واحد من قيام "مجموعة أصولية إسلامية" بتفجير مبنى "الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية" في بوينس آيرس كما يُدعى. "ويشتبه أيضاً تورط هذه الجماعة في تفجير طائرة «الرحلة رقم 00901»".
وتتضمّن حالياً النشرة الجديدة المحدثة التي نُشرت على موقع "مكتب التحقيقات الفدرالي الميداني" في ميامي في أسبوع 30 تشرين الأول/أكتوبر 2017، الاسم الحقيقي للانتحاري وهو علي حوا جمال. وهي تكرّر الكثير من المعلومات الواردة في صيغة عام 1996، ولكنها تضيف بعض الحقائق الجديدة. وبالإضافة إلى اسمه، نعلم الآن أنّ جمال "عُرف أنه سافر إلى لبنان وفنزويلا وكولومبيا وبنما" - أي إلى كل الأماكن التي تمتد فيها شبكات "حزب الله". وتنتهي نشرة 2017 أيضاً بإشارة خفية إلى «حزب الله»، ولكنها تضيف الآن: "يشتبه في أن أطرافاً إضافية قد تكون قد ساعدت جمال في التفجير". إنّ المعلومات عن تلك "الأطراف الإضافية" وأنشطتها في دول مثل فنزويلا وكولومبيا وبنما هي التي ترمي إليها السلطات بالتأكيد في الوقت الحالي.
إن التركيز المتجدّد على وجود «حزب الله» وعملياته في أمريكا اللاتينية قد طال انتظاره. وكانت آخر محاولة إرهاب دولية لـ «حزب الله» قد جرت في بيرو، حيث وصل أحد عناصر «حزب الله» اللبناني، محمد أمادار، إلى تلك البلاد في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، وتزوج بعد أسبوعين من إمرأة تحمل الجنسيتين البيروفية والأمريكية. ولفتت هذه الصلة إلى الولايات المتحدة انتباه "مكتب التحقيقات الفدرالي الميداني" في ميامي. وبعد ذلك بفترة وجيزة، انتقل أمادار إلى البرازيل، وعاش في ساو باولو إلى أن عاد إلى ليما في تموز/يوليو 2014. وعندها، استجوبته وحدة مكافحة الإرهاب في بيرو لدى وصوله إلى المطار، ووضعته تحت المراقبة، وثمّ اعتقلته لتخطيطه هجمات على أهداف يهودية وإسرائيلية في تشرين الأول/أكتوبر من ذلك الشهر.
وفي الوقت الحاضر، يستثمر «حزب الله» بشكل كبير في عمليات في أمريكا الجنوبية. وقد تم ترقية أحد أبرز عناصر الحزب ممن دبّر عملية تفجير مبنى "الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية" وهو يشرف شخصياً على عمليات «حزب الله» في المنطقة. ووفقاً لمحقّقين إسرائيليين، كان سلمان الرضا (وذُكر أنّ إسمه الحقيقي هو سلمان رؤوف سلمان) المنسّق الميداني لتفجير مبنى "الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية". وبعد التفجير، فرّ رضا من المنطقة قبل أن تتّهمه السلطات الأرجنتينية بلعب دور في هذا الهجوم - ووضا هو مواطن لبناني - كولومبي مزدوج الجنسية عاش لفترات مختلفة في كولومبيا وبوينس آيرس وفي منطقة الحدود الثلاثية. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان رضا قد لعب أيضاً دوراً في تفجير طائرة «الرحلة رقم 00901».
إلّا أنه في السنوات التي أعقبت ذلك، كان رضا عنصراً ناشطاً في «منظّمة الجهاد الإسلامي» الخاصة بـ «حزب الله»، وكان ناشطاً بشكل خاص في التسعينيات في منطقتَي جنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية، وقد تضمّنت أعماله مجموعة من المهمات التنفيذية عام 1997 وثلاث زيارات إلى بنما وزيارتَين إلى كولومبيا وزيارة إلى البرازيل. وبعد اعتقال محمد أمادار في بيرو، أفادت التقارير إنه عرّف برضا على أنه منسّق في «حزب الله» عمل في السابق كمدير له؛ وقال إنه التقى به في ثلاث مناسبات مختلفة في تركيا من أجل التخطيط للعملية في بيرو.
وبينما يبقى رضا حراً طليقاً ويقود كما يُفترض عمليات «حزب الله» في المنطقة، فإن السلطات الأمريكية لديها سبب وجيه للقلق بشأن نشاطات هذه الجماعة في النصف الغربي من الكرة الأرضية. ومما يؤكد ذلك بالتأكيد اعتقال عناصر من "حزب الله" في ميشيغان ونيويورك متهمين بتحديد أهدافٍ في نيويورك وبنما. وتسلّط هذه الحالات الضوء على إصرار أجهزة الاستخبارات الأمريكية، وهو ما وضّحه مدير" المركز الوطني لمكافحة الإرهاب"، على أن مسار عمليات «حزب الله» الإرهابية الدولية لم تتغيّر منذ إبرام الاتفاق النووي الإيراني عام 2015. بمعنى آخر، ليس لدينا سبب للاعتقاد بأنّ «حزب الله» لن يشنّ هجمات جديدة في الفناء الخلفي للولايات المتحدة - خاصّة بعد زيادة حدّة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
ومن الواضح أنّ إدارة ترامب متلهّفة لمواجهة إيران وتعتبر «حزب الله» عميلاً أساسياً لطهران، ومشاركاً في عددٍ كبير من العمليات التي يصفها المسؤولون بـ "النشاطات الخبيثة" للنظام الإيراني. وتسعى إدارة ترامب في حملتها العلنية ضدّ «حزب الله» إلى تحقيق هدفين: أولاً، تعطيل الحملة المستمرة التي تقوم بها هذه الجماعة لجمع الأموال والخدمات اللوجستية والعمليات. ثانياً، التركيز على التباين بين العمليات الإرهابية والإجرامية التي تقوم بها الجماعة و"سعيها إلى تصوير نفسها على أنها حزب سياسي شرعي"، وفقاً لمدير "المركز الوطني لمكافحة الإرهاب"، نيكولاس راسموسين.
وقد وضّح راسموسين ما يجب أن نتوقّعه في المرحلة القادمة بقوله: "لقد رصدنا وسنواصل رصد نشاطات «حزب الله» عن كثب حول العالم وسنعمل بعزم ودأب على تعطيل أي محاولات لـ «حزب الله» للعمل داخل حدودنا." وما زال الرصد الدقيق مستمراً. وقد كشفت السلطات معلومات جديدة تتعلّق بدور الحزب في تفجير «الرحلة رقم 00901» لشركة الطيران "ألاس شيريكاناس"، ومن المؤكد أيضاً أنها ستكشف العمليات الأخيرة لـ «حزب الله». أما ما سيحدث في المرحلة التالية، فنتوقع بعض عمليات التعطيل العدوانية.
ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن.
"بوليتيكو"